عيب يا أوادم هذا لبنان


لليلة العشرين...و للمرة العشرين...جلست في صالة المنزل في ضيافة سكون الليل المُؤْنِسْ...و الصمت يُخَيِمْ على الأجواء من حولي...و أقول مؤنس لأن في هذه الأجواء تفيض من داخلي الخواطر و الافكار...تتدفق من أعماق وجداني و ذهني كالشلال لتحرك يداي على لوحة مفايتح الحاسوب...لتتزاحم الكلمات على أسطر الورق الإلكتروني لتجد لنفسها مكان...لِتُشَكِلْ الجمل....لتصبح لها جسد أدبي واضح أخاطب به الذي يقراء مقالاتي و خواطري...و إلا سَيُعْلِنْ الجهل و قِلَةْ المبالاة عملنا بأنه باطل...ستعلن الأُمِيَةُ انتصارها علينا نحن جيش الأدباء الذين نغزوا الإنترنت بمقالاتنا و أسلحتنا التي نحاول أن نفتك من خلالها بالجهل...
أشعلت الحاسوب المحمول و جلست متألماً...أُفَكِرْ بمنظر لن يغيب عن ذهني منذ أن إبْتَلًتْ الأرض اللبنانية بأول موسم الأمطار منذ بعضة ايام...فرأيت السيول المباركة التي لطالما انتظرها الفلاح البسيط ليستطيع حصاد الزيتون...أو ليبدا موسم الحمضيات بها...و ليقف ابن المدينة و قد حملت هذه الأمطار معها العواصف الرعدية...ليقل الحمد لله....فقد صَدَقَتْ السماء السرمدية بميعادها السنوي كالمعتاد و ها قد أتت قطرات الغيث المباركة لتداعب وجنتينا و نحن نيسر بالطرقات الى عملنا...و لترسم البسمة على ثغر أولادنا و هم يلعبون في فرصة اليوم المدرسي بين الحِصَصْ...و لكن ذرفت الدمع حينما شاهدت أن هذه السيول جرفت معها القمامة...الزبالة...اهٍ مِنْ خناجر مؤلمة مزقت جسدي حينما رأيت هذه المناظر تغزو الفضائيات في لبنان...بلاد أخوالي و البلاد التي سَكَنْتُها في عقد التسعينيات طالباً للكهنوت...بلاد الأرز الشامخ الذي ذكره الإنجيل المبارك و مهد من مُهودْ الحضارة الإنسانية الراقية...تصبح مهملة بهذا الشكل؟
تركت هذا التعليق على صفحتي على الفيس بوك و أنا بحالة صدمة من هذه المهزلة التي تستمر في لبنان منذ بضعة شهور..."عيب يا أوادم...ععععييييبببب يا أوادم هالحكي!!!! لبنان بلد الشعب المثقف و المتعلم و البلد الذي أخرج الى العالم أعظم المثقفين و الفلاسفة و الفنانين و الأدباء الذين نالوا على اعجاب و تكريم المجتمع الدولي...لبنان بلد التحضر و الذوق و الحضارة...سموا لبنان باريس العرب من كثرة حب الناس له...يصبح هكذا؟ مرتع للقمامة و الزبالة و النفايات؟ قيمتك يا لبنان كالتاج على الرأس و الجبين و قيمتك أكبر من هذه الصور بكثير...! عيب يا أوادم عيب! هذه النفايات ستسبب الطواعين لأهل لبنان و الكارثة الصحية و الإقليمية للبلدان المحيطة...واه قهري عليك يا لبنان...يا بلد أخوالي و ياه قلبي الذي ينبض في داخل صدري، "
صمت المنطق عند هذه المهزلة و انخرس العقل الآدمي ليقف كالمعتوه أمام هذا الإهمال الغير مبرر...انربط لسان الفُصَحَاءْ و أكبر الفلاسفة عبر التاريخ...فالجمال يُهَانْ...و الأناقة اكتست بزي العفونة...و العنفوان الثقافي غَلَبَهُ شيوخ المَكْر و الدجل و الزندقة السياسية...لطختم جمال لبنان بالنفايات و حرقتم قلبنا عليه...فلا سائح سيزوره بعد اليوم و لا وفود سياسية ستقبل أن تدخل بلد تجتاحه الجرذان و الفئران و الطواعين...عيب يا أوادم...هذا لبنان...عيب؟! يَصْمُتْ قلمي من القهر على الوطن العربي فلا وازع في ذاتي لأكتب إلا ما ندر...و كأن الأمل الذي في داخلي يرثي دماء شهداء البلدان العربية...و الدمع بعيناي يعمد الطفولة الآتية الى عالمنا بالحزن لأننا أحرقنا غدهم بالكره و الحروب و الدماء...دمرنا المدن التي كان من المفروض أن يرثوها منا...الحزن فتك بقلمي و قلبي...و لم يكتفوا بالحروب بينهم فمزقوا سلام مدن لبنان الغالي بأزمة النفايات...واه عجبي من الذي ينسى أن يرضي ربه و ينشر الطواعين بين البشر...و يطلبون أن يحكموا لبنان؟ كيف سيباركهم الرب؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات