نفسٌ من خطاب


لكل أمّة أجل تنتهي عنده عظمتها ويتوقف زمانها ليبدأ زمن أخر لأمة اخرى ,هكذا هي دورة الحياة تستمر فيها الحضارة الانسانية تارة برعاية الخير وعدله وتارة تحت سطوة الشر وهيمنته .وفي ذلك يرى جمعٌ ممن عاينوا خطوط سير الأمم انّ انهيارها يندرج تحت بندين : فأمة الشر يتصدى لها الله تعالى وملائكته والمؤمنين امّا امّة الخير فتسقطها الخيانات....

أنّ من أرقى وأصعب الخطابات أنْ توجّه الحديث للثقافة والضّمير في آن واحد و أنْ توحّد صفوف المؤمنين والكافرين والملحدين على فكرة انسانية نبيلة ومهمة حضارية تنافسية لتخرج بعدها برصيد يرفع من شأن الحكمة والاحترام و يسمح بحرية التنقل الاقتصادي المرن ولربما فرض رأي معتدلٍ على مائدة الحوار العالمي وبين أسياد القرار الدولي...

الاردن الذي لا يجد من الفتاوى العربية الغائبة اصلاحاً و الممتلئة جيوباً نصيبه وحظّه يصرّح مراراً أمام الملأ الأمميّ أنّ على الجميع أنْ يستوعب المهمة الاردنية الثقيلة التي لا تلقى العناية ولا الرعاية ولا الاستجابة حتّى من أقرب الجيران العارفين المتلثمين, البلد لذي كان من الاولى انْ يتفرغ للنهوض باقتصاده وشعبه والمضي قدما في الاصلاح ها هو الان سلحفيّ الخطى يعاني الامرين بسبب تبعات الوضع الشرق اوسطي الذي يستنزف كل ما يملك ويأكل الأخضر واليابس , ليس ذلك فحسب بل ان القضية التي تصورها قوى الشر انها دينية ليست كذلك وما يحصل بالقدس دليل للعيان وسياسة تلعب على الوتر ومعاناة أخرى للاردن لم تنتهي...
محاربة الارهاب الداعشي وإيواء اللاجئين السوريين وحماية الاقصى الاسير لم تعد بمجملها سحابة صيف وتمضي او صقيعٍ أطاح بزراعة في موسم , انها سنين تمر من عمر الدولة لا تمنعها من التقدم والرقي بل وتشدها الى الوراء انها كالقافلة ويلُها ليس فقط ويلان بل تنبحها كلاب و يترصد بها قاطعي طرق وينتظر حملها المتواضع فقراء ومساكين...

للحق نقول ان كان هناك من هو اولى وأجدر بالاستجابة لهذا النّفَسَ فهو الحاضر الاردني الأصيل والضيف العربي الكريم على ثرى بلاد الرباط , من التاجر الكبير الى رجل الاعمال العملاق, ومن العامل البسيط الكسول الى الفاسد المتخفي الذي لم يتوقف عن فساده و افساد من حوله , هؤلاء جانب مهم في التغيير حين لن يشعر بحرارة الألم الا صاحبه وما لجلدك إلا ظفرك...ولن يجدي ذلك كله نفعاً اذ لم يتلاقى مع جدية الخطط الحكومية ومنهجية السياسات الاصلاحية ودعم واستقبال الرأي الاخر البنّاء , وان لا تدير الحكومة وجهها القانوني عن جوانب حساسة بالاسم والعنوان .الأساس الديني الخلقي الانساني هو منطلق لواجب أردني يجمع بين الاقصى واللاجئين و داعش ولكن المهمة الاردنية تختلف هدفاً من الحماية الى الايواء الى الحرب, اعادة ترتيب الاولويات يعطينا منظوراً اخر لنرى حلولاً جميلة بين أيدينا.... في مثل هذه الاوقات نحن بأمس الحاجة الى الصراحة الرسمية بعيدا عن الاسلوب العقيم الممل و السياسات والمكشوفة و العناوين الاعلامية الخادعة , كنت قد نشرت مؤخراً على الفيس بوك , ان الديمقراطية في بلادنا كالمعلّقة , لا امسكوها بمعروف ولا سرّحوها بإحسان , ومن دفع مهرها شعب مراهق غرّته خضراء الدمن , وان العشائرية في بلادنا أصبحت كصنّارة الصياد , ترمى في الزمان والمكان المناسبين , وصيدها مضمون ولا تتطلب سياسة محترفة بقدر ما تحتاج لرجل اعمال ورث البيع و التجارة و يعشق أكل السمك. فهل نترفّع عن تلك الوجهة...
على السياسية المحلية ان تؤمن بأنه مهما ضاقت علينا الطرق وبعدت المسافات سيبقى شكلنا ثابتاً وحاجباً عن انظار المتربصين ,فمهما احترف دليل الاثر فسيخسر أمام الحمامة والعنكبوت ولن يسقط شعب واخلاق والله ثالثهما.

فلنأخذ نفسا صحياً نحيا و تحيا به اجيالٌ قادمة ....

shnaikatt@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات