حفلةٌ وسطَ الشارعِ
وأخيراً تفهمت الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة معاناة الناس، وأعلنت عن منع إقامة حفلات الأفراح في الشوارع ابتداءً من العام القادم 2016، وهذه خطوة جريئة تنم على حسن الإصغاء لوشوشات العامة، والتفهم الصحيح للمزاج الفلسطيني العام الذي ينزف وجعاً على مدار المواجهة مع العدو.
قد يقول البعض: اتركوا الشباب تفرح، اتركوهم يفرغون ما في نفوسهم من ضيق واختناق واحتباس للرغبات، اتركوهم يرقصون، ويعبرون عن معاناتهم بالحركات، اتركوا الشباب يعيش لحظات انشراح، وسط هذا الحصار الخانق، هذا الكلام قد تكون له بعض الوجاهة، وقد يكون صواباً، في حالة عدم الإضرار بالآخرين، وعدم فرض حالة الفرح بالقوة على الجيران، وعدم استفزاز سكان الشارع الذين وجدوا أنفسهم محاصرين لعدة ساعات بمكبرات الصوت، بعد أن أغلقت المنصة طريقهم، وحالت بينهم وبين ممارسه حياتهم اليومية.
نعم؛ من حق العريس أن يفرح، ومن حق والديه وإخوته الفرح، ومن حق أمه الرقص والغناء كما تشاء، ولكن من حق الناس أن تعيش حياتها دون ازعاج، ومن حق المارة أن يظل شارعهم مفتوحاً، ومن حق المريض أن لا يتأوه مع كل صعقة مكبر صوت، ومن حق الطالب أن ينام مبكراً، ومن حق باقي المجتمع ألا يشارك العريس حالة الفرح بقوة مكبرات الصوت.
إن أبسط قواعد الحرية تقول: حين تتعارض الحرية الشخصية مع الحرية العامة، فإن مصلحة العامة أهم من مصلحة الفرد، ولاسيما أن صاحب الفرح الذي يريد أن يفرح بزواج ابنه، يمكنه أن يفعل ذلك في صالة خاصة، يدعو لها كل من يحب، ويمارس طقوس الفرح بنشوة كاملة، دون أن يزعج الحارة بمكبرات الصوت، ودون أن يغلق شارعاً، ودون أن يظل الجيران قلقين، خشية نشوب شجار بين مجموعات الشاب المنتشي بأغنية "ولعت" "ولعت".
بعض الناس في غزة تتذرع بصعوبة الأوضاع الاقتصادية، وعدم القدرة على استئجار صالة للإعلان عن الفرح، فإن صح هذا الكلام، فكيف يصير صاحب الفرح قادراً حين يستأجر منصة، ويصير قادراً حين يستأجر فرقه موسيقية، ويصير قادراً حين يفتعل الحركات البهلوانية التي تنم عن ثرائه، وكأنه يمتلك مال قارون، ليبكي بعد ذلك من ضيق الحال، وأنه استدان كل ذلك من أيدي الناس! وما حاجة صاحب الفرح إلى كل هذه المصاريف التي تزيد الفقير فقراً، ولا تكسب الغني كرامة، طالما أنها لا تراعي حالة الجيران الذين ينصبون بيت عزاء على مقربة من منصة الفرح، وطالما أنها لا تراعي عائلة الشهيد الذي توسد التراب على بعد عدة أمتار من منصة الفرح، وطالما أنها لا تراعي حال أسرة الأسير، ثم كيف يكون صاحب الفرح غير قادرٍ على استئجار صالة في ليلة "الحظة"، ليكون قادراً على استئجارها في ليلة الزفاف؟
أسجل احترامي للشرطة الفلسطينية التي اتخذت هذا القرار العاقل، وأناشدها عدم التراجع عنه مهما كانت الضغوط، وأتمنى على شرطة المرور أن تسارع هي الأخرى في اتخاذ قراراها القاضي بضبط الحالة المرورية في شوارع قطاع غزة، وأن تستخدم القسوة إن تطلب الأمر، حفاظاً على مصلحة الناس العامة، ولاسيما أن الانفلات المروري قد صار مخيفاً، ويتضاعف عاماً إثر عام، حتى صار الملتزم بقواعد المرور في قطاع غزة هو الاستثناء، وصار التجاوز للقواعد المرورية هو الأصل.
وأخيراً تفهمت الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة معاناة الناس، وأعلنت عن منع إقامة حفلات الأفراح في الشوارع ابتداءً من العام القادم 2016، وهذه خطوة جريئة تنم على حسن الإصغاء لوشوشات العامة، والتفهم الصحيح للمزاج الفلسطيني العام الذي ينزف وجعاً على مدار المواجهة مع العدو.
قد يقول البعض: اتركوا الشباب تفرح، اتركوهم يفرغون ما في نفوسهم من ضيق واختناق واحتباس للرغبات، اتركوهم يرقصون، ويعبرون عن معاناتهم بالحركات، اتركوا الشباب يعيش لحظات انشراح، وسط هذا الحصار الخانق، هذا الكلام قد تكون له بعض الوجاهة، وقد يكون صواباً، في حالة عدم الإضرار بالآخرين، وعدم فرض حالة الفرح بالقوة على الجيران، وعدم استفزاز سكان الشارع الذين وجدوا أنفسهم محاصرين لعدة ساعات بمكبرات الصوت، بعد أن أغلقت المنصة طريقهم، وحالت بينهم وبين ممارسه حياتهم اليومية.
نعم؛ من حق العريس أن يفرح، ومن حق والديه وإخوته الفرح، ومن حق أمه الرقص والغناء كما تشاء، ولكن من حق الناس أن تعيش حياتها دون ازعاج، ومن حق المارة أن يظل شارعهم مفتوحاً، ومن حق المريض أن لا يتأوه مع كل صعقة مكبر صوت، ومن حق الطالب أن ينام مبكراً، ومن حق باقي المجتمع ألا يشارك العريس حالة الفرح بقوة مكبرات الصوت.
إن أبسط قواعد الحرية تقول: حين تتعارض الحرية الشخصية مع الحرية العامة، فإن مصلحة العامة أهم من مصلحة الفرد، ولاسيما أن صاحب الفرح الذي يريد أن يفرح بزواج ابنه، يمكنه أن يفعل ذلك في صالة خاصة، يدعو لها كل من يحب، ويمارس طقوس الفرح بنشوة كاملة، دون أن يزعج الحارة بمكبرات الصوت، ودون أن يغلق شارعاً، ودون أن يظل الجيران قلقين، خشية نشوب شجار بين مجموعات الشاب المنتشي بأغنية "ولعت" "ولعت".
بعض الناس في غزة تتذرع بصعوبة الأوضاع الاقتصادية، وعدم القدرة على استئجار صالة للإعلان عن الفرح، فإن صح هذا الكلام، فكيف يصير صاحب الفرح قادراً حين يستأجر منصة، ويصير قادراً حين يستأجر فرقه موسيقية، ويصير قادراً حين يفتعل الحركات البهلوانية التي تنم عن ثرائه، وكأنه يمتلك مال قارون، ليبكي بعد ذلك من ضيق الحال، وأنه استدان كل ذلك من أيدي الناس! وما حاجة صاحب الفرح إلى كل هذه المصاريف التي تزيد الفقير فقراً، ولا تكسب الغني كرامة، طالما أنها لا تراعي حالة الجيران الذين ينصبون بيت عزاء على مقربة من منصة الفرح، وطالما أنها لا تراعي عائلة الشهيد الذي توسد التراب على بعد عدة أمتار من منصة الفرح، وطالما أنها لا تراعي حال أسرة الأسير، ثم كيف يكون صاحب الفرح غير قادرٍ على استئجار صالة في ليلة "الحظة"، ليكون قادراً على استئجارها في ليلة الزفاف؟
أسجل احترامي للشرطة الفلسطينية التي اتخذت هذا القرار العاقل، وأناشدها عدم التراجع عنه مهما كانت الضغوط، وأتمنى على شرطة المرور أن تسارع هي الأخرى في اتخاذ قراراها القاضي بضبط الحالة المرورية في شوارع قطاع غزة، وأن تستخدم القسوة إن تطلب الأمر، حفاظاً على مصلحة الناس العامة، ولاسيما أن الانفلات المروري قد صار مخيفاً، ويتضاعف عاماً إثر عام، حتى صار الملتزم بقواعد المرور في قطاع غزة هو الاستثناء، وصار التجاوز للقواعد المرورية هو الأصل.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |