صناعة الإرهاب


لقد تكالب العالم اليوم وتداعى وتنادى من أجل مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، وتعالت الأصوات التي تنادي بالقوة العسكرية، والتحالفات الدولية، والخطط والمناهج التي تقود الى القضاء على عدو الإنسانية المعاصر.

ولكن؛ ألم يخطر ببال هؤلاء القادة الغربيون المتكالبون وهم يدعون الى القضاء على الإرهاب السؤال التالي: ما هو أصل الإرهاب؟ ومن أين بدأ؟ ومن الذي عمل على تنميته وتطويره ليصبح قوة كبيرة تخاف منها الدول العظمى اليوم؟

إن بدايات الإرهاب تعود الى بدايات الخليقة، والى النفس البشرية التي تسعى دائماً الى التملك والسمو والتطور ولو على حساب الأخرين، تلك النفس التي تنمو فيها الروح العصبية للجنس والنوع والعائلة والقبيلة والدولة والديانة وغيرها.

ثم جاء الإسلام لكي يساوي بين الناس، وينبذ كافة أشكال الطائفية والعصبية، وأن يكفل للجميع العيش الكريم بسلام وآمان، وكل ذلك يتضح من خلال قول نبينا عليه الصلاة والسلام: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى". وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

وبقيت التعاليم الدينية الإسلامية هي المظلة التي تحمي من يحتمي بها، وهي المدافع الأول عن حقوق الإنسان والداعية لها، وهي التي كفلت حق الطفل والمرأة والكهل وحتى الحيوان.

الى أن ظهرت تلك الدعوات التي تدعو الى العصبية والعرقية، وفرقت الناس، وإستخدمت القوة وترهيب الناس الآمنين من أجل توضيح أفكارها وترسيخها لدى الناس. وعلى مدى السنوات الطويلة، ظهر الكثير من "الإرهابين" أمثال الحشاشون في القرن الثاني عشر، والمغول، والحملات الصليبية على بلاد المسلمين وغيرها.

ومنذ بداية القرن العشرين ونحن نشهد أشكالاً جديدة من "الإرهاب الدولي الحديث". ذلك الإرهاب الذي دعا الى خطف فلسطين من المسلمين العرب، وإقامة الدولة اليهودية عليها، وهو نفس الإرهاب الذي عمد الى قتل الآلاف من الفلسطينين وتشريد الملايين في مختلف دول العالم، وحصار الملايين الآخرين في بقعة منفية من العالم تدعى غزة.

وهو الإرهاب ذاته الذي قاد حملة جديدة من تفريخ العدون لأهلنا في أفغانستان وباكستان ومحاولة القضاء على الجنس المسلم هناك، وهو ذاته الإرهاب الذي مول حملات العنف ضد المسلمين في البوسنة والهرسك والتي ذهب ضحيتها الآف القتلى والمئات من الغتصبات في الشوارع، والأيتام والأرامل والمشردين.

وهو الإرهاب ذاته الذي عمد الى واحدة من أقوى الدول العربية وأعرقها، والتي كانت منارة للعلم والعلماء في العصر الحديث، والمشهورة بجامعاتها وطلابها وخريجيها وأساتذتها، ليجعل منها خراباً يعيث فيه المفسدون الشرور المختلفة.

وهو الإرهاب ذاته الذي يمول أطراف الصراع اليوم في الدول العربية والإسلامية، يمول طرفي الحرب بالأسلحة والأموال، ويذكي نار الفتنة بين الطوائف والأطراف المختلفة التي تعيش الى جانب بعضها البعض بسلام منذ أكثر من الف عام.

وهو الإرهاب ذاته الذي وقف الى جانب العدو الصهيوني في كافة المحافل الدولية، ودافع عنها دفاع المستميت، وناهض جميع الأصوات التي دعت الى الحرية، ونادت بالإنعتاق من الصهيونية العالمية.

فأنتم هم من صنع الإرهاب القديم والجديد، وأنتم من زرعتم بذورها فينا، زرعتوها في أجيال من فلسطين كوسوفو والبوسنة والهرسك وأفغانستان ومينمار والعراق وسوريا وليبيا ولبنان والجزائر والمغرب ومصر وغيرها.

أجيال ستذيقكم ثمار زراعتكم للإرهاب، وتريكم فنون صناعتكم في الإرهاب، والذي سيعود عليكم بالضرر العميق، والخوف المميت، والذي لن تشعروا معه بالأمان والطمأنينة التي طالما عشتموها الى جانب المسلمين.

فالجماعات "الإرهابية" التي تنصبغ بصبغة الإسلام اليوم هي من بذوركم النجسة في منطقتنا، والعمليات الإرهابية في مساجدنا وجامعاتنا وفي معسكراتنا اليوم هي من أفكاركم الخبيثة التي طالما بثثتموها بين أبناءنا وبناتنا.

والأسلحة التي يقتل بها بعضنا بعضاً هي من صناعتكم وبأموال بعضنا، ولكن سيأتي اليوم الذي ستتحول فيه الأسلحة الى نحوركم، ويكون القضاء عليكم بأفكاركم وخططكم وأسلحتكم أيضاً.



تعليقات القراء

مع كل الاحترام
يعني بكل صراحة انا ما بعرفك ، اسف جداً على هالتعليق ... سامحني ... مقالاتك مملة جداً .. ممكن تكون مفيدة .. لكن حقيقةً ولا عمري استمتعت بمقال الك .. يعني حاولت اتأقلم وانسجم وأقرأ للاخر .. لكن .. للاسف
06-07-2015 01:53 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات