أفعى بني صهيون


يُحكى أن لبيد العابد دافعَ عَن زوجته وأمسك بأفعى كادت أن تَعُضها ، فَنهشت يَدُه فَشُلََّت بعد حين ، وأخذَ السُمُ مَجراه فَشُلَّت الأُخرى وجَفت قدماه فَشُلَّتا وعُمّيَ بَصره وذهبَ صوته إلى أن أصبحَ أخرساً ، فأصبحَ طريح الفراش تعتني به زوجته ، وتقلّبه وتُطعمه حينما يكون شبعان ، وتتركه حينما يجوع وتقلّبه يميناً وهو يريد شِمالاً ، فلا يستطيع الكلام ولا النظر ، وبَقِيَ على هذه الحال إلى أن سَمِعَ جارته تسأل زوجته ، ما حال زوجك ؟ فقالت : لا حيٌّ فيُرجـى ، ولا ميـتٌ فيُنسى ، فآلمه هذا الكلام ، وبقي يدعو الله طويلاً مُخلِصا مُسَلِماً أمرهُ خاضعاً مُتذللاً لله ، فاشتد الألمُ عليه ذات ليله وكان الألمُ عظيماً ، كادت أن تخرج روحه ، فنام بعدها وما إن استيقظ حتى وجدَ يَده على صدره فحركها فتحركت ، فرفع الأخرى فارتفعت ، فحرك قدماه فقام من محله ، فشكرَ الله باكياً متضرعاً وانصرف إلى عبادة الله إلى أن توفاه الله..

دافعت الخلافةُ عن مُلوكِها وَرغد عَيشِها وتَكَدُس أموالها وإهمال شعبها وترك فقيرها وبُعدُها عن دينها ، فلدغت بني صهيون يدها وكانت فلسطين واحتلت قِبلَتها الأولى ومسرى رسولها الكريم ، وقتلت أبنائها وهجّرت رجالها واستباحت دِمائُها ، وبعد ذلك شُلّت العراق فكانت اليد الأولى ، وزادَ القتلُ وانتشرت الفِتن ، وحربٌ طائفيه اندلعت ، فَنهبت ثَرواتها ودمرت البلاد ، وتتابعت الأكَلّه ، فذهبت أفضلُ إيمانِ أهل الأرض (اليمن ) ، وشُلَّ جسدُ الدوله الإسلاميه بِشامها التي بارك اللهُ فيها ، وأخذت الديدان طريقا فيها ، تَضرب هنا وهناك ، حتى لفظَ البحرُ أبنائها على شواطِئُه ، واستوت البلاد على أرضها كزلزال مدمر ، وفي أثناء هذا كله ، عُمَّيت الدوله عن أعدائها وسَهلّت الطرقَ لهم في مضاجعها ، وانخرس لسانها عن الحق ، فلم تعد تلفظه ، وتشاطرت بالسمع ، تسمع أخبار أقصاها متضرعاً بدمائه نافذاً روح أبنائه في ساحاته ، تسمع أخبار عِراقها ويَمنِها وغيرها ، لم تعد تسمع ولم تعد تتحرك ، حتى بتوبةٍ كتوبةِ لبيد ما أتابت ، ولم ترجع إلى دينها وقرآنها وربِها ، ورب الكعبه لن يصلح الحال إذا ما تحركنا صوبه ، لن يغير الله فينا شيئ ، ولن ينصرنا ما دمنا خانعين ، فَلكِ اللهُ يا قدس ، لكم الله يا أبطال السكاكين ، فسكاكين عروبتنا مغروسةٌ فينا لا بصدور أعدائنا ، لكم الله يا سُنةَ العراقِ واليمن ، لكِ اللهُ يا شام ، لكم الثباتُ أيها المرابطون ، لكم اللهُ يا أحرار العرب
سامحونا واعفو عنا ، حتى بدعاء لبيد ما استطعنا
وما زلنا جثه هامده لا روح لا دين لا حياة فيها
أفعى بني صهيون تسللت فينا ، وقَتَلتنا ...



تعليقات القراء

عبد الله الجيتاوي
بارك الله فيك أيها الصارخ في البرية .. لعل الله يسمع صوتك لمن يهمه الأمر
15-10-2015 03:18 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات