المثلية النووية


اصبحت إيران تمتلك البوابة النووية العالمية ومتطاباتها منذ الليلة الماضية، مثلها مثل الدول الخمس العظمى التي تمتلك القدرات النووية اللازمة للتطور التكنولوجي وتقنياته في توفير الطاقة الهائلة واستخداماتها وكذلك في استثمار اليورانيوم المخصب عالي ومتوسط الجودة والماء الثقيل. وبهذا ستتمكن ايران بموجب الاتفاقية المبرمة مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن في التجارة العالمية لتلك المشتقات .

ونستطيع القول كذلك بأن إيران منذ اليوم اضحت طليقة الاربعة في استخدام اجهزة الطرد المركزي بأعلى طاقتها وسرعاتها وهي التي تمتلكها وتطورها كما وكيفا منذ اكثر من ربع قرن، وما زالت تمارس السياسة الذكية بالتعامل مع الدول ذات القوى النووية التي تمتلك السلاح النووي وتقنياتها الحربية والسلمية وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ومعها الصين، وروسيا "بوتين" ذات الشراكة الحقيقية مع دولة المرشد منذ حين.

لم تكن القنبلة النووية هدفا حقيقيا لإيران وإنما كانت وورقة تفاوض ناجحة لإبتزاز الخليج والعرب والغرب. فالهدف هو تحقيق المد الشيعي وبناء الهلال الشيعي الذي تحدثت عنه الاردن وغيرها من الدول قبل عشر سنوات وإيجاد خواصر ضعيفة في المنطقة والإقليم بيدها قادرة على اللعب بها والحفاظ على مصالحها وتشكيل عنصر ضغط إقليمي لها يوازي القوى الدولية وهذا ما تحقق فعليا وأصبح أمرا واقعا في المنطقة فلم يجد الغرب أمامه إلا تقديم التنازل والتوقيع وأصبح الرهان على الغرب الذي يقدم مصالحه على كل شيء رهانا فاشلا وخاسرا ، وأصبحت القاعدة المتبعة كل يقلع شوكه بيديه !

وعليه، يمكن القول:-

1. ان امريكا والغرب وجدوا في إيران الدولة الشيعية، المرجعية المرشد حليف يعتمد عليه كشرطي متماسك الهوية والقرار اكثر من جوار ايران العربي السني المنقسم على نفسه والذي لا مرجعية موحدة لديه.
2. ان إيران حققت اهدافها كاملة بحكمة وصبر وتروي سياسي متعدد المراحل وتكون قد فازت بموجب الاتفاق بكل ما تريد نسبيا كقوة فاعلة ومتطورة، ولم تخسر قوتها على الارض ولم يشملها ربيع مدمر كالربيع العربي، وبقي برنامجها متكاملا، وعلمائها يشكلون مدرسة ذات منهج علمي رصين لمستقبلها كدولة إقليمية صاعدة.
3. الدول الغربية لا تريد ان تخسر قوى بشرية ولا ارسال جيوش لتحقق اهدافها في الشرق الاوسط، ولكنها ستبيع الاسلحة لمن يشتري حتى لو كانت منظمات تصفها بالإرهابية.
4. نظم الغرب وخاصة الولايات المتحدة الامريكية تعمل كما الشركات، فهي تؤجج الازمات والصراع لتوفر اسواق لبيع السلاح وتكنولوجياته لشركاتها العملاقة التي بدورها تدعم الدولة المركزية بالضرائب وحصتها من اموال مبيعات السلاح لمن لديه المال حتى لو كانت منظمات مارقة او دول او مليشيات.
5. الاسلام في نظر الغرب منقسم على نفسه "وهو واقع ملموس" وكنتيجة للاتفاق النووي سيقوى الصراع الديني والطائفي الذي سيؤدي حتما الى صراع مسلح حول المقدسات في بلاد الحرمين بين السنة والشيعة المزمن منذ عهود الخلفاء علي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان رضي الله عنهما، الامر الذي سينفق بموجبه على زيادة التسليح التقليدي وغير التقليدي جل الاموال والارصدة المخزنة في بنوك ومصارف الغرب الراسمالي.
6. ستفشل الكثير من دول المنطقة المركزية التي لن تقوى على تسابق التسلح والصراع القادم، وستتحول الى دول طائفية وبؤر دينية في كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن وربما الجزائر والعديد من الدول ذات المساحات الكبيرة، وستتشكل دول طوائف عرقية واثنية، مثل دولة للاكراد ودولة للعلويين ودول شيعية وسنية، وربما دولة للامازيغ واخرى للطوارق على مساحة الاقليم والشمال الافريقي.
7. سيمتد الصراع لداخل فلسطين وسوف تذوب السلطة الوطنية الفلسطينية، وسيكون هنالك صراع داخل بيت الاخوان المسلمين ومعه في بلاد الشام ومصر وكذلك داخل حماس ومعها في غزة والضفة الغربية، وستحمي اسرائيل نفسها بحواجز وجدر واسلاك اليكترونية واجهزة ذكية وستجبرها قوى الغرب على النأي بالنفس حفاظا على استمرار جودها كقوة بديلة يتم اللجوء لها عند الحاجة.
8. الصراع في المنطقة طويل الاجل كما يقول هايدن مدير CIA السابق، والفائز هو الاكثر صبرا وتحملا، واعتقد ان ايران هي الاكثر صبرا والاكثر تماسكا وهذا ما اثبته توقيع الاتفاق النووي معها اليوم.
واخيرا في الخلاصة المنطقية اقول، حلال على الشاطر، وهو الذي ينظر بعيدا نحو المستقبل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات