عقيدة الشعور بالمسؤولية


نفهم الشعور بالمسؤولية أنها عقيدة مغروسة في أرواح وقلوب المؤمنين بالله، لأنها تتعدى حدود الفردية دائماً، وهي صوت مؤثر ولسان بليغ تحتاج إليهما البشرية في هذا الزمن الردئ الذي استأثر فيه الأقوياء بالشكل والمضمون، وعاثوا في الأرض بالفساد والدمار النفسي والأخلاقي والمادي، لأنهم أرادوا قولبت الإنسان، وكبت حريته، وشراء ضميره بثمن بخس دراهم معدودة، إنّ حمل أمانة المسؤولية بصدق هي أهم مصدر للأمان الكوني الذي يرفع الفرد والجماعة من الآفاق المتدنية إلى مساحة عرضها السموات والأرض، بحيث يجد الإنسان الملاذ الآمن من غطرسة المال والنفوذ الذي يسحق الكرامة ويميت جمالية الحياة بأبهى صورها.

إن الأرواح الطاهرة والقلوب الصافية قد طبعت في الإنسان الحر المسؤول الفكر النزيه والسلوك السوي النابعين من القلب الطاهر المحافظ على صفائه ونقائه والذي عشق حب المسؤولية وخدمة الآخرين، دون طلب لثمن مادي، إنّه حامل قلب نبوي مهتم بهموم غيره، يترفع على بؤسه البدني، فيخطط لسعادة البشر حوله، ويرسم البرامج نقوشاً من أجل أمان وسرور مجتمعه الذي ينتسب إليه، وكم يجد من العذاب عندما تصاب الأمة بالبؤس والشرور، هذا الشعور الأخلاقي بحس المسؤولية هو جزء من جدول أعماله اليومية، يتبارى ليحوز على الموقع الأول في التنافس الشريف في الخدمة المجتمعية، وأعتقد أن هذا هو العزم النبوي الشريف الذي يرفع الإنسان درجات فوق درجات عند الله، ويكسب القرب من الخالق عز وجل.

لا يليق بشعورنا بالمسؤولية أن تقول كلاماً فارغاً ثم نمضي في طريقنا، لا يليق أن نزعم حمل المسؤولية ونحن محاصرون أفراداً وجماعات بالعداوة والبغضاء لبعضنا، بل والتخطيط الماكر لسرقة سرور الآخرين، واعتيال شخوصهم، إننا بأمس الحاجة إلى طرد هواجس الظلام التي تسيطر على عقول الأفاكين فينا، وبحاجة لطرد ما يمضغ وجودنا وشخصيتنا من دواخلنا، وإن لم نفعل، فسوف نرى يوماً نعجز فيه عن الحفاظ حتى على وجودنا الحاضر.

إن الشعور بالمسؤولية وأدائها يبث روحاً جديدة في حياتنا مشبعة بالإيمان وحب الإنسان والحرية والكرامة، وبهذا نرسخ الجذور المعنوية لشجرة مباركة تنمو وتزدهر بهذه المعطيات، وتزهو حقولاً جديدة خضراء بامتداد تلك الجذور، بهذا يعلو الإنسان على الأنانية الضيقة، لأنه نذر نفسه لخدمة المجتمع، وينتعش من جديد لأنّه تقاسم الواجبات والتعاون المتبادل مع أبناء مجتمعه، إنّ أخلاق المسؤولية هو أول وسيلة لتحقيق الرؤى الصادقة، أما السكون والجمود فهو موت وانحلال، واللامسؤولية في الحياة فوضى وتخريب، فلا مفر من ضبط تصرفاتنا بالمسؤولية إذا أردنا حياة مشرقة للبلاد والعباد، لأنّ حكمة وجود الإنسان في الكون واستخلافه فيه هو تحقيق عمارتها وغايتنا في نهاية المطاف تحري رضاء الله في كل رفّة عين، إننا بهذا الجهد المتواضع الذي يتسم بالعلم والأخلاق والحق والعدل سنلم شعت أشلاء الأمة المباركة التي تمزقت وتشردت في أرجاء المعمورة، لنجمع الأجيال التي ظلت بلا راعٍ ولا هدف في ظلال دعوة الله الجامعة " وأنّ هذه أمتكم أمة واحدة" على منهاج وتربية رب العزة والإعتصام المتين بحبل الله الذي يجمع ولا يفرق يوحد ويقوي الأواصر بعد أن ذاقت الأمة مرارة الحرمان والتشرذم، وصدق الله العظيم : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا".



تعليقات القراء

ضياء ضمور
مقال جميل يمس الواقع والشأن العام وليت الإنسان الذي ينتمي لدينه ووطنه وأمته يكون عنده عقيدة الشعور بالمسؤولية لأنها أمانة يسأل عنها عند ربه إن قصر في أداء عمله أو أساء أو خان (بارك الله جهود الكاتب ).
14-07-2015 07:18 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات