المأزق "المحور بمواجهة مباشرة"


المؤتمر السادس والعشرين للقمة العربية الذي عقد في مصر أقر تشكيل قوة عربية مشتركة تهدف إلى مواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة العربية على أن تكون مشاركة الدول فيها اختيارية، كان القرار وصيغ واقر دون تنفيذ.

القوة العربية الناشئة بقيادة العربية السعودية تريد مظلة شرعية لإقامة القوة بقيادتها والهدف منها مواجهة التحديات الامنية والعسكرية في المنطقة.

مما لا شك فيه ان انهيار الاتحاد السوفيتي سمح بتشكيل قوى اقليمية غير مؤهلة للقيادة العالمية الا انها قادرة على التصارع والتحدي الاقليمي، وبغياب القرار العربي السيادي وبعد احتلال العراق الذي شكل تحدي للقوى الاقليمية ما قبل الحصار كونه كان مشروع قوة اقليمية ، ظهرت ايران وتركيا وسبقتهما "اسرائيل" كقوى اقليمية في المنطقة الشرقية العربية .

الاقطار العربية ظلت غائبة كلياً عن التصارع الاقليمي المباشر وكانت دائما تستظل بالقوة الامريكية الدولية، ولم تتحرك الا بعد احتلال العراق وانفراد امريكا بالحل الداخلي بالتعاون مع ايران دون استشارة الاقطار العربية المحيطة.

غياب الاقطار العربية مهد وسمح لإيران ان تكون طرفاً في فلسطين وان تكون الطرف الاقوى في العراق وبعد الانسحاب الامريكي عسكرياً صارت المهيمن المنفرد في العراق واستطاعت ان تفرض وجودها من خلال عباءة التدين بالسماح لميلشياتها بالتمدد في البحرين واليمن، وفي وقت مضى كادت ان تسيطر بصورة كاملة على دولة جزر القمر وفي مقال سابق تحت عنوان "جزر القمر البوابة العربية" تحدثنا عن التمدد الفارسي ومحاولتها محاصرة الخليج العربي من البوابة اليمنية و جزر القمر والاحواز العربي والعراق، وتحركت العربية السعودية منفردة واعادت رسم الخارطة السياسية والاجتماعية في جزر القمر.

ايران تشكل التهديد الاكبر للأمن العربي في الوقت الراهن.

التحرك العربي العسكري والدبلوماسي لإعادة رسم خارطة الواقع في المنطقة العربية تطلب من دول المحور الدخول بمواجهة مباشرة مع العدو الفارسي المتفوق بالتمدد الاجتماعي من خلال انتشار قطعانه الموالين عقائدياً بالتشيع المذهبي أو التشيع السياسي للمأجورين، ومما لا شك فيه ان الخطاب الديني المتشدد هو من اسباب انتشار الجماعات المرتبطة عقائدياً ، والسبب انهم دفعوا للبحث عن مظلة تحميهم بعد كم الفتاوي التي صدرت بتكفيرهم والتي اسهم الفرس بها من خلال تنظيمي "القاعدة" و "داعش" المرتبطين بالمخابرات الفارسية.

فعوام الشيعة تعرضوا لهجمة من المتشددين السنة واسهمت الدعاية الفارسية من خلال المراجع التابعة لهم بتغير الولاء والانتماء الوطني الى انقياد مذهبي لطهران.

المواجهة المباشرة بين دول المحور وايران بدأت في اليمن ، وعلينا ان ندرك ان اليمن تتعدى كونها ساحة مواجهة بين المحور وايران بل هي ساحة مؤامرة تقودها امريكا بالتعاون مع ايران الهدف منها اولاً تفريغ القوة العربية العسكرية لدول المحور حيث ترى امريكا انها قوة متضخمة وجب تقليصها، ولن ننسى ان امريكا رفضت الحل العسكري في اليمن وسعت الى مصالحة بين دول الخليج وايران دون الاعتراف بدول المحور لإعادة الوضع الى مرحلة العتاب الاعلامي والدبلوماسية الخجولة، الا أن دول المحور استمرت في عملياتها التي لم تحسم لغاية تاريخه في اليمن، واستمرارها في اليمن هو تفريغ قوتها واشغالها عن الحل العسكري المباشر في سوريا، حيث تسعى امريكا بالتعاون مع ايران الى التقسيم الاجتماعي للمجتمع السوري كما حدث في العراق.

أمريكا تحاصر دول المحور فكانت البداية في باكستان حيث صوت البرلمان الباكستاني على عدم المشاركة في القوة العسكرية ومما تجدر الاشارة اليه ان الرافضين للمشاركة كانوا النواب من المذهب الشيعي الموالي لطهران ومجموعة الليبراليين المنبهرين بأمريكا ، وفي باكستان توافق امريكي ايراني وهو نقطة لقاء من نقاط متعددة في عموم المنطقة.

وذهبت امريكا الى محاصرة مصر سياسياً واجبارها على الغياب عن ساحة الصراع واثراء المشاكل الاقتصادية والسياسية الداخلية التي تجبرها على الانطواء الداخلي وكان اخر ما حدث الطائرة الروسية وبغض النظر عن ان ما حدث تفجير او انه خلل فني فأن الاعلام الدولي يجرم مصر ويعزلها ويشغلها.

وبما ان السعودية تقود المحور وهي الدولة الاكثر مشاركة وتأثيراً فالهدف الامريكي الايراني تفتيت المحور و وضع السعودية منفردةً في المواجهة المباشرة مع ايران.

مؤتمر فينا الاخير الذي رفضت فيه السعودية حضور ايران الا انها وبدعوة من امريكا شاركت في المؤتمر وهذا يضاف الى قائمة طويلة من محطات التعاون الايراني الامريكي والتي تحول الخصمين اعلامياً الى حليفين لا يمكن ان ننكر دورهما في ما وصلت اليه المنطقة العربية حالياً.

السعودية لا تمتلك اي مجاميع شعبية تناصرها في الاقطار العربية وسياستها قامت على حشد "التيار السلفي" فقط ، واستطاعت ايران بالدعم المالي والعسكري من النفاذ الى التيار وانشاء مدارس سلفية تخطت التقليدين الى انشاء مدرسة جهادية نتج عنها تنظيمات مدعومة من المخابرات الايرانية، فالتيار السلفي بوجهه الشعبي الافتراضي منقسم وايضاً هو بمواجهة مع التيار المتصوف الاكثر انتشاراً وبقيادة "الازهر الشريف"، فالعربية السعودية تحتاج الى مراجعة حتمية في المجاميع الشعبية وان تدرك ان مواجهة ايران لا يمكن ان تكون بخطاب عقائدي مذهبي بل بخطاب وطني وحدوي.

الانتفاضة في فلسطين درع دول المحور اذا ما تم فهم اسبابها وصناعة قيادة لها خارج منظومة القوة التقليدية (سلطة ابو مازن، تنظيمات)، ليس سراً القول ان التحالف الاميركي الايراني قاد الفرس الى تفاهم مع "اسرائيل" فلا دعم للتنظيمات ولا غطاء لأي تحرك شعبي في الضفة وهدوء تام في الشمال الفلسطيني "الحدود اللبنانية".

وهذا التفاهم وصل الى غطاء فارسي للموساد الصهيوني لاغتيال علماء وشيوخ العراق ، والى تحرك فاعل في سوريا بالتواجد الاستخباراتي في اللاذقية ومحيطها.

الانسحاب الامريكي من الخليج العربي انسحاب يراد منه اجبار دول الخليج على الموافقة على الحلول والشروط الامريكية وبخاصة بعد الحشود الايرانية في جزيرة الفاو، امريكا في منتصف الطريق لتنفيذ مخططها بإعادة بناء المنطقة على قاعدة التقسيم الاجتماعي والتمزيق المذهبي والحفاظ على وجود سلطة وطنية صورية جامعة للدوائر الاجتماعية المتصارعة، وتحرك السعودية بإنشاء دول المحور ومع وجود قوة عسكرية متضخمة بالرأي الامريكي يجبرها على التحرك بدبلوماسية خشنة لمواجهة المحور وأول ما قمت به عدم الاعتراف بالمحور والتعامل فقط مع دول الخليج العربي.

العربية السعودية في مواجهة امنية وسياسية وعسكرية مع ايران المتحالفة مع امريكا والمتفاهمة مع "اسرائيل" فخلق قيادة للانتفاضة في فلسطين والدعم اللامحدود للمقاومة الوطنية الاحوازية وقواه الفاعلة، ودعم القوى الوطنية المقاومة في العراق سيعيد رسم الخارطة مع ضرورة الاسراع في الحسم في اليمن.

ما هو مطلوب اليوم اكثر بكثير من مجرد شعار او يافطة ،المطلوب بالضرورة الحتمية اعادة بناء التحالفات والتعبئة الشعبية بالفهم الوطني الوحدوي، والتوجه نحو فلسطين الشعبية والعراق المقاوم والاحواز فهن الجبهات الثلاث القادرات على تعرية وكشف وهزيمة المشروع الفارسي، وسوريا تحتاج الى اعادة هيكلة جيشها الحر واعادة توجيه واعادته لمساره الوطني بإخراج القيادات المتاجرة بدماء الشهداء والذين صاروا مكشوفين للجميع.

غياب مصر عن دول المحور وتدخل روسيا الباحثة عن مكاناً لها دون وصاية فارسية يجبر المحور على التوجه للتحالف مع تركيا كقوة اقليمية اذا ما وافقت تركيا على التحالف مع الأنظمة لا التنظيمات.

المنطقة العربية بأحداثها المتسارعة والمتشابكة تحتاج الى الحسم في القرار والتوجه والتقدم بخطوات جريئة ، السيادة الوطنية الكاملة على القرار ، ما تمتلكه الامة من مقومات القوة اكثر بكثير من نقاط الضعف.

واذا لم تتقدم العربية السعودية بالمبادرة فأنها في نهاية الامر ستكون وحيدة دون دول المحور تواجه ثالوث عداء الامة" الاستعمار بقيادة امريكا ، المشروع الفارسي، المشروع الصهيوني".




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات