سئمت الكتابه .. ولكن


لربما منذ العقدين وانا امارس هواية الكتابه بشقيها الناقده والذاكره للمحاسن إن وجدت, ولكن لم يتغير شيء ,لا بل الأمور تتجه صعوداً الى الهاويه وما تجرأ قلمي على ذكره يزيد امعاناً في تجاهلنا,,فالشارع ذاته ولكن اصبح أكثر نحولاً بعدما هرم,, والرصيف كما أسنان الطاعن في السن قد تفرقت حجارته.. والأخضر يَبُس,,والأبيض اتسخ محياه بفضل مخلفات باصات الهونداي والكوستر,,والحاويات كحامل الوزر لم تعد تحتمل,, والحدائق مرتع للتسكع ولمن لا عمل له,, لم تعد تستقبل العائلات والاطفال كما خُصصت..والجُزر الوسطيه مُلتقى لأكياس البلاستك وعُلب الكولا الفارغه بدلاً من أن تزرع بالورود..

كتبنا في السياسه والاصلاح والتشريع لعل سلطاتنا التشريعيه والتنفذيه تتعض بما يدور حولنا ولكن طلبوا منا أن نتعض نحن الشعب فلا نفغر فاهنا حتى بقيت الستنا حبيسه.. انتقدنا كيفية التعاطي مع ملفات الفساد وقد أزكمت روائحها أنوفنا فطالبونا ان نتقدم بالوثائق..كتبنا بالاسماء وتعالت أصواتنا كتّاب واصلاحيين ومؤسسات مجتمع مدني وذيلوا خطابنا بيُحفظ..!! أمطنا اللثام عن وجوه المتاجرين بالوطن فجعلوا منهم أسيادٌ علينا وطالبونا بالولاء لهم..الثبور ثم الثبور لهم.

كتبنا في تردي التربية والتعليم وسوء المناهج ومخرجات التعليم ايضاً فوصمونا بالرجعيه,, قلنا لا تصلح الأمارة والتجاره فتاجروا بمستقبل الأجيال,, فتردى التعليم وانتفخت جيوب التجار ممن لا صلة لهم بالتعليم ولا زالوا يتربصون بالوطن,, هدفهم لا مكان مناسب لرجل مناسب..فأكثر من ثلث طلبة المدارس لا يجيدون كتابة الأملاء ولا حتى لسانهم الأعوج يتقن لغات الغير,, هم تعلموا التسكع من التلفاز والافلام,,تعلموا كيفية التعاطي,,تعلموا النشوز والخروج على الوالدين,,تعلموا تعلموا ولكن قلوبهم شتى..لا يصلح العطار ما أفسد الدهر..ففي الجامعات أيضاً مسارح ومقاعد ولكنها للعرض فقط..فقد سبق الدرهم عنوان المحاضرة واقساط الفصول والفصل..أضحينا كلمستغيث من الرمضاء بالماء..

كتبنا في الصحة والتطبيب والرعاية الأوليه ولكن افرغوا الوطن من كفاءاته,,المزيد من المستشفيات , صروح أسمنتيه ولكن من يعالج؟؟بداية رحّلوا كفاءات الوطن من القطاع العام وهو الركيزه للقطاع الخاص..ومن بعد ذلك فتحوا ابواب الهجرة والتعاقد لخارج الوطن,, سياستهم الممنهجه العوده الى الوراء,, لنقبل الاستشفاء في مواخر المستثمرين ممن هبطوا على الوطن ببراشوت المستثمر..الي ما معه ما بلزمهوش.

كتبنا في الهويه الوطنيه,, وكيف انها تباع وبها يُشترى..وكيف اننا اضحينا الهنود الحمر في وطننا بعدما أغرقونا بدعوى العروبه والانسانيه وحقوق الانسان,, لم تعد لدينا هويه..تقول ميركل سنخبر الاجيال القادمه ان المهاجرين من سوريا جاءوا الينا برغم أن مكه أقرب اليهم.. نعم هي اقرب الى الروح لكن اهلها رفضونا عرباً ومسلمين خارج نطاق الشعائر..بعنا الارض بثمن بخس ولم يعد مرحبٌ بنا ممن اشتروها..

كتبنا في الاقتصاد وقلنا دينارنا يحتضر كما اقتصادنا في العناية الحثيثه وهم يرفعون عنه أجهزتهم لا بل يرفضون تسليمنا الجثه لندفنها قبل ان ندفع..قالوا ادفع ومن ثم اعترض,,كتبنا في التضخم وتآكل الأجور والرواتب فقالوا اننا شعب مبذّر برغم ارتهاننا للبنوك للسياره وللبيت ولاقساط المدارس..الى متى سنبقى نكتب وليس هناك من يقرأ,, نحن نعاني أميّه وطنيه,, نعاني من أميّه في الانتماء,, نعاني من تكسر مجاديفنا,,ومن أنيميا الولاء ,فلم نعد ندرك بوصلتنا والتي تقاطعت مع بوصلة المستثمرين من الخوارج والمرتزقه من اصحاب الياقات البارسيه وحملة شهادات هارفرد والسوربون..لماذا نرهق اسماعكم ونرهق عيونكم في القراءة وما بين السطور,, فلم تعد تخفى على ابن الابتدائيه ومهاب يحاججني في ابجديات الانتماء..

اكذب عليكم ان قلت انني قد طلّقت الكتابه كمن يترك التدخين شهراً او عاماً ويعود, فهي تجري مني مجرى الدم وسأبقى اكتب للوطن,, وسأكتب نثراً هاجياً كل مرتزق, سأقول للمقصر انت مقصر وسأثني على المنتمي وارفع قبعتي احتراماً له,,لا يعرف قيمة الوطن ممن قبلته الدينار والدرهم,,ولكن قبلتي الثانيه بعد الأولى الوطن حتى لو لم ينصفني..عاش الوطن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات