الأردن ونظرية الحرمان النسبي


من بين نظريات السياسة الدولية مجموعة النظريات الخاصة بأسباب الصراع الدولي ويتفرع منها مجموعة النظريات السيكلوجية والسياسية والأمنية والاستراتيجية والاقتصادية والسوسيولجية. وتقع نظرية الحرمان النسبي من ضمن النظريات الاقتصادية, ومعنى هذه النظرية أن الحرمان النسبي الذي قد تعاني منه بعض الشعوب والدول من الممكن ان يكون سببا من أسباب الخروج على النظام السياسي الدولي لكي يتسنى الحصول على نصيب اكبر من التسهيلات والمزايا التي ينعم بها أعضاء النظام الدولي الآخرين.
ويدلل دعاة هذه النظرية على صحتها بأن الحروب التي وقعت في دول العالم الثالث هي الأكثر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية فبينما وقعت ستون حربا في الاعوام الثلاثين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بين الدول النامية لم تقع حربا واحدة بين الدول المتقدمة, وتنتقد هذه النظرية على أن الدول المتقدمة خاضت الكثير من الصراعات والحروب ضد بعضها ولكنها كانت تدور خارج اراضيها وبالتحديد على اراضي دول العالم الثالث حسب ارتباطاتها بتلك الدول ومن خلال نفوذها الضخم في النظام السياسي الدولي.
ما دعا الكاتب الى الحديث في هذا الموضوع وربط هذه النظرية مع الوضع السياسي الدولي والأردن, هو ما يدور هذه الايام من تلميحات وتصريحات مبطنة من قبل النظام السياسي في الأردن, وما تبع ذلك من تحليلات السياسيين والكتاب والمواطنين في تحليل تلك الاشارات, ومن تلك التلميحات والتصريحات: حديث الملك في احد المناسبات ذكر خلاله مصطلح الدولة الهاشمية, وحديثه اكثر من مرة عن دور الأردن في حماية عشائر السنة في العراق وسوريا وتسليح تلك العشائر, وما دون الملك من اعضاء الحكومة أو بعض السياسيين البارزين عشرات التلميحات والتصريحات ليس آخرها ما ذكر على لسان وزير الدولة لشؤون الاعلام الاسبوع المنصرم: (لا ضم لمناطق من سوريا والعراق الى الأردن). وان كان هذا التصريح يحمل في طياته النفي, فما هو داعي هذا النفي, ان لم يكن هناك ما يدور من وراء الكواليس؟
وبتحليل واقع تلك النظرية السياسية السابقة هل يعاني الاردن من نظرية الحرمان النسبي في المجالين الاقتصادي والسياسي؟ في المجال السياسي الم تكن وعود الدول الاستعمارية عند اندلاع الثورة العربية الكبرى بأن يكون الهاشميون ملوك المشرق العربي, ولم يستمر حكمهم الا في الأردن, هل هناك تفكير غربي بتوسيع دوله اقليمية كبرى هاشمية القيادة وسنية المذهب تقبل بوجود اسرائيل ومنافسة للسعودية في قيادة المذهب السني في العالم, وفي المجال الاقتصادي هل يعني ان التفكير في اتجاه مجال اقليمي أوسع يؤدي الى كسر طوق الركود الاقتصادي في الأردن من خلال اضافة مصادر طبيعية وبشرية متعددة ومتنوعه, ولكن من خلال العودة الى تفنيد تلك النظرية, اليس من الواضح ان الدول العظمى هي المحرك لإشعال تلك الحروب والصراعات وتغذية النزعات التوسعية وغيرها مما يخدم مصالحها وبعيدا عن اراضيها ومواطنيها وخوض تلك الصراعات على اراضي غيرها منذ وقبل خلق داعش واخواتها والوصول الى هذه الحالة المتردية في الاقليم.
من خلال تحليل الكاتب ونظرته المتواضعة لم تحدث تلك التصريحات والتحليلات واحياء الرايات من فراغ أبد, وان هناك نية مبيته لتغييرات جذرية في الاقليم (ومن المؤكد انها ليست في صالح الاقليم ابدا), واذا حدث ما لم تحمد عقباه فأن السبب في ذلك تغييب الشعب والأمة عما يحدث من وراء الكواليس, وقد يكون لا حول لنا ولا قوة كدولة (الا بالله) فيما يدور من ترتيبات, ولكن المشاركة والمصارحة فيما يطلع عليه قادتنا من ترتيبات وتغييرات مقبلة, هو الضمان للاستعداد لمواجهة القادم بخيره وشره, والله من وراء القصد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات