نُشْهِرُ أحْزانَنا !


بقلم سعيد العبادي

نُشهرُ أحزاننا في وجه عيدنا سيفاً مسلّطاً على نَشوة الضحكات والفرح ، ونُحرّرُ شهوة النفس للبكاء ؛ ولولا شرعٌ كريم لصُمْنا – في العيد – حتى عن الكلام ، ويمّمنا الوجوه شطرَ جراح أمتنا النّازفة ، فملأنا الآذان بصرخات الأطفال ونحيب النّساء ، ووقفنا على أعتاب تاريخنا نرثي انْدثارَ مجْدِه في الغابرين ، وانهيارَ مَهْدِه في الحاضرين ! .
لا يهدأُ فينا ضِرامُ الغضبِ كيف مزّقوا لنا الأوطان ، وكيف سلبوا ملاعب الصغار، وأخفتوا فيهم لذّة الطفولة وشقاوة أيامها ؛ كيف غرسوا البارود وسَقَوْهُ حِقداً وشرّاً ، ومِنَ جنايتهم على الدّين اقتبسوا شَرارَاً ؛ فأشعلوا في ديار المسلمين الموتَ والعويل والدّمار ، وجعلوا الآمنين حطَبَه ، والأطفال حَصَبَه .
تكالب على أهل السّنة شراذمُ الغدر والخيانة ، وتحزّب عليهم إخوان الشياطين ؛ يسومونهم القتل والتشريد والتنكيل ، والذئاب اللابسة جلودنا ما انفكت تنهش في الظلام – ومن وراء جُدُرِهم – ما بقي من عافية الأمّة ، وتحبسُ – ما استطاعت – نور السّنة ! .

عيدٌ! بأيّة حالٍ عُدّت يا عيدُ ... بما مضى أم بأمرٍ فيه تجديدُ


أقول للمتنبي :


معذرةً لِمَ السؤال وفينا غمٌّ ... كلّ حينٍ نارُ حربٍ له تقيدُ
وعُرى الأمّة اليوم نُقِضت ... بيدِ لؤمٍ فغَدَتْ سكرىً تميدُ
تراودُ النّاسَ غفلةٌ تَخْطَفُهم ... كأنّها موتٌ لا تهدأ أو تحيدُ
دمعٌ ودمٌ على أرضِنا نزْفُه... عويلَ النساءِ والثكالى يزيدُ
ليس غيرُ الله لحالنا ندعوهُ ... كشْفَ الضرّ فإنّه غداً عيدُ!


ومع كُلّ هذا كان فضلُ الله علينا كبيراً : فإنّ مع المحنِ مِنَحٌ كثيرة ، ومع الابتلاء عِبرٌ وفيرة ؛ فعَلِم العقلاءُ مواطن الشرّ ، واستبانوا بواطن أهل الضغينة والحقد والغدر ، وتيقّنت الأمة فَقْدَ أسباب عزّتها ونَصرها وتمكينها : الكتاب والسنّة ومنهج سلفَ الأمّة .. ؛ وأنْ لا نجاة لها إلا بها ، فلا ينفعها ولو ملكت حضارات العالم دونها ، ولا يُغني عنها شيئاً مذاهبُ المُبطلين وأهل الغلوّ والكلام والمفتونين بعقولهم وأحزابهم ! ؛ فكلّ أمانٍ وحُسنُ إيمانٍ وإحسانٍ في اتّباع السّلف الأوّل خيرِ النّاس ..
و " لا يَصْلُحُ آخرُ هذه الأمّة إلّا بما صَلُحَ به أوّلها " عبارةٌ تُكتب بماء العيون ، يعيها أهلُ الصدْق مع الله – تعالى – المتوكّلون ، ويزدريها أهلُ الرّيب والزّيغ والظنون ..!

خاتمة :

عيدُنا طاعةٌ واتّباع السنّة ، وتقوى الله ذي الجلال والمِنّة ، وحِفظُ الأوطان من الخراب والدمار والفتنة ...

نسألُ الله – تعالى – الزيادة من كل برّ والسلامة من كلّ إثمٍ ، وأن يجعل مستقرّنا الفردوس الأعلى من الجنّة .



تعليقات القراء

عهود
اخي الكاتب.. كما يحتاج المتعب للراحة أيضايحتاج المحزون لوقت يتناسى همومه المفروض ان نتمتع بالعيدمهما كانت الاسباب فالتحمل عند الانسان محدود والعقل والتفكير بحاجةالى راحةمع معرفتي بصحةما تقول
رد بواسطة سعيد النواصره
كلامك لا أستطيع الاعتراض عليه فهو سليمٌ لا شائبة فيه .. بارك الله فيك

ولكن ... ليتنا نستطيع !
19-07-2015 02:49 PM
ضيف الله سالم
اخي سعيد كلامك رائع يستحق التدبر والتمعن في القراء ، لاننا بحاجة الى عقول نيره مثلك تمسح الغبره عن الكثير من المفاهيم الخاطئه التي يأخذه الغير عن اهل السنة يكفيناان رسولنا صلى الله عليه وسلم سني وليس.
20-07-2015 01:09 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات