هل غاية الدين أن تحفوا شواربكـم !


هل غاية الدين أن تحفوا شواربكـم ! 
اقتباسات من شعر ابو الطيب المتني، 

إقتباس الدكتور محمود الحموري؛

هل غاية الدين أن تحفوا شواربكـم ** يا أمة ضحكت من جهلها الأمـم\"

أبو الطيب المتنبي\' (303 - 354 هـ / 915 - 965م) من أشهر شعراء العرب. ولد بـ الكوفة ونشأ في الشام. وله مع سيف الدولة الحمداني أخبار كثيرة وشهيرة. قتله فاتك بن أبي جهل الاسدي غربي بغداد.
لأبي الطيب المتنبي مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية ، فقد كان نادرة زمانه ، وأعجوبة عصره، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء، يجدون فيه القوة، والتدفق ، والشاعرية المرتكزة على الحس والتجربة الصادقة.

★وفي عيد رمضان المبارك، الذي ما زلنا نتفيئ ظلاله، تعود بي الذاكريات الى المرحلة المدرسية، حيث كانت قصيدة أبي الطيب المتنبي المدونة تاليا، احدى القصائد المقررة في مناهجنا المدرسية، وما زلت احفظها. ولما كانت الاخبار المؤلمة تترى، تتناقل اخبار القصف والدمار والخراب، بالصورة الموثقة والخبر اليقين عن ظلم ذوي القربى، وقتل المقاتلين لبعضهم وتقتيل عائلات بعضهم البعض، وتشريدها واغتصاب بعض من حرائرها وتعذيبها في ديارها وفي اللجوء المخيف، بمشاهد مؤذية مؤلمة في بعض المواقع من ساحات المدائن العربية التي تعرفت عليها عن قرب، وسكنت بفنادقها واكلت بمطاعمها وتلمست احجارها ولقاها التاريخية، وملئت عيني بتاريخها و أوابدها وشربت من مياهها حتى رويت وتضلعت. في هذه المدائن الحبيبة، التي احسب لي في كل جانب من جنباتها حنين وحبيب مقيم، وعلى كل روض من رياضها ذكريات حرى ! ففي حواضرنا الغاليات تلك، شهدت كل من حلب الشهباء ودمشق الفيحاء وعدن حاضرة البحار وتعز حاضرة الثقافة والشعراء والرمادي مدينة الجنرالات والشهامة العربية، وغيرها كثير من المدن والبلدات التي شهدت قصفا ودمارا، على مدار ومدة اجازة العيد وقبل العيد بزمن بعيد.
وفي هذا المشهد الراهن من الايام الصعيبة المؤلمة من حياة الفرقة والدمار العربي، وددت تذكير اقراني واصدقائي والقراء والمتبابعين بقصيدة ابو الطيب المتنبي شاعر العرب الخالد الذي روى لنا صفحات من التاريخ بعصره واخبار عيد من الاعياد العربية السالفة، بطريقته التي احبها ويحبها غيري، فخلد لنا ادبا خالدا\" وشعرا نادرا من طيبات شعره ووصف الحال الموصول بالحاضر المرعب المخيف، وهو بكل عنفوان وتندر يردد ويصف زمانه الذي يشبه زماننا ويقول:-
عيـد بأية حال عـدت يا عيـد = بـما مضى أم بأمر فيك تـجديد
أما الأحـبة فالبيـداء دونـهـم = فليـت دونك بيدا دونـها بيـد
لولا العلى لم تجب بي ما أجوب بها = وجـناء حرف ولا جرداء قيـدود
وكان أطيب من سيفي مضاجعـة = أشبـاه رونقـه الغيـد الأماليـد
لم يتـرك الدهر من قلبي ولا كبدي = شـيء تتيمـه عيـن ولا جيــد
يا ساقيـي أخـمر في كؤوسكمـا = أم في كؤوسكمـا هـم وتسهيـد
أصخـرة أنـا مالـي لا تحركنـي = هذي الـمدام ولا هذي الأغاريـد
إذا أردت كميـت اللـون صافيـة = وجدتـها وحبيب النفـس مفقـود
ماذا لقيـت من الدنيـا وأعجبـه = أنـي بـما أنا باك منه مـحسـود
أمسيـت أروح مثـر خازنا ويـدا = أنـا الغنـي وأموالـي المواعيــد
إنـي نزلـت بكذابيـن ضيفهـم = عن القـرى وعن الترحال مـحدود
جود الرجال من الأيدي وجودهـم = من اللسـان فلا كانوا ولا الـجود
ما يقبض الموت نفسا من نفوسهـم = إلا وفـي يـده من نتنهـا عـود
من كل رخـو وكاء البطن منفتـق = لا في الرجـال ولا النسوان معـدود
أكلما اغتـال عبد السـوء سيـده = أو خـانه فلـه في مصـر تـمهيد
صار الخصـيُّ إمام الآبقيـن بـها = فالـحر مستعبـد والعبـد معبـود.
نامت نواطيـر مصـر عن ثعالبهـا = فقد بشمـن وما تفنـى العناقيـد
العبـد ليس لـحر صالـح بـأخ = لو أنه فـي ثيـاب الـحر مولـود
لا تشتـر العبـد إلا والعصا معـه = أن العبيـد لأنـجاس مناكيــد
ما كنت أحسبنـي أحيا الى زمـن = يسـيء بي فيه كلب وهو مـحمود
ولا توهـمت أن الناس قد فقـدوا = وأن مثل أبـي البيضـاء موجـود
إن امـرء أًمَةً حبلـى تدبـــره = لمستضـام سخيـن العين مفـؤود
ويلمهـا خطـة ويلـم قابلهــا = لمثلهـا خلـق الـمهريـة القـود
وعندهـا لذ طعم الـموت شاربـة = إن الـمنية عنـد الـذل قنديــد ........
............
ويمضي ابو الطيب المتنبي، بالوصف والوصل في موقع آخر فيتندر ومن ثم يقول:-
سادات كل أناس من نفوسهـم
وسادة المسلميـن الأعبد القـزم
أغاية الدين أن تحفوا شواربكـم
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
ألا فتـى يورد الهندي هامتـه
كيما تزول شكوك الناس والتهم
فإنه حجة يؤذي القلـوب بـها
من دينه الدهر والتعطيل والقـدم
ما أقـدر الله ان يخزي خليقتـه
ولا يصدق قوما في الذي زعموا.

ولا اجد في النهاية الا بيت شعر من شعر ابي الطيب المتنبي لبحث الحال ووصف مآل الامة حيث قال وما زلنا وراءه نردد ويقول:-

\"هل غاية الدين أن تحفوا شواربكـم ** يا أمة ضحكت من جهلها الأمـم\"



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات