جدي إمليحان يجيب كيري وينصح أردوغان !


جدي المرحوم، إمليحان، كان له زوجتان، الاولى جدتي من اصول بدوية من بني صخر، وهي الحاجة زهيا الصالح النابلسي من عرابة نابلس، والثانية ضرتها، الفلاحة من نفس عائلة جدي وهي الحاجة جميلة احمد العليان الحموري. امضيتا حين من الدهر في مناكفة دائمة حول المكتسبات والحضور في المشهد الكلي ! وذلك طبيعي في حياة الضراير. وكان لهن غرفتان "وكان يطلق على الغرفة العقد" متجاورتان في ديار جدي، والد امي الحاجة مشاخص وهي الابنة الصغرى من جدتي زهيا من اصل ابنتين. التنافس بينهما كان دوما على المكتسبات وربما على اثبات الذات. جدي كان يحب امي ويأخذ برأيها ويفخر بأبنائها ويودهم ما استطاع الى ذلك سبيلا، الحاجة جميلة لم تكن تود امي ولا خالتي مشخص، ولا امي ولا خالتي كانتا تودانها، برغم تواصلهن، بسبب التنافس على المكتسبات القليلة عن طريق جدي صاحب الصبر والحكمة كما كان يوصف من اقرانه ومن عاش في عصره. اكتسب جدي الحكمة والخبرة والروية من خدمته في الجيش التركي، ومن ذوات كبار صحبهم، من امثال على خلقي باشا الشرايري وحديثة الخريشا وإرفيفان المجالى ونسيبه وصهره الشيخ ابراهيم الصالح النابلسي، وغيرهم كثر من الحمكماء والشيوخ في عصره، الذي كان يجالسهم ويستمع الى احاديثهم في دواوينهم، ويحفظ الكثير من الطرائف، ليستخدمها عندما يستوجب ذلك المقام والمقال ! وكان لجدي ارض خصبة وفيها بركة السوكران شرقي البلدة التاريخية القديمة "بيت راس"في حي ام الغزلان، يزرعها في شيخوخته في الصيف بطيخ وشمام وقثاء وباميا وبندوره، ويحيطها بزراعة عباد الشمس من جوانبها الاربع. كانت امي رحمها الله ترسلني اليه حيث كنت ما بين السادسة والسابعة من عمري راكبا" حمارة عالية يقال لها الحمارة الخضراء -يمتلكها عمي الاصغر، المرحوم الحاج نواف الخلف، وكان يعلوها خرج- تبعثني اليه في وقت الظهيرة، في وقت تكون الحاجة جميلة في القيلوله بيتها، كي يزودني ببطيخ !

وكان جدي يعبء لي الخرج بالبطيخ ويكرمني شخصيا بعدد من اقراص عباد الشمس الناضجة. لكن جدي كان يتحسب للموقف وهو ان تلاقيني الحاجة جميلة، ضرة جدتي بالطريق، وتكشف المستور، فيطلب مني سلوك طريق بعيد نسبيا"، طريق التفافي من خلف الجنينة، التلة المرتفعة شرق منزلنا، كي اعود لمنزل والدي من الجهة الشمالية بدلا من الجنوبية ذات الطريق السالك القصير ! التي قد تأتي منه ضرة جدتي، ويعلق بسوآل وجواب وتقريع، هو في غنى عن مثله. وكان رحمه الله يخفي معالم وبواقي ما اعطاني من بطيخ وعباد الشمس بأن ينزع بيوت البطيخ من جذورها ويدفنها في التراب ويقلع سيقان عباد الشمس ويرميها بعيدا عن المكان، إدراء" للمسائلة والملامة وطمعا في هدوىء البال كي تستمر الحياة مع زوجته الشابة نسبيا التي تصغره بعقود. وحفظا على علاقته التاريخية مع زوجته البدوية، التي تزوجها بعد قصة عشق وهي ترعى اغنام اهلها في الجولان السوري المحتل حاليا".

لقد كان جدي إمليحان العلي الحموري رحمه الله واحسن مثواه رجل مجتمعي وسياسي ويتقن نظرية الامن الاسري بامتياز ويتحسب لكل المواقف بروية وتبصر.
★ وقياسا على نظريات جدي، اتمنى على ابنائنا الشرطيين ودورياتهم العاملة على الطرق العامة ان يتعلموا كيف يتدبروا امرهم في تفتيشهم للسيارات والمركبات ويعلموا ان من يريد ان يخفي شيئا" خطيرا على الامن لا يسلك الطريق العام ولكنه قد يسلك طرق بديله التفافية،. وبهذا، لو طبقت اجهزتنا الامنية التخفيف من تفتيشها وعدد دورياتها على الطرق المفتوحة الكبيرة والتركيز والإنتباه للطرق البديلة تكون الشرطة، وأن لا يختفوا تحت الاشجار وفي المنعطفات لمخالفة المركبات وان يستخدموا الرادارات في مواقع محددة مع اشارات وشواخص تحذيرية، كي يثبتوا للناس عمليا شعار الشرطة وهو الشرطة في خدمة الشعب. فلو طبقت نظرية جدي إمليحان صاحب الرأي والمشوره في سالف الايام لتفادينا الكثير من الحوادث المؤلمة. فقد كان رحمه الله يجبر ولا يكسر يحب الصغار ويعطف عليهم ويحدثهم ويودهم ويهاديهم ويحبهم، وكان بنفس الوقت يستمع للكبار ويستفيد من تجاربهم.
جدي كان يدرك اهمية الامن الناعم ويبعد كل البعد عن الصدام والاستفزاز وكان رحمه الله يقول دوما بالتركي "اللي يوقع لوحده لا يبكي" !
★ لو كان جدي ما يزال حيا" لنصح اردوغان الرئيس التركي وهو "رجب طيب" بقوله يا رجب طيب لا تلعب للنهاية لعبة شد الحبل مع الدب الروسي فالدب لا يؤمن الا بلغة القوة المفرطة ولن ينفعك طلاقة لسانك ولن يحميك ولا بلدك الغرب، فالسلطان التركي في ايامنا غير سلاطين الامس والقيصر الروسي هو قيصر الامس ذاته.
رحم الله اجدادنا وجداتنا وآبائنا وأمهاتنا فقد عاشوا دهرا وتصالحوا مع الواقع ...
★ولو كان جدي إمليحان على قيد الحياة لنصح كذلك اصحاب الامر والنهي في بلدنا الصغير بان لا يلعبوا لعبة الكبار ولا يستجيبوا ل "جون كيري" الوزير الامريكي وهو يقول امس لا بد من مشاركة قوات عربية وجيوش عربية في قتال الارهابيين على الارض السورية لهزيمة داعش واعتقد انه يقصد مشاركة جيشنا العربي الاردني ! فجيشنا هو جيش محترف لكنه محدود العدد والعدة ندخره ليحمى وطننا، وكان وما يزال معد لخدمة المجتمع وتحرير الارض في فلسطين أن لزم الأمر، وله رسالة وحدوية وهو جيش الشعب وان لا نزج جيشنا في حروب خارج حدودنا ! اما داعش فهي صنيعة ماكرة بفعل القوى الكبرى، ونتيجة لتشابك المصالح والفشل المخزي للسياسات الغربية على ارضنا وهي بالنتيجة تفيد الغرب والشرق ويستفيد منها لتحقيق مصالحه ونحن الضحية في الاقليم ارضا وامنا، وشعوبنا لا تسعى الا للعيش المشترك، والستر ونيل الحقوق المغتصبة مهما طال الزمان وتغيرت الحدود وتبدلت الاوطان.
رحم الله جدي إمليحان فقد كان يقرأ الممحي في مخيلته ويحتاط ويتحوط لما هو اعظم، والقادم اعظم "والله يجيرنا من الاعظم"



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات