بضائع فاسدة .. والتستر عليها


تطالعنا الصحف كل فترة بأخبار صادمة للمواطن الأردني عن أغذية فاسدة موجودة في الاسواق والمتاجر والمولات، ومعروضة للبيع للمواطن المسكين، الذي بالكاد يستطيع أن يشتري لقمة العيش ليدفع في النهاية ثمن بضاعة فاسدة وغير صالحة للأكل.

لحوم فاسدة، ومعلبات منتهية الصلاحية، وأجبان متعفنة، وأكياس "شيبس" تحتوي على الفئران بداخلها، وخبز يحتوي على الحجارة والمعادن ومخلفات الأطعمة، وطحين غير صالح للإستهلاك الحيواني والبشري، ومخللات متعفنة معروضة للبيع، وغيرها الكثير من الحالات الموثقة في الصحف اليومية.

إن الكثير من الأطعمة يتم تناولها مباشرة دون الحاجة الى الطهي، مثل الألبان والأجبان والخبز والمرتديلا والمخللات، والكثير منها جاهز للإستهلاك من قبل الأطفال الذين لا تحتمل أجسادهم الفيروسات والبكتيريا والميكروبات، والكثير من منتجات المطاعم كالساندويش والوجبات السريعة، والعصائر والحلويات وأكياس "الشيبس"، وبالتالي فإن فساد هذه الأطعمة يعني ضرر مباشر في صحة أجساد المواطنيين أو خسارة في الأرواح كما حدث في العديد من المرات.

إن غياب ضمير البعض من التجار وأصحاب البضائع، والمطاعم ومحلات الحلويات والبقالات هو أمر وارد لا محالة، ففي النهاية هم بشر، وربما يمتلكون أنفساً مريضة لا تبالي بصحة الآخرين أو حياتهم، ولا يضعون مخافة الله نصب أعينهم، والربح هو الهدف الأول والأخير لهم فقط.

ولكن الغريب في الموضوع هو غياب الضمائر لدى المسؤولين عن الرقابة الصحية على المنتجات الغذائية، والتهاون الواضح في عقاب هؤلاء الخارجين عن الإنسانية والإيقاع بهم على الجرائم البشعة التي يرتكبونها بحق المواطن المستهلك.

وتتخذ معظم الصحف نفس السياسة في التغطية على أخبار المواد الغذائية الفاسدة، بحيث تحمل عناوين الأخبار "جبنة متعفنة من علامة معروفة"، أو "ضبط بضاعة فاسدة في مول شهير"، أو "ضبط لحوم فاسدة لدى مستورد معروف"، وغيرها من أساليب الإخفاء المتعمد لصاحب المخالفة.

وهنا أتساءل: لماذا لا يتم التشهير بهؤلاء المجرمين الذيم يتخذون من أرواح المواطنين دمية يلعبون بها؟ ولماذا لا يتم ذكر أسم المول أو التاجر أو المستورد صاحب البضاعة الفاسدة؟ ولماذا لا يتم ذكر العلامة أو "الماركة" للجبنة الفاسدة أو المرتديلا المتعفنة، أو اللحوم التالفة؟

تقوم اليابان بفرض مجموعة من المعايير والمواصفات من أجل تصنيع المواد الكهربائية أو الغذائية أو غيرها، وتقوم بين الحين والآخر بفحص منتجات المصانع لدراسة مدى مطابقتها مع المعايير المتفق عليها، وفي حال وجدت مخالفة او تقصير تقوم بفرض غرامات مالية على الشركة الصانعة.

ومما أثار إستغرابي هو أن قيمة الغرامات المالية لا تتعدى 10 الآف دولار أمريكي، فهل ستكون هذه المخالفة "التافهة" كافية لردع تلك الشركات الكبرى عن التقصير في معايير الصحة والسلامة العامة؟

في الحقيقة تستخدم اليابان السلاح الأقوى من أية غرامة مادية يمكن أن تفرضها على الشركات المخالفة، ألا وهو التشهير بالشركة المقصرة، فترى في نشرات الأخبار على المحطات التلفزيونية الحكومية والخاصة إعلاناً يتضمن قيام إحدى الشركات بمخالفة قواعد السلامة العامة والصحة، وتعريض حياة المواطنيين للخطر، فماذا ستكون النتيجة؟

ستجد 125 مليون ياباني عملوا على مقاطعة الشركة التي خالفت القوانين والأنظمة، وستجد خلال فترة لا تتعدى الأشهر قيام الشركة المذكورة بإعلان إفلاسها وإغلاقها وتدميرها.

لقد أدركت اليابان وغيرها من الدول التي تعمل وفق شعار الملك حسين رحمه الله "الإنسان أغلى ما نملك"، أهمية سلاح التشهير بالشركات المخالفة للأنظمة، أو المتهربة من الضرائب، أو المقصرة في السلامة العامة أو الصحية، لذلك نادراً ما نسمع عن حوادث التسمم أو العثور على منتوجات غذائية غير صحية أو تالفة معروضة للمستهلك.

لقد أصبحت الحاجة ملحة اليوم من أجل إعادة النظر في لوائح العقوبات للشركات المخالفة بشكل عام، والمخالفة في السلامة العامة والصحية بشكل خاص، وإدراج التشهير كأحد العقوبات لتلك الشركات التي تتجاوز حدود الإنسانية وتقتل مع سبق الإصرار والترصد.



تعليقات القراء

جابر
لا اظن ان هناك انسان شريف يخالفك الرأي في كل ما تقول وعندي اضافةعلى كلامك هو ان ما نعرفه عن فسادالاطعمة هو المعلن والمخفي اعظم فلا بد اننا اكلنا طعاما لم تضبطه الحكومه.اشتريت زيتون جاهز فاذ به عقرب
25-07-2015 03:53 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات