بعض إعلامنا "بعين واحدة" وواقعة "غزوة النمل" في رفيديا كشفت عورتنا


جراسا -

خاص مراسلنا في رام الله - نهاد الطويل - ما زلت عاجزاً عن الإفاقة من هول الصدمة ذات صباح عندما استفقت على عناوين تناوبت على نشرها المواقع المحلية تتعلق بقضية المواطن الذي يرقد على سرير الشفاء في إحدى المستشفيات الحكومية الأصيلة في مدينة نابلس.

فتيل "القضية" اشعله أحدهم على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" حيث اندفع بالكتابة بـ"سطحية" كما يقول الكثيرون عن الشكوى التي وصلته من ابنة المريض والتي تؤكد فيها "ان ادارة المستشفى أهملت بمتابعة حالة والدها (وهذا قد يحصل) وان "النمل" يخرج من جسد والدها شافاه الله وعافاه.

الناشط كتب على صفحته: "في مستشفى رفيديا الحكومي والذي يعتبر مركزي في شمال الضفة الغربيه، تم ادخال مريض يبلغ من العمر 67 عاماً يعاني من السكري وعلى إثره تم بتر ساقه، الى هنا الوضع طبيعي، غير الطبيعي والخطير يكمن في العجز عن الحد من تبعات عملية بتر ساق المريض، حيث تروي إبنته وبمرارة وحسره وقهر حالة والدها وجسده الذي تحول الى (بيت نمل) حيث يخرج منه النمل وينتشر على مختلف أنحاء جسده ولا يحتمل الناظر النظر الى ...".

وكالعادة ولاننا لا نحسن التعامل مع المعلومات والروايات التي يقدمها اشخاص متضررين من سياسات او ممارسات ما،التقط احد "المحررين" في احد المواقع التعليق لينشر "مانشيت عريض" على موقعه : النمل يخرج من جسده بسبب الإهمال الطبي في احد مشافي نابلس" ...

وحتى هذه اللحظة لا زالت الرواية المنقوصة داخل مدينة نابلس، وكان بالامكان قبل ان يتم نشر "انصاف الحقائق" ان يكلف الناشر نفسه ويستخدم ادوات التقصي والتحري المتعارف عليها في مثل هذه الاحوال قبل ان يستند الى الروايات المنقوصة والتي انتشرت في المواقع المحلية كالنار في الهشيم وخلقت حالة من الجدل والنقاش البيزنطي على أثير اذاعاتنا وصفحات المواقع والتواصل الاجتماعي فالمستشفى ليس ببعيد. وهنا يبدو الامر طبيعيا في بلد تعيش فيه صناعة الاخبار حالة من التخبط بعد ان أضحى "الفيس بوك" مصدرا غير عادي لأخبار البعض وبعد أن باتت مهنة الصحافة والإعلام "مشاع" و"شوربة" وهذه معضلة اخرى وسبب في النتيجة السابقة.

الناشطون الذي أدخلوا أنفسهم في هذه"المعمعة" ارتكزوا كما يقولون على وثائق و"فيديو" "غنموه" من عائلة المريض، وهنا استمرت مواقعنا في قتل الحقيقة عبر عناوينها حيث خط احد المواقع عنوانا بنكهة التساؤل : " ما حقيقة "غزوة النمل" بمشفى رفيديا؟".

حقيقة "غزوة النمل" كما صورها البعض وكما عاينتها في الفيديو الذي سقطت عيناي عليه هي انه لا يوجد "غزوة نمل" ولا "دود " ولا ايضا "بيت نمل" وكل ما هنالك نملات ربما يصل عددها الى 3 وأظنها من صنف "النمل الفارسي" وربما دخلت من خلال منافذ الغرفة التي يرقد فيها المريض شافاه الله، أو بطريقة أخرى فهذا يحصل في منازلنا وان كان للمستشفى استثنائية خاصة وليس من المقبول تواجدها فيه.

وهنا جاء توضيح وزارة الصحة الذي لم يغفل او لم ينفي "تُرك شباك الغرفة مفتوحاً، ما أدى لدخول النمل إلى هذه الغرفة، وعندما لوحظ ذلك تم معالجة الأمر فوراً ونقل المريض إلى غرفة أخرى، وجرى تفقد كافة أقسام العناية المركزة ولم يتم العثور على آثار للنمل إلا في الغرفة المذكورة."

بالعودة الى الفيديو الذي لم ينشر بذريعة خصوصية المريض فإن الفيديو لم يكن بحجم الصورة والتهويل القلمي الذي ادعاه البعض ولم تصل المسألة الى ما يمكن أن اسميه بـ"ظاهرة النمل" او مشكلة النمل الذي وصفها البعض بـ"غزوة النمل".

كما أن النمل لم يخرج من جسد المريض أو شعره حفظه الله وشافاه كما صورت بعض المواقع.

بعض المواقع شطحت بعيدا فذهبت الى القول ان "الدود" يخرج من جرح المريض.. والحقيقة الواضحة التي عاينتها ولا ادعي انني خبير صورة او فيديو تنفي كل هذه الروايات الصادمة وغير المهنية.

وهنا نشير الى رواية وزارة الصحة في التوضيح الذي وصلنا: " لم يمس النمل جرح المريض، فلم يكن هناك أي تلوث في الجرح". وهو ما يؤكده الفيديو ايضا.

أخيرا .. لا أعفي وزارة الصحة من مسؤولياتها دوما والخطأ وارد والتقصير قد يحصل والمحاسبة مطلب شعبي.

لكن ما وقع به الناشطون في مجال الاعلام او بعض المحسوبين على الآلة الاعلامية الوطنية في معالجة هذه القضية قد تصل الى "الخطيئة" لأننا لم نحسن التعامل مع المعلومة او الفيديو لاعتبارات خاصة بمن صدمونا بالطريقة التي عولجت فيها "شكوى" عائلة المريض.

ففي الوقت الذي تصل فيه الحقيقة الى حضن الصحفي يقوم بقتلها ووأدها، والسبب قلة المعرفة والخبرة في التعامل مع المعلومة والاندفاع في مواجهة المعطيات الفضفاضة دون تحليلها ووضعها تحت المجهر وهذا هو الأخطر.

أخيرا لا يجب ان يكون إعلامنا تحت الطلب لذلك نحن لا نطبل، لا لمن يملك المسؤولية، ولا لمن يفتقدها .. نحن لا نريد ان ندعم الصديق ولا محاربة ما نعتبرهم خصوما لنا او اعداء "وطن" نحتفظ بأفكارنا واحاسيسنا بعيداً عند كل رغبة في النشر . نحن فضاء لنقاش موسع . و قد اجبرنا انفسنا على وضع مسافة كافية بيننا و بين جميع المسؤولين بإختلاف مناصبهم لكي لا يسقط قلمنا في الخطيئة كما سقط في "قصة نملات مشفى رفيديا". والله من وراء القصد.

"سكرين شوت عن عدد من المواقع التي نحترمها "...

 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات