فوق العادة .. المرجوح مع وجود الراجح


 من سخريات الإعلام اليوم ومسخراته انه يحاول تعريف الشعب الدايخ ( طبيخ الشحّادين) على ثوابت ورواسي الوطن بالنكرات والطارئات من محدثات الأمور وبدعه, خذ مثلا قوله لتوصيف موقع بيت أبي محمد الدعجة الذي يتربع منذ قرون على ربوة في مغاريب عمان بقوله إن بيت أبي محمد يقع بالقرب من حلويات أنيسة ومطعم خميسة ومكسرات الروشة ونفيسة, اما بيت الشيخ الجليل عواد النعيمات الكائن منذ قرنين في تلاع العلي الشمالي فاته يقع خلف بوظة بكداش, وعلى هذا المنوال تجري أمور لا يصدقها عقل مجنون بهوى الوطن ولا يستسيغها خاطر سويّ عفيّ لم تلوثه العوادم المختلطة اليوم بروائح التغريب والتمزيق والتشرذم والتذويب حد التخفيف dilution ليضحي الإدام بلا لون ولا طعم.

• سألني ذات مرة ضابط في مركز الأمن الواقع في حي الأمير حسن: أين يقع بيت عليان العبد اللات؟ قلت له: أظنه ولست جازما انه في جبل النصر قرب الملعب, تدخل شخص جالس في مكتب هذا الضابط يسألني بسذاجة لمساعدة الضابط على معرفة الجواب قال لي: كم يبعد عن بقالة أبي حسن اللاذقاني (اللاذقية)؟ قلت له يا رعاك الله, وهل تعرّف المعارف بالنكرات؟ أبو عليان دُفنت متوالياته الحسابية كلها في مقبرة جبل النصر بمحاذاة سكة الحديد العثمانية, أما الأخ أبو حسن فلم يغير سرواله الداخلي حتى اللحظة أي منذ إقامته الوجيزة في المملكة.

• اليوم وعلى نفس النسق المقيت والمنوال (mode ) الفارط حد القرف, يطل عليك إعلام الهوى المشوب بروائح التغريب والتذويب والتدميج وبعثرة أوراق اللعبة ليضيع أنين الخاسرين في صخب وضجيج الرابحين دون معرفة دقيقة لحقائق أمور اللعبة لتتحول لعبة الأمم من رقبة (مايلز كوبلاند 1969) إلى لعبة اللمم المناطة برقاب شخوص (فوق العادة وتحت السُرّة 2015), بلعبة تمر نشومية وترفعّا على شعب بات غلبانا في بيته ووطنه تحت وطأة الخديعة والتضليل باسم التسامح واللين وطيب الجوار.

• اليوم يحاول إعلامنا الرسمي وغير الرسمي اللعب لعبة لا تنطلي ولا تغيب عن إدراك الأطفال, حين يمعن هذا الإعلام في إدامة جريمة تغليب كفة المرجوح مع وجود الراجح, وإلا كيف لنا أن نقتنع بقول هذا الإعلامي الذي افترضناه اعتباطا انه إعلامي حين يدبّج ويلمّع ( ويرجّح) ويضفي المساحيق وطبقات الدهان والورنيش على وجوه (مرجوحة) كالحة مصفرة التهمت أخاديدها المقدرات الوطنية بدعوى حب الوطن والإخلاص له قيادة وشعبا وترابا, وهي دعاوي باطلة بشهادة الشهود وسماع إفادة المغدور قبل مواراته الثرى.

• حين يُوصفُ نكرةٌ من النكرات بأنه المُخلّص (الخلاص) والحامي لهذا الحمى من جهاته الأربع وانه الحاوي الذي يرقّص الأفاعي الشرسة السامة ويروضها لمصلحة الأردنيين في الخارج بطرح وأسلوب يشعر الدنيا كلها أن الوطن خال من (ملك همام يجوب ارجاء الدنيا والتعب والقلق باد على محياه في سبيل الحفاظ على وطن يقاوم ويصارع بجسمه الغضّ العاديات من حوله), حين يوصف شخص بوصف استثنائيّ فوق العادة فهي فِرية مكشوفة تفضح شبهة مفادها أن الوطن يخلو من أي قيادي (راجح) كفؤ أو أي مُخلِص غيور من رجالاته, يشعرونك أن الأردنيات عاقرات (لم| ولن) ينجبن راجحا يشبه هذا المرجوح الخارق الحارق العابر للقارات والقرارات, يفهمونك عنوة أن الأردنيات (لم | ولن) ينجبن قيادات سياسية واجتماعية وأكاديمية ترتقي لمستوى هذا الذي يجوب الخلجان والأمصار لرفع قدر الوطن من الأرض إلى السماء, لقد بتنا في نظر هذا الإعلام ووسائله أغبياء حد الظلم والقسوة مع إن الأمر لا يحتاج إلى مشورة من طبيب, ألا ترون معي نظرات هذا المرجوح التي تتقافز زيغا وهروبا من كل التزام ألا التزامه بأجندة شخصية يضعها تارة تحت الوسادة ويطويها تارة أخرى تحت الفراش إلى اجل فيظهرها خلسة (بين ثنايا الأزمات المصطنعة) لتكون وبالا مثلما كان منه بالأمس في ملفاته العبثية؟

• ما يدهشك هو أن مجاميع مجتمعنا باجهزته (الرسمية والشعبية) تستعلم وتستقصي وتستفلي كمن يستهم في بحثه الحثيث في راس صبي مغبّر كثّ عن قملة وصيبانة بين أكوام ولفائف شعره المجعد, يستفلون ويستفتون في امر حارس مقبرة يشغل وظيفة في الأمانة أو البلدية وإذا ما وجدوا أن خاله أو احد أقاربه لديه شبهة القيد الأمني ولو قيد أنملة أو انه مرة لفرط عوزه نبش في جوف حاوية, اغتالوه وقذفوه بحجة عدم أهليته المجتمعية والأمنية, استغرب أن مواقع عليا جدا جدا في دوائر صنع القرار تناوش بأهميتها ووقارها النجوم السابحات لا يجري مع الذين قفزوا إليها مثل هذا الحكم واللغط, ولعلي قد أدركت بعد طول عذاب أن سلامة المكبات والقبور أهم جدا من سلامة الملفات المصيرية والثغور.

• على كل حال, يضحكني حتى يبكيني ثرثرات إعلامية وسياسية وبروتوكولية يتمنطق بها المأجورون (بالكروة = الأجرة) فمثلا تعبير (رجل فوق العادة), (رجل المرحلة), (صديق السعودية), (صديق قطر), (صديق أمريكا أو إسرائيل), (وووووو....... الخ), اليوم وبعد سلسلة هذه التهويمات الطويلة من ادعاء الصداقات والعشقويات أدركت أن (السعودية) امرأة جميلة مهيوبة خطب ودها صاحبنا المزيون فقبلت به عشيقا لها بكونه الرجل الذي يسبل عيونه (الزائغة) كعيون (هيام يونس) فرط عشق وصبابة, أدركت وأنا الذي كنت قد ظلمته أن قطر امرأة غراء فرعاء مصقول عوارضها دنا منها الخطاب فقشبتهم كما يقشب البلان أرضا مليئة بروث الأغنام إلا صاحبنا ذاك الرجل فوق العادة وتحت السُرّة العابث في نهدين كواعب لا أحلى ولا أجمل منهما "لن نشفت الريق".

• ها قد مرّ على الوطن طوله وعرضه وعبر سنوات عمره رجال خارقون, أشداء, لا يخشون إلا الله في الحق والوطن, أولهم القادة الأبرار الهاشميون, يليهم القادة الأخيار السياسيون والاجتماعيون من أمثال ( وصفي, وهزاع, وحابس, واحمد عبيدات, وحمد الجازي,....) وآخرون كثر تحدروا من رحم عشائرنا المرموقة (دِفّيعة الثمن وأيّما ثمن!!!) (الفايز والفواز, والرقاد, والعوران والخزاعي, والتلول, والعريقات والحسيني وطوقان, والعربيات, والعجارمة.... والسلسلة تطول), لم اسمع بوسيلة إعلامية ( رسمية او غير رسمية) قالت عن واحد منهم انه رجل (اخترق العادة أو ناوش نصف العادة أو حتى تحت العادة) لأنهم بحق استثناء طبيعي ينوف (الأنفة) عن إيحاءات مفردة العادة وتضاريسها وآلامها, هؤلاء قد نأى بهم القدر وأبرأتهم عناية المولى والشعب العارف جيدا عن وصف اللوائح الصفر ومواقع الجدب والقفر التي ابتلينا بها اليوم, فالحمد لله ثم الحمد لله على سلامة الوصف والإفلات من مزالق التوصيف, أما أبو (العُرّيف) فهنيئا له (حصريا) وصف المداحين حين قالوا انه (فوق العادة) بعد أن تمرغ في العادة نفسها بلا تشريف.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات