لي رجاء من نقاد السينما بمصر، و لا أقصد بكلمة نقاد الجمهور، بل أقصد الأدباء الذين يكتبون عن الأفلام و المسلسلات المصرية، و رجائي هو "أن لا تكتبوا اي نقد عن اي عمل درامي قبل ان تفهموا تصنيفه الفني و قبل أن تشاهدوه عدة مرات، فلاحظت وجود فضيحة كبرى في صيف عام 2012 و أنا أكتب أسطر هذه المقالة عن فلم بوبوس حينما كنت ادافع عن الحريات و الإبداع بمصر و التي كانت تتعرض حينها للهجوم، فكانت المقلات وقت انتاج الفلم تهاجمه بشراسة غير منطقية و كأنه لعنة فنية حلت على شاشاتنا السينمائية...و لاحظت وجود اخطاء تقنية كعدم تحديد فئته الدرامية و تكرار النقد بالكثير من المقالات على الإيحائات الجنسية التي به كالببغاء التي تكرر ما تسمع من دون ادراك و تريث، كما تكررت كلمة مبتذل بالكثير من المقالات و وصف العمل بأنه هابط و خصوصا بعد أن انتجت شركة جود نيوز فور مي فلم عمارة يعقوبيان...ما هذا الكوكتيل الغير منسجم بالنقد الفني...فما دخل عمارة يعقوبيان الذي يعد من فئة الأفلام الإجتماعية السياسية بالكوميديا الساخرة و اللاذعة؟ و كلمة مبتذل تعني بالمعجم "سفيه و خادش للحياء العام" و قد تعني ايضا "مألوف و متداول"؟ فبأي معنى قصدت هذه الكلمة فكانت تتكر كثيرا بمقالات النقد و كأنها ورقة الأَسْ (Ace) بلعبة الشدة، و كأن استخدامه يوحي بأن صاحب المقالة مثقف و ناقد ناجح...مع كل أسف فالقلم الواعي يجب أن يحدد ما معني كلمة قاسية كمبتذل و ما هو المبتذل بالمادة الدرامية حينما يتكلم عن عمل درامي و فني احتراما للمجتمع الذي يقراء مادته، و يجب مراعاة أن الكوميديا الساخرة او اللاذعة قد تحتمل وجود ايحاءات جنسية ضمن مشاهدها و هذا من الطبيعي جدافالتاريخ الدرامي لهذه الفئة الأدبي مليئ بالأمثلة التي يمكن ضربها بهذا السياق و من مكنوز الروائع العالمية...لذلك لا أعلم ما هو المبتذل بالضبط؟ كما أن السينما المصرية لم تناقش قضية الركود الضخم بالإقتصاد الأمريكي الذي حدث منذ بعضة سنين و انعكاسه على الإقتصاد المصري قبل فلم بوبوس فأين المبتذل بالموضوع؟ و لي هذه الكلمة حول الفلم.

هذا الفلم الذي يَمزِج بين الكوميدية و الانتقاد الكوميدي يُسمى باللغة الانجليزية SATIRE.
و هذه الكلمة هي مزيج من المواقف اللاذعة الكوميدية IRONY و الساخرة الكوميدية
SARCASM،
و لِذا لا اظن ان نُقاد الفلم الذين شاهدوه و هاجموه قبل ثورة 25 يناير او بعدها فهموا تَصنيفه الفني إطلاقا، اما ما لفت انتباهي هو المَقْصَد من الفلم و السيناريو، فما كان يُريد كاتِبَهُ تقديم الجديد بقدر ما كان يُريد خَلْقْ قِصًة خيالية بصورة كوميدية ساخرة و ناجِحة من واقع حياة مؤلم عاشه المُجْتَمَع الدولي و هو انهيار امبراطوريات مالية هائلة لمُسْتَثْميرين حول العالم منذ بضعة سنين و خَسائر تَقْشَعِر لها الابدان و التوابع لهذه الامور، و الاحداث المُتلاحِقة بالنتيجة دَفَعَة بابطال الفلم لكي يلتقيا و يتنافسا على ما تبقى من امبراطورياتهم المالية ليُصْبِحوا بِنَفْسْ الطبقة الاجتماعية للمُكافِحين من خدام بيوتهم و يا لسُخرية الاقدار، و اكرر لو كان الكاتب يُريد تقديم العمل الفني الجديد لراينا قلم مُخْتَلِف تماما، و قبل ان أستفيض باحداث هذا الفلم الساخر اريد التنويه عن بعض النقاط الهامة، الاولى منها راودتني عندما نعت بعض النقاد هذا الفلم بالمبتذل و بانه يحتوي بعض المشاهده المثيرة.
بالرُغْمْ مِن انه لا مَجال هنا للتَوَسُع بحيثيات كثيرة لذا باختصار انوه عن عدة نقاط، نحن نتكلم عن فَنْ التمثيل و كتابة القِصَصْ و السيناريوهات التابع له الذي عُمْرُه العملي لا يقل عن خمسمائة عام و فَنْ التمثيل بتشعباته في الواقع مستمر لغاية الآن بشتى بقاع الارض عن طَريق المَسْرَح و السينما و الكاميرا السينمائية، و فَنْ التمثيل هو فرع كبير من عالم الفَنْ الذي يَضُم من بين ما يَضُم الكتابة و الشعر و الرسم و النحت و الغناء و الرقص و العزف على الآلآت الموسيقية و الفُنون الادائية المختلفة الخ، و هذه الفُنون بالرغم من انها تَشَكًلَت و تَبَلورت عبر مسيرة زمنية طويلة دامت لمئات من السنين الا انها اخذت طابعا مميزا في كُل دولة من دول العالم لتعكس ثقافة و فِكْر تِلْك الدول و المُجْتَمَعات و ايضا فِكْر رواد تِلْك الفُنون و هذا ما يُكْسِبُها هوياتها المُميزة التي تُميِز فُنون كل دولة عن الدول الآخرى، و هذا يَحْصُل بالرُغْم من ان للفُنون اطارات عامة تلتقي عِنْدَها، فَعَلى سبيل المِثال لا الحَصْر القِصًة الكوميدية موجودة عند كل الدول المُنْتِجة للأدب و لكن الكاتب يَكْتِب فِكْرُه الخاص الذي بالعادة ما يكون مزيج من ثقافته الشخصية و ثقافة مجتمعه الذي اكتسبها، فَيَنْعَكِس هذا على موهبة كتاباته التي بالنهاية تُساهِم في تَشْكيل ثقافة و فُنون بَلَدِه، و مَعْ تَطور وسائل الاتصالات عبر العُقود الماضية و ما حَصَلْ مِن تَقَدُم بوسائل المواصلات تَيَسًر للدول الاتصال ببعضها البعض بصورة سَلِسَة فَتَحَوًل العالم تدريجيا الى قرية صغيرة و خُصوصا مع وسائل البث السمعي و البصري، فبالرغم من ان الاسباب تَعَدًدَت لتَشْمل النشاطات السياسية و الاقتصادية و الرياضية و السياحية الا انه نَتَج عنها تبادل ثقافي قوي ايضا، فتأثرت المُجْتَمَعات بَعْضُها بِبَعْض بالثقافات و الفُنون المُخْتَلِفَة و تَقَوًتْ خِبرات كثيرة و ازدانة بهذا التبادل الراقي.

و عند هذه النُقْطَة يَجِب التوقف قليلا لنَنْطَلِق الى النُقطة الثانية، فاصبح عالم التمثيل في عالمنا العربي و الفُنون بهذا التبادل جُزء من جَسَد فني كبير لا يُمْكِن الانفصال عنه، فالفن كما اسلفت موجود بكل دولة و الدراما بكل دولة و الرسم و الموسيقى و الغناء بكل دولة، اذ لُغَة الفُنون عالمية بكل معنى الكلمة، فالرسام الايطالي الذي يأتي بزيارة الى مصر مثلا اذا شاهد لوحة فنية من صُنْع فنان مصري يستطيع ان يَفْهَم جُزء يسير منها لأنه سَيَفْهَم لغة تَفاعُل الالوان على الصورة و ماذا يقصد الرسًام من وراء الصوَر الذي رَسَمَها، و الموسيقي الروسي اذا بَعَثَ نوتات الموسيقى الذي ألًفَها الى موسيقي اردني مثلا يَسْتَطيع ان يَفْهَما و ان يُعْطيها الى فِرْقَة اردنية لتعزفها، و كذلك لغة الادب و القِصَصْ، فاذا ارْسَل كاتب امريكي كتاباته الى دولة عَرَبية لتُتَرْجَم من لغة الى لغة سَيَفْهَم القارئ العَرَبي فورا مُحتواها الادبي لان تَفَرُعاتِها معروفة، و اضرب بعض الامثلة عليها مِثْل الكوميديا و التراجدي و الرومنس و الأكشن و الرُعب و الاثارة، و على ضوء هذه المُعْطيات و نحن في قرن الواحد و العِشْرين التَبادُل الثقافي و الفني ساهَم في سَفَر عدد كبير من طلاب مهنة الاخراج و الكتابة من الدول العربية الى شتى دول العالم لدراسة الجديد بهذه المجالات و لتُصْقَل مواهبهم، فعادوا الينا بامكانيات كبيرة ساهموا من خلالها بابقاء السينما و صناعة الافلام العربية في المراتب الأولى للمُنافَسَة، ورأينا التكريم الذي حَصَلَ عليه يوسف شاهين من المِهرَجانات الاوروبية لاعماله الدؤوبة.

وآخذين هذه النُقطتين بعين الإعتبار تأثرت السينما العالمية و بالأخَصْ العربية بالغزو الفني الامريكي الناجح بامكانياته الهائلة لأسواقها، فَعَبْرْ العقود الزمنية السالفة احتَلًتْ الافلام الامريكية المَرْتَبة الأولة في التَفْضيل الفني للمُشاهِد العَرَبي و بَعْدَها بِنَجاح ساحق احتلت الافلام و الاعمال الفنية المصرية الدرجة الثانية، و لا شَكْ ان هذا الأمر و لو اتًخَذَتُه السينما المصرية كتحدي لها الا انه انْعَكَسَ بالصورة الايجابية على الفَنْ المُزْدَهِر في مصر فرأينا في العَقْدْ التسعيني و الأول للالفية الثانية محاولات جادة لصُنْعْ افلام اكشن تُضاهي باخراجها و السيناريو الافلام الامريكية، فأذْكُر هنا على سبيل المثال لا الحَصْرْ فلم شبكة الموت من بطولة الفنان فاروق الفيشاوي و الفنانة نادية الجندي مع لفيف راقي من النجوم و الذي تم انتاجه بعام الف و تسعمائة و تسعين و الذي وَجَدَ استحسان الجمهور، و ايضا وَجَدْنا مُحاولات لصُنْع افلام اكشن على نَسَقْ الافلام التي مَثًلَها الفنانين جاكي شان و جِتْ لي، و لا ننسى افلام سلفستر ستالون و ارنولد شوارتزنجر و التي تَتَمَرْكَز حول الرجل القوي الذي يُصارِع الشر او الاشرار و الذي يَحْمِل فِكْرَة الرجل البشري ذو القدرة الخارقة الذي وَلَدَتْهُ السينما الامريكية بَعْدَ فشل جيشها الكبير في حرب فيتنام ليَحْفَظ ماء وجه المارينز الامريكي في السينما الامريكية، فَبَرَزَ مُقابِلْهُم على شاشات السينما في مصر ابطال الرياضات السويدية و المُلاكَمَة و اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر افلام الفنان يوسف مَنْصور الذي كان بَطَل عدة افلام أكشن مِنْ بينها قَبْضَة الهِلالي في سنة الف و تسعمائة و واحد و تسعين مع الفنانة ليلى علوي و كوكبة من النجوم المقتدرة و أيضا البلدوزر مع الفنانة شيرين سيف النصر في عام الف و تسعمائة و ثلاثة و تسعين مع لفيف لامع من النجوم، فَبِفَضْل هذه المُحاولات دَخَلَت السينما عَصْر المُنافَسَة الناجحة لافلام الاكشن و الاثارة، و باشَرَتْ بانتاج سلسلة من هذه الافلام و التي سَلًطَتْ الضوء على عدد كبير من النُجوم الشباب و اذكر على سبيل المثال لا الحصر الفنانة غادة عادل و الفنان احمد حلمي و الفنان احمد السقا و غيرهم من والفنانين الكِرام، و الجَدير بالذكر ان انتاج هذه الافلام مع وجوهِها الجددة ساهَمَ في خَلْقْ منافسة حسناء مع العمالقة الموجودين اساسا على الشاشة للمُحافَظَة على قاعِدَتِهِم الجماهرية من خلال انتاج افلام لَهُم ايضا، و لَعَلً الازدياد الكبير للقنوات الفضائية و الذي بالتالي نَجَحَ بزيادة الطلب على المَنْتوج العَرَبي للافلام و المُسلسلات و بالأخص المصرية منها ساهَمَ بِخَلْقْ اجواء ايجابية مُشَجِعَة ادْخَلَتْ السينما في عصر انتاج ذهبي فني، فاصْبَحْنا نَرى مُسلسلات قيٍمَة ذات فِئات مُتَنوعِة و افلام قيٍمة جدا تَتَنوَع مواضيعها بل حاول البعض ادخال افلام الرُعب الى السينما ايضا، و تَعَمْلَقَت كاميرات المُخرجين و ابدعت بِمَنْتوجها.

و هنا يجِب تسليط الضوء على امر رابع هام جدا، موضوع كما يُسَميه البَعْضْ وجود مَشاهِد مثيرة في الافلام، في الحقيقة تَتَوَقًفْ الكاميرات في الوَطَنْ العَرَبي كُلياً عِنْدَ هذه النقطة مراعية شُعور و احاسيس المواطن العَرَبي، فحتى ان وُجِدَتْ مَشاهِد جِنْسية تكاد تكون حِدًتَها لا تُذكَر مع المناظر التي تَلْتَقِطها كاميرات الفن الغربي في الافلام و التي تَمْتاز بالعُري و الإباحة، و انا شخصيا ضد مناظر الاباحة و العُري في الافلام الغربية، و بالمُقابل تَقْتَصِر عِنْدَنا هذه تالمشاهد على فنانة بلباس داخلي يُشْبِه لباس السباحة و الذي يُمْكِن رؤيَتُه على النساء في الشواطئ او و هي تُقَبٍل فنان، و انا استغرب كل الاستغراب من شيئ مُعَيًنْ، أليسَتْ القُبَلْ جُزء من عِلاقَة الرجل بالمرأة، اسْتَعْجِب مِنْ مُجْتَمَعاتنا العَرَبية التي لا تُمانِع ان يَتَعارَك الرجل بحرية مع زوجته امام اولاده، بل و ايضا ان لا تُمانِع اذا ضربها بِشِدًة و شَبَكَ أرجُلَها في الفلقة و جَلَدَها بالخيزرانة بِكُل قَساوَة، و كَمْ مُسلسل او فلم عَرَبي احتوى هذه المَناظِر الهَمَجية و الغير حَضارية ليعكس طقوس اجتماعية غير حضارية بمجتمعنا الشرقي، و لكن اذا ظَهَرَتْ امرأة جَميلَة و قَبًلَتْ بَطَل مُسلسل او ظَهَرَتْ بِمَنْظَر اغراء تقوم القيامة و تَقْعُد على كادر هذا الفلم، ما نوع مُجْتَمَعِنا الذي لا يُمانِع العُنْفْ الأسري و الذي يؤلم الأولاد و النِساء و يُشَجِع اضطهاد المرأَة و بالمقابل يَعْتَرِض على قُبْلَة حُب في مُسلسل، ويحكم يا قوم، أليس تَقْبيل النساء يرسل رسالة بَنًاءة عاطفية للجيل الناشئ و لحياته الجنسية اكثر من العُنْف الأُسري و الصَفَعات التي لا تُنْتِج الا المُنْحَرِفين سُلوكيا و المرضى في المُجْتَمَعات.

فأقول بالنِسْبَة الى المَشاهِد المثيرة التي تَظْهَر بالافلام العَرَبية و السينما المصرية، و كما اسْلَفْت جَميعُها تُصوٍر مَشاهِد الاثارة بِحُدود و لا تُقارَن بتاتاً بِحَجْم الفُجور الموجود بالافلام الغربية، فيجب دراسة ما المَقْصود بِها قبل ان تُهاجَم و اذا كان المَقْصود بها تَسْليط الكاميرا باتقان على واقع مُعَيًن، بالآخير ألعل الحب لهَجة غريبة عن عالمنا الانساني؟ و اكرر انني كما اسْلَفْت بالفَقَرَة السابقة انا ضد الفُجوربالسينما و لكن حَسْبَما رأيت تَضُم السينما المصرية بعض المَشاهِد المُثيرة بِهَدَفْ، فالسينما عِبارة عَنْ عالم كبير داخل عالمنا تَتَفَرًعْ منها شتى المدارس الادبية حول العالم، فكثير من الاحيان اشعر ان السينما المصرية تتوقف بِمُفْرَدِها عند حُدود اللامعقول و تأخذ مِنْ المناظر المُثيرة ما يُسْعِف النُضوج في التصوير الذي يُريدُه المُخرج.

و تَطَرًقْتُ الى هذه النِقاط قبل الشَرْح عن فلم بوبوس لأنه وليد الثراء الادبي الذي اضْحَتْ مصر تَتَمَتًع بِهِ نتيجة التبادل الثقافي الذي يَحْدُثْ بينها و بين السينما العالمية و بين مهرجاناها السينمائي الدولي و المهرجانات العالمية المحيطة بها، و فعليا بوبوس اول فلم يَمْزِج بين الكوميديا و
SATIRE
و يُصَوًر بتاريخ السينما المصرية بهذه الروعة، هذا النوع مِنْ الفُنون يُسَلِطْ الضوء بالعادة على حَدَثْ او سِلسِلة من الاحداث في المُجْتَمَع باسلوب ساخر جدا بهدف اصلاحِه، و راينا هذا يَحْدُثْ حينما عالَجَ هذا الفلم حالات الانهيارات المالية التي شَهِدَتْها ساحة الشرِكات و رِجال الأعمال في امريكا و العالم نتيجة النكسة الاقتصادية في امريكا، فَقَدًمَها الفنان عادل امام من خلال شخصية مُحْسِن الهِنداوي التي تُعاني علاقاته مع البُنوكْ من مَشاكِل كبيرة نتيجة النكسة العالمية، و عِنْدَما يُحاول استرجاع قُروضْ شَخْصية كان قد اعطاها الى مَجْموعَة من اصدقائة يَجِد ان حالتَهَمْ ليست احسن من حالَتِه، فَيَفْقِد كُل شيئ تَدْريجياً و يَتَعَثًر ليَتَبَقى نصيبه من قَصْرْ تَمْلُكُه مُهْجَة ارملة صَديق من اصدقائه و التي تُجَسٍدُها الفنانة يُسرا، فَتَدور صِراعات كوميدية خفيفة الظل بَيْنَهُم عِنْدَ رَفْضْ مُهْجَة لِهَذِه الشراكة التي تَتَفاجئ بوجودها مع مُحْسِن، فَتَدْريجيا يُبيٍنْ الفلم كيف ان سُخرية الاقدار باصْحاب المَلايين لَعِبَة بِهِم ليُصْبِحوا مُعوَزيين مِثْل اصحاب الطَبَقات الفقيرة و الكادِحَة، و يُجَسٍد الفَنان اشرف عبد الباقي المواطن المصري المُكافِح من خلال شخصية الجارسون رأفت الذي يَعْمَل عِنْد مُهْجَة و الذي يَعْمَل فِعلياً بِثلاثَة وظائف لكي يُؤَمِنْ لُقْمَة عيشِه و يُكوٍنْ نَفْسُه ليستطيع ان يُتَمٍمْ زِفافُه بِتَهاني الامرأة التي يُحِبُها و التي تقوم بِتَجْسيدِها الفنانة مي كساب، فَيَحْدُث تباين واضح بين الطبقات الغنية التي تعيش وَسَط الحِسابات المالية الكبيرة و العِزْ و الرَخاء و بين الطبقة الكادحة التي تعيش في وَسَط البُيوت القَديمة المُتَرَهِلة و التي تَكون بأشَدْ الحاجة للإعانات المالية، و في خِضَمٍ سعي مُحْسِن و مُهْجَة لحل مَشاكل ديونهم المُتَعَثٍرة مع البنوك يَتٍضِح مَفهوم بوبوس ابن المسؤؤل الذي يُجَسٍدْ دورَهُ الفَنان عزت ابو عوف و الذي يَقْصِدُه مُحْسِن لِطَلَبْ مِنْهُ الضَغْط على البنوك لكي لا تَحْجِز على ثرواته، فَيَقوم مُحْسِن باهداء بوبوس الهدايا الثمينة المالية ليَخْجَلْ المَسؤول و يُساعِدُه بِمَطالِبِه، فالرشوة الفاسدة و المُخاجَلَة هي مُفتاح الحَل الثمين للمُتَعَثٍرين عِنْدَ دولة تَقْبَل الرشاوي و في هذا العَصْرْ الصَعْبْ، و لَعَلً و عَسَى الصَفْعَة التي تَعَرًضَ لها مُحْسِن و مُهْجَة مِنْ خِلال انهيار امبراطورياتهم المالية كانت كفيلة لِتَدْفَعَهُم بالاختلاط بالطبقات المُكافِحَة و التَقَرُبْ مِنْهُم، فَنَرى مُحْسِن يَرْكَبْ الميني باص العمومي حين يَخْسَرْ قَصْرُه و يَسْتَمِع الى مشاكل البشر التي عَزَلَتْهُ عَنْهُمْ حياة التَرَفْ الذي كان يَعيشُه، و نَرَاه مَعْ مُهْجَة يُصْبِح عاملا ايجابيا في مُساعَدَة رأفت لاتمام زِفافُه على تَهاني، و في خِضَمٍ هَذِهِ التيارات التي تَعْصِفْ باحداث الفلم تَتَقَوًى علِاقَة مُحْسِن و مُهْجَة، كما انه يَحْدُث مُقارَبَة قوية هنا للذي يُتابِع الاحداث بِتَمَعُنْ بين بوبوس و حَبًةْ مُنَشِط الحُب الزرقاء الذي يوزعها مُحْسِن طوال الفلم، فكما ان بوبوس هو مُفْتاح الحَل للتهرب من ضُغوطات الدُيون المُتَعَثٍرة الكبيرة فالضُغوطات النَفْسية الكبيرة التي تَعيشَها الطبقات الكادحة و المُرْهِقة كفيلة حتى لِتُنْهِك حياتهم الرومنسية فيُصْبِح الحَل لَهُمْ حبة مُنَشِط الحُب الزرقاء، و هذه مُقارنة ساخرة تُعَبٍر عن اوضاع الإرهاق التي تعيشُها هذه الطبقات في مصر.

ان بوبس بالنسبة الي فلم ناجح جدا و اعتقد انه نال على استحسان الجمهور و لي كادره كل الاحترام و التقدير،