في الصباح الباكر ارتشف قهوة الصباح ما بين هدوء كون وزقزقة عصافير يتسلل لمسامعي صوت فيروز:
يا ملهى السمار الهادجينا
ألحان العمر الماضي تشجينا
تحيي ليالينا مجد أغانينا
يا ملهى السمار الهادجينا
الطيب و الليل و الكوخ المسحور بالنجمات
الشوق و الميل و الحب المنثور في الواحات
فجأة صراخ أرعن ونشزار تسلل بصوت طفل لا يتجاوز العاشرة ينتظر باص المدرسة صوت جله تخلف:
يا جواد لا تهتم واحنا شرابين الدم....من النافذة حدثته قائلاً صباح الورد والياسمين صباح السلام والاطمئنان ليتني بعمرك بعمر الورود...كشر وتنحنح وكأنه ابن خمسين قال:
يا جواد لا تهتم واحنا شرابين الدم واللي يموت خله يموت دزونه يم المقبره وسيفنا يخلي الدم شلال وما يبرى صويبه أغلقت النافذة يعتصرني حزن جيل لا يعترف الا بالدم والوحشية والرعونة مدارس بائسة أصبح فيها التعليم (راتب) في غياب ضمير أفسد عليَّ فرحتي وغادر الى جبه القتال يهتف في باص العذاب يا جواد لا تهتم واحنا شرابين الدم.... الدم النازف في سوريا والعراق وفلسطين والعراق ومصر تمكنت صورته في ذهن طفل لا زال في عمر الورود لا يفهم الا لغة الدم رحماك ربي فنحن قاعدون على عتبات التخاذل لا نملك الا دعاء وسط زحام الغلبة فيه للأقوى.