النزق


أن المتتبع للشأن اليومي يلاحظ تغيرات في السلوكات ، وللأسف باتجاه سلبي ، ومن الملاحظ على أفراد المجتمع في هذه الأيام ظاهرة النزق والانفعال الشديد وسرعة الغضب ، والإتيان بردود الأفعال غير المحسوبة .

فمن الملاحظ وجود ردود أفعال مستهجنة وغريبة ودونما تريث فعندما تجد احد السائقين مثلا قد توقف في منتصف الشارع لحاجة ما قد تستغرق ثوان معدودة حيث لا مجال للاصطفاف على اليمين لسبب ما خارج عن الإرادة ، تنطلق أجهزة التنبيه ( الزوامير) من السيارات التي خلفه في توتر واضح ، والأصعب من ذلك ردة فعل المصطف في منتصف الشارع فربما تكن أكثر ايذاءا من فعله الأول ؛ مما يؤدي لمشاجرة الله اعلم مداها .

حينما يأتي احد أبناءنا شاكيا إلينا فعل معلمه أو زميل له ، تكن ردة الفعل منا بمنتهى الفظ والغلظة ، وربما نتهجم على كل من بالمدرسة وقبل أن نكلف أنفسنا ولو التمهل للحظات لاستكشاف الأمور ومعرفة الحقيقة ، وبالتالي الدخول في خلاف يوصلنا إلى المحاكم والسجون والسير بالإجراءات العشائرية وما إلى ذلك .

يرن جرس هاتفك وإذا بالمتكلم قريب لك يطلب نخوتك لمساعدته بمشاجرة ، فما يكون منك إلا استدعاء كل قريب والقيام بحمل الأسلحة والعصي منطلقا إلى مكان الدعوة وربما دونما حتى معرفة الخصم فتنطلق أيدينا في كل اتجاه ضربا يمينا وشمالا ودونما هوادة ودونما أدنى تبصر بما كان علينا فعله ، ليتضح بعد قليل أن الأمر ابسط من أن يذكر وكان يكفي أن نرد الأذى عن أنفسنا بكلمة آسف أو حقك علي وتطييب الخاطر وبالتالي ندخل في معمعة نحن بغنى عنها.
ومثل هذه الممارسات والتصرفات والسلوكات الشئ الكثير ، وللأسف بعضا منها في بيوت الله ، فترتفع الأصوات على اقل شئ ، وهناك مئات الصور الدالة على النزق ومنها ماهو في الأسواق وفي المستشفيات وفي الجامعات وغير ذلك وقد تجد الكثيرين من يتصارعون على الأحقية في الدور .
لست عالما في علم النفس البشرية وتفاعلاتها ، ولكن المتدبر للأمر قد يجد أن كل هذا لم يأتي من فراغ فربما كان هذا ولادة لتراكمات من الضغوط النفسية والآتية أصلا من البيئة التي نعيش ، فربما غياب الإيمان وغياب العدالة ووجود الفقر والبطالة والقهر والفراغ ، ومع تزايد الحاجات الضرورية للحياة اليومية والتي لا يمكن تلبيتها بسهولة ومع عدم القناعة أصلا بما قسم الله لنا وخاصة عند فئة الشباب والذين هم في مقتبل العمر وينتظرهم الكثير من المتطلبات التي يصعب عليهم وعلى أسرهم تلبيتها ، ومع تخيلات يصعب الحصول عليها ولو بالأحلام كل هذا يسبب الاحتقانات التي تولد شذوذا في التصرفات .

إذا ماهو المطلوب ؟ المطلوب ملتقيات لرجال السياسة والدين والمعرفة والتربية وممثلين عن كافة قطاعات المجتمع في مؤتمرات تنعقد باستمرار وان توضع الاستراتيجيات الواضحة والمؤطرة زمنيا مع وضوح في السياسات المتبعة وإعداد البرامج وخطط العمل القابلة للحياة والتي يمكن تنفيذها والتي تعتمد على تشخيص سابق لكل مسببات هذا الخلل لان معرفة الأسباب تقود إلى العلاج ولابد من تعاون كافة القطاعات للتوصل لنجاح ما تم التخطيط له ، وإلا سنبقى مكانك سر بل إلى الخلف سر ، ومع كل الأمنيات أن يوفقنا الله جميعا للسير إلى الأمام .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات