العنف . هل هو غياب التسامح أم افتقاد للحوار؟


سلوك العنف من الظواهر التي رافقت الإنسان منذ وجوده على هذه الأرض وتشكيل النواة الأولى للمجتمع البشري ، فكان لهذه الظاهرة التي هي عبارة عن تحدٍ دائم لوجود الإنسان وهيكلية بناء حياته البدائية والاحتقان السياسي والتيارات السياسية المتطرفة وانسداد أفق الحوار ومسارات التغيير دور في العديد من ظواهر العنف.والعنف قد تحول بالفعل من ممارسة فردية إلى ظاهرة اجتماعية خطرة وأن مواجهتها يحتاج إلى جهود هائلة من جانب الدولة والمجتمع.فما هي الدوافع وراء هذه الظاهرة؟ وهل هناك ثمة علاجات يمكنها التدخل لاستئصال هذا السلوك الانحرافي الذي بدأ يتفشى في كل المجتمعات دون استثناء؟ وفى إطار هذا الموضوع حول ظاهرة العنف فى العالم العربى ... هل تعني غياب التسامح وافتقاد الحوار؟ .

يجب ان يقابل العنف بالتهدئة وتبصر الامور والدعوة إلى الحوار والرجوع إلى الله تعالى وتعاليم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حتى يتحقق الاستقرار لجميع ابناء الوطن كمايجب ان نعلم من يتعاطى العنف والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة وقتل النفس بغير الحق وازهاقها أن ذلك كبيرة من الكبائر ولابد ان يتذكر ان الله سبحانه وتعالى قد اعد لمن يفعل ذلك خمس عقوبات حيث قال رب العزة سبحانه وتعالى في كتابه العزيز «ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما» وقال في آية أخرى « ولاتقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا» وقال صلى الله عليه وسلم ( لايحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا باحدى ثلاث: النفس بالنفس,والثيب الزاني, والتارك لدينه المفارق للجماعة» ,ومع هذا فانه ليس من حق افراد المجتمع ان يقيموا الحدود والعقوبات على الآخرين لان ذلك من حق ولي الامر حتى لاتشيع الفوضى في المجتمع.وان الدعوات التي تصدر من هنا اوهناك باستخدام العنف لمواجهة العنف من قبل البعض في المجتمع ليست من الدين في شيء وسيأتي القدوم على ذلك الفعل بوابل من المخاطر والمشكلات على جميع افراد المجتمع وسيؤدي إلى مزيد من سفك الدماء.إذ ان مقابلة العنف بالعنف فيها خطر كبير على الجميع, وذلك لايصح لان الخطأ لايبرر الخطأ,وحتى لانشعل نار الفتنة.ويجب على كل العقلاء في مختلف التخصصات العلمية والاقتصادية والسياسية وعلماء النفس والاجتماع ان يجتمعوا,ليتدارسوا تلك المشكلات التي تهدد امن واستقرار جميع افراد المجتمع, وتعطل مسيرة التنمية التي نحن في اشد الحاجة إليها.

مبينا نحن فى أمس الحاجة إلى ثقافة التسامح التى نشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مع الذين عادوه وآذوه مع الكفرة حتى قيل له يا رسول الله ادع علىهم فيقول اللهم اهدى قومى فهو لا يدعو علىهم بل يدعو لهم بالهداية اللهم اهدى قومى فهم لا يعلمون نريد أن نستدعى ثقافة التسامح التى أسس علىها خير أمة أخرجت للناس الرسول عليه الصلاة والسلام علمنا العفو وقال رسول الله (فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين أجرهم على الله فلا يقوم إلا من عفا) نحن فى هذه المرحلة نحتاج أن نحب بعضنا بعضا وأن نتسامح مع بعضنا وأن نكون على قلب رجل. 

الظلم الاجتماعى
ظاهرة انتشار العنف فى العالم العربى ليس لها علاقة بطبيعة المنطقة ولا بثقافتها الاسلامية ولا حتى باقليتها غير الاسلامية.فظاهرة العنف هى ثقافة واردة عبر افلام الغرب التى تكرس لتلك الظاهرة فكثرة القنوات الخاصة بتلك الافلام التى تهتم بالاكشن أكثر مما تهتم بثقافة هؤلاء الناس وطبيعة مجتمعاتهم وتاريخها لعب دورا فى استشرائها ومع هذا فان الظلم الاجتماعى الذى يمارس على سكان المنطقة، يعد هو اصل البلاء الذى عم والعنف الذى طم ثقافة الشوارع والاحياء حتى الارياف بعدت كثيرا عن ثقافة التسامح التى كانت تسودها فى معظم فترات تاريخنا العربى.والعنف فى تاريخنا العربى مرتبط بالظلم الاجتماعى وغير مرتبط بثقافتنا الداعية للمحبة والألفة والتسامح، بخلاف الغرب الذى ترتبط ظاهرة العنف لديه بثقافته أكثر مما ترتبط بنظامه الاجتماعى.ربما يختلف شكل العنف فى الحضر عن الارياف وربما يختلف من منطقة لاخرى. ومن دولة عربية لدولة اخرى الا ان نظم الحكم السائدة لعبت دورا كبيرا فى خلقه وتزايده.فضلا عن ان غياب الوعى الدينى وانتشار الامية والجهل قد ساعد في تفشى الظاهرة وتفاقمها.واذا طبقنا الشعارات التى رفعتها ثورات الربيع العربى فى العيش والحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية وتداول السلطة ، لتخلصنا من مجمل الاسباب التى ساعدت فى انتشاره.

الضوابط الأخلاقية
الدين الإسلامى الحنيف قد جاء بمبادئ السلام والأمن ونهى عن كل مظهر من مظاهر العنف والإرهاب كما أشار القرآن الكريم لذلك بقوله:( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) وكما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم وعترته أهل بيته عليه الصلاة والسلام في سيرتهم وتعاملهم الحسن وعفوهم حتى عن أعدائهم، فقد عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي سفيان وقال قولته الشهيرة:«من دخل دار أبي سفيان فهو آمن»، وعفا صلى الله عليه وسلم عن هند وعفا عمن كانوا يهجونه، وهكذا كان خلق أمير المؤمنين في معاركه مع خصومه مما يثبت بالدليل القاطع أن صفة العنف مما لا تنسجم مع المنهج الإسلامي الذي يرفض أسلوب القسوة .مشيرة ان القرآن لم يحث على ضرب المرأة الناشز باستخدام العصا او اى وسيلة اخرى لاهانتها ولا ترك فراشها، بل المقصود هو ان يدير الرجل ظهره لها دون هجرة فراش زوجته .وان الكثيرين يقفزوا الى مرحلة ضرب المرأة لتفسير ظاهر النص ببساطة دون التعميق موضحة ضرورة مراعاة الفروق الفردية عند تفسير النص الدينى فضلا عن النظر فى الضوابط الاخلاقية والنفسية. مشيرة اننا امام قضية (انتزاع النص من سياقه) موجهة اللوم الى رجال الدين الاسلامى والمسيحى على حد سواء نظراً لاستخدامهم الخاطئ والتباسهم فى تفسير الدين وارجعت ذلك الالتباس الى تأثرهم بالعرف والموروث الثقافى فرجل الدين ابن البيئة والمنطقة التى يحيا فيها على حد تعبيرها .مشيرة الى ان الأم هى التى تفرق فى المعاملة بين ولدها وابنتها منذ الصغر وتعطيه القوة والغلبة عن شقيقته الانثى.

مبينة أن المرأة والرجل اصبحوا يعيشون فى مجتمع مفتوح ولابد من مواجهة هذا الاختلاف فى الثقافات والافكار دون صراع او اصطدام وان المجتمع لا يستطيع ان ينعزل عن الدين.

الحقوق والحريات
ظاهرة العنف فى العالم العربى هى نتاج الرؤى الاحادية المغلقة فالممارسة الديموقراطية فى العالم العربى لاتزال مفرغة من محتواها فهى مجرد قناع براق يخفى خلفه توجهات ديكتاتورية مفزعةولاشك أن هذا التناقض يأتى كنتيجة للنظام الابوى المتسلط الذى يدور حوله الفكر العربى--نحن نعيش الان اشرس موجات الغياب---نعيش زمن استلاب الروح وانتهاكات الجسد---ولعل مارصدته الشاشات العربية والعالمية مؤخرا يروى الكثير عن مفارقات العذاب---عن تناقضات الوعى --واختناقات الحياة وانفجارات النبض الباحث عن مسارات الضوء وامتلاك الذات والكيان ومن المؤكد ان غياب الديموقراطية والحقوق والحريات الانسانية قد صبغ الواقع السياسى والثقافى والاجتماعى برؤية عبثية لتصبح آلىات التسلط ومفاهيم القمع هى الاكثر حضورا فى وجودنا المحكوم باطار ثابت عجزنا عن تجاوزه----وفى هذا السياق نجد ان البنية الذهنية للعقلية العربية المحكومة بتصورات المجتمع الابوى الذكورى هى بنية تغلب علىها الدوجماتية والتعصب وحين تنتمى مثل هذه العقليةالى مذهب او تصور فان هذه المذاهب والتصورات تتحول الى منظور احادى جامد يمثل الحقيقة المطلقة ولذلك يحكم معتنق المنظور الاحادى على كل من هو مغاير له بالخروج عن الطريق السوى والكفر بالحقيقة المطلقة---هكذا ينتفى الجدل ويغيب الحوار وتتصاعد موجات العنف لتقهر وتضطهد الرؤى المغايرة. 

ظاهرة انتشار العنف فى العالم العربى ليس لها علاقة بطبيعة المنطقة ولا بثقافتها الاسلامية ولا حتى باقليتها غير الاسلامية.فظاهرة العنف هى ثقافة واردة عبر افلام الغرب التى تكرس لتلك الظاهرة فكثرة القنوات الخاصة بتلك الافلام التى تهتم بالاكشن أكثر مما تهتم بثقافة هؤلاء الناس وطبيعة مجتمعاتهم وتاريخها.

غياب القدوة الحسنة خلف لنا شبابا انقطعت صلته بالماضى الجميل احد أهم الأسباب لانتشار ظاهرة العنف .علاوة على ان الإحباط والمشاعر السلبية التي يشعر بها الإنسان تولد لديه إحساسا بالغضب، وهو إحساس عالمي لا نستطيع أن نتفاداه لأنه موجود بداخل كل إنسان، وبعد إحساس الغضب لو وجد الإنسان مسار ا كي ينفس عن نفسه من الممكن أن تمتص هذه الشحنة الغاضبة وتتعامل بعقلانية.
ولو لم يمتص الإنسان هذا الغضب يتحول إلى عدوان، ومن الممكن أن يتحول هذا العدوان من خلال الاعتراض باللفظ أو القول ، وإذا اجتزنا هذه الحالة يتحول العدوان عند الإنسان إلى العنف، ومن العنف يصل إلى الانتقام وهي منظومة نفسية اجتماعية شهيرة .

ظاهرة إجتماعية
ظاهرة العنف أصبحت من الظواهر التي تثير قلق المواطن العربى.وأعمال العنف تعتبر متعددة الدوافع قد تسبب التوتر المفرط للشخص القائم بالاعتداء أو غضبه الشديد من سلوكيات صدرت عن الضحية نحوه. أو لاعتقاده بأن الضحية بمثابة عائق يحول دون بلوغه أهدافه أو نظرا لشعور المعتدي بالإحباط أو للرغبة في الانتقام من شخص ما. وقد تكون أعمال العنف مدفوعة بأسباب أخرى منها الدفاع عن النفس والممتلكات أو الآخرين وللعنف أسباب معروفة منها أسباب اقتصادية.مثل الفقر والبطالة وانخفاض مستوى المعيشة .فحالات الإحباط والىأس وفقدان الأمل وتفشي العشوائيات والزحام والضوضاء والاختناقات المرورية مع تدني الوعي تشكل أسبابا اجتماعية ونفسية للعنف.وانسداد أفق الحوار ومسارات التغيير دورا في العديد من ظواهر العنف. والعنف قد تحول بالفعل من ممارسة فردية إلى ظاهرة اجتماعية خطرة وأن مواجهتها يحتاج إلى جهود هائلة من جانب الدولة والمجتمع.



تعليقات القراء

اخي الكاتب
غضبت من بني ودعوت عليه امامه وبالطبع لم يكن الدعاء من قلبي ثم جئته بالحوار واللين فلان اعرف ان الحوار واللين يساعد ولكن عندما قرأت موضوعك عدت بذاكرتي لسياسة اللين
23-09-2015 02:38 PM
ابحث عن السبب الحقيقي
السبب هو انتشار المخدرات
والعلاج هو الاعدام لمروجيها
23-09-2015 06:50 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات