د جميل مرقة - ذاكرة نقابية فذة


ليس سهلا أن أكتب عن رجل عمل لعقود طويلة في العمل النقابي والسياسي والطبي والانساني والعائلي , ولد دجميل مرقة في عام 1923 وبالتالي كان وعيا على مأساة شعبه من البداية , ودرس الفقيد في مصر - جامعة فؤاد الاول اي قبل حقبة عبد الناصر ولكنه كان يؤمن ايمانا راسخا بوحدة الامة من المحيط الى الخليج فكان الرجل عروبيا من الطراز الاول , عمل في نابلس كطبيب جراح وخلال عمله كان دائم الحضور الى مستشفى الهوسبيس في القدس لتغطية العمل فيه وعمل الفقيد في مستشفى البشير ليؤكد ان مستشفى البشير هو الرافعة والرافد الحقيقي للعمل النقابي وخاصة المطلبي .
كان نقابيا لامعا وصاحب وجهة نظر وعنيد في الدفاع عن رايه وما يعتقد انه الصواب وكان الفقيد ذاكرة نقابية فذة وصادقة وقادرة على نقل تواتر الاحداث بسلاسة ومنهج علمي سليم , كان ناشطا في مجال الدفاع عن الحريات ولقمة عيش المواطن وكان قريبا من نبض الشارع , وكان الرجل متواضعا بكل ما تعنيه الكلمة , لم يبحث الرجل عن مناصب هنا او هناك وانتخب نقيبا للاطباء في عام 1979 ولمدة سنتين اي دورة واحدة ويكفيه فخرا انه اشترى ارض دابوق والتي تعتبر اليوم القطعة الاغلى في النقابة اذا ارتفع ثمنها عشرات الاضعاف .
كان ابو محرز ثوريا في تفكيره عروبيا في ممارسته واذكره في عام 1999 عندما بدأت المعركة الانتخابية وكان من المؤازرين الرئيسين للزميل د احمد العرموطي امد الله في عمره وكان يطمح لابقاء التحالف ما بين التيار العروبي والتيار الاسلامي وجرت نقاشات طويلة وذات مغزى ولم نستطع واياه ايجاد صيغة توافق رغم التأيد الكبير من المرحوم د اسحق مرقة ومحاولتنا ايجاد خارطة طريق , ومرت الايام والتقيت الرجل وظننت انه غاضب او على الاقل غير مرتاح من قراري النقابي ولكن فوجئت تماما حين أبلغني انه سعيد بقراري النقابي وزاد على ذلك نحن معنين بوجودك في الساحة النقابية , فشعرت ان شهادة قامة نقابية كجميل مرقة اعطتني زخما ورفعت من روحي المعنوية وعلمتني درسا ان الكبار لا يتعاملون مع العمل النقابي ليس بفئوية صغيرة بل بشمولية كبيرة ومصلحة عميقة للعمل النقابي الجمعي وتذكرت موقف المرحوم د حسن خريس والمرحوم د نبيه معمر وقلت الكبار همهم النقابة والعمل المهني والوطني , همهم ان تبقى النقابات بيوت خبرة عريقة وصروح وطنية لا يشق لها غبار ,
رحم الله ابا محرز رحمة واسعة وسنبقى نذكره كأطباء لدوره الوطني والعروبي فكان يكرر دوما مقولة عبد الناصر ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ويضيف صراعنا مع العدو صراع وجود لا صراع حدود واكان للرجل دورا لنقابيا مهنيا بارزا , وبالامس علمنا من ولده السيد مجدي ان المرحوم لديه اعداد من مجلة السماعة ومنذ عام 1973 , وأختم بالقول جميل مرقة رحل عنا كما رحل اسحق مرقة وحسن خريس ونبيه معمر ووليد قمحاوي وكلهم قامات وطنية كبيرة وهامات نقابية كان لها اثر طيب وكبير في العمل النقابي , نترحم عليهم ونفتقدهم كلما تعرضت النقابات لهزة هنا او هناك فقد كانوا مقاومين للصدمات ومتحملين لكل تبعاتها .
رحم الله ابا محرز وغفر له ونقول لاهله ولكل الزملاء هؤلاء الرجال هم المثال الذي يجب ان نحتذي بهم وان ندرس نهجهم لنعتبر ونتعلم فهم المدرسة النقابية الحقيقية .
والله غالب على امره



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات