هل خانتا حماس والجهاد الإسلامي المقاومة؟


لو انتقد أحدكم التنسيق الأمني مع العدو الإسرائيلي، لسارع مسئول فلسطيني إلى القول: نعم، نحن ننسق أمنياً مع الإسرائيليين، وأيضاً حركة حماس تنسق أمنيا ًمع الإسرائيليين.
ولو اعترض مواطن على انتشار قوات الأمن الفلسطيني على طرقات الضفة الغربية بهدف توفير الأمن للمستوطنين، لسارع مسئول إلى القول: نعم، نقوم بحماية طرق المستوطنين، وأيضاً حركة حماس تقوم بحماية الحدود مع الإسرائيليين.
ولو اتهمت التنظيمات الفلسطينية السلطة بأنها تمنع المقاومة، وتعتقل المقاومين، لسارع مسئول إلى القول: نعم، وأيضاً حماس تحرس الحدود، وتمنع إطلاق القذائف على الإسرائيليين.
سأصدق المقاربة السابقة، وأفترض أن جميع التنظيمات الفلسطينية قد تساوت في التقرب إلى الإسرائيليين، وسأفترض أن التهدئة التي التزمت فيها حركتا الجهاد الإسلامي وحماس، وباقي تنظيمات المقاومة قبل عام، هي نفس التهدئة التي التزمت فيها فصائل منظمة التحرير عشية التوقيع على اتفاقية أوسلو، فهل معنى ذلك أن جميع التنظيمات قد انحشرت في خندق التخاذل والتفريط نفسه، وصار أعضاؤها تلاميذ في مدرسة المهانة والمذلة نفسها؟
المتحدثون باسم السلطة الفلسطينية سيقولون: نعم، نحن ننسق مع الإسرائيليين، وهم هنالك في حركة حماس ينسقون مثلنا، وإذا كان تنسيقنا خيانة، فإن تنسيقهم خيانة أيضاً، وإذا كنا هنا في رام الله نمنع المقاومة فإنهم هنالك في غزة يمنعون المقاومة، وإذا كنا هنا نتواصل مع الإسرائيليين علانية، فإنهم هنالك يتواصلون معهم سراً، وبالتالي لا فرق بين هنا وهناك، وجميعنا في المركب نفسه، ولا داعي لأن نزايد على بعضنا بالتصريحات؟
من يدقق في الواقع الفلسطيني يدرك الفرق بين الحالتين الفلسطينيين المتشابكتين المفترقتين، وذلك لأن المفاوضات التي تجريها السلطة الفلسطينية تهدف إلى التوصل إلى حل ينهي القضية الفلسطينية، بعد أن اعترف بدولة إسرائيل حقيقة قائمة، بينما سقف المفاوضات التي تجري بين المقاومة وإسرائيل لا يتعدى حدود التهدئة المتبادلة المؤقتة، التي تهدف إلى تسيير حياة الناس، دون الاقتراب من أصل القضية الفلسطينية للتسوية أو التصفية.
إن التهدئة المتبادلة لا تسمح للقوات الإسرائيلية الغازية أن تدخل غزة، على خلاف تهدئة رام الله التي شرعت الأبواب للجيش الإسرائيلي ليقتحم مدن الضفة، فقتل واعتقل دون اعتراض.
أما بشأن الحديث عن المساواة بين الطرفين في منع إطلاق القذائف على إسرائيل، فإن منطلق المنع في الضفة الغربية يقوم على اجتثاث البندقية من جذورها، وسحق المقاومة، ووصفها بالإرهاب، إنها التهدئة التي وضعت مفاتيح الزمن في يد المستوطنين، فاستثمروه في المزيد من التوسع والاغتصاب، بينما تهدئة غزة التي تقودها حركتا الجهاد الإسلامي وحماس؛ فإنها تقوم على اقتناص الزمن، واستثمار الهدوء لتعزيز المقاومة، وتطوير الصواريخ، والتدرب على القتال، والإعداد اللازم للمعركة القادمة، وهذا هو الفارق الجوهري بين تهدئة تطمئن المستوطنين على مستقبلهم، وتهدئة تقلق المستوطنين على مصيرهم، وقد اشتكوا في محيط غزة من المقاومة التي تحفر الأنفاق تحت غرف نومهم، وتستوطن بالخوف في مفاصل حياتهم.
وكي أعزز حديثي بالدليل، تعالوا لندقق في أهم حدثين فلسطينيين للعام 2015
الحدث الأول: تمثل في إعلان حركة الجهاد الإسلامي أنها في حل من التهدئة مع الإسرائيليين إذا استشهد المجاهد خضر عدنان، إنه التحدي الخارق للمألوف الذي أرعب الصهاينة، وأجبرهم على الاستجابة لمطالب الأسير الفلسطيني المضرب عن الطعام.
الحدث الثاني: تمثل في إعلان حركة حماس مسئوليتها عن تنفيذ عمليتين عسكريتين في الضفة الغربية، إنه التحدي الخارق للمألوف، الذي لم يجرؤ الجيش الإسرائيلي على الرد عليه في غزة.
فهل الندية في الميدان تحققت بفعل المقاومة التي تتحدى الصعاب، أم بفعل التنسيق الأمني الذي يخون المقاومة، ويصفها بالإرهاب؟.
فماذا تقولون يا أيها المنسقون؟ وكيف تردون؟ وهل أنتم دون مقاومة مسلحة فلسطينيون؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات