الغارة التي شنتها المروحيات الامريكية مساء امس الاول على منطقة البوكمال السورية لا يمكن تفسيرها الا انها تأتي من باب البلطجة الامريكية ، والاستفزاز الذي تمارسه امريكا وحليفتها اسرائيل على بلد آمن مثل سوريا لدفعه الى الرد عسكريا من اجل اعطاء مبرر لها ولغيرها من الدول لتطبيق قرار محاسبة سوريا ومحاولة اجتياح الاراضي السورية عبر الحدود العراقية وايضا من خلال الغارات الاسرائيلية التي قد تنطلق من شمال فلسطين باتجاه الداخل السوري.

بالتأكيد فان امريكا وقبل ان تشن غارتها ستقوم بتجهيز "قائمة" مبررات لهذا الخرق الجوي السافر ، وهي بالفعل قد اعدته مسبقا وظهر امس على موقع "لبنان الان" عندما زعم مصدر عسكري امريكي ان هجوم المروحيات الامريكية على منطقة البوكمال في دير الزور استهدف ما اسماه "شبكة تابعة لتنظيم القاعدة على صلة بعمليات نقل لمقاتلين اجانب الى العراق عبر سوريا".

ما جرى يعد جريمة من الدرجة الاولى ضد مواطنين ابرياء واختراق لسيادة دولة مستقلة يجب الوقوف معها من خلال مطالبة هيئة الامم المتحدة بالتحرك باتجاه تشكيل لجنة تحقيق وادانة العملية لوقف الغطرسة الامريكية والاغتصاب الامريكي لسيادة حدود الدول العربية.

الموقف السوري تكرر ازاء الخروقات الامريكية لحدوده وخروقات الطائرات الاسرائيلية لاجوائه ، لكنه اتبع الاسلوب الديبلوماسي في الرد عبر استنكار وادانة هذه الافعال ومطالبة الامم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق في هذه الخروقات مع احتفاظ سوريا بالرد في المكان والزمان المناسبين ، وقد يقول قائل بان ردة الفعل السورية ليست كما يجب وانه كان على سوريا الرد بقوة السلاح واسقاط المروحيات الامريكية التي اخترقت اجواءها.. وانا اتفق مع من يحمل وجهة النظر هذه لكنني ضد الوقت لان الرد الان سيبدو مغامرة غير منطقية استنادا الى الاجواء التي تترصد بسوريا وتتربص لها اي زلة حتى ولو كانت ضمن اطار الشرعية الدولية في الدفاع عن حدودها واراضيها واجوائها.

اذا ... سوريا اتخذت في هذا الوقت خيار الرد الديبلوماسي لان الاجواء مشحونة بالكراهية ضدها ، لكنني اجزم بانها لن تنسى هذه الخروقات وهي لن تنسى دماء ابنائها الذين اهدرت دماؤهم امس الاول في منطقة "البوكمال".

لكن اللافت الذي لم يعلق عليه احد ان سوريا سبق ان تقدمت بشكوى رسمية لدى الامم المتحده ضد اسرائيل التي اجتاحت طائراتها الاجواء السورية لمرتين متتاليتين ولم تقم هيئة الامم بتحريك ساكن وهذا دليل على ان الغطرسة الامريكية الاسرائيلية وصلت حد ارهاب المجتمع الدولي وهيئة الامم المتحدة لعدم النظر في الاحتجاجات السورية مهما كانت الخروقات التي نتحدث عنها تحمل في طياتها اجراما ضد الابرياء والمواطنين العزل.

وان غدا لناظره قريب.