" آفة المحطات الفضائية "


حتى تنجح المحطة الفضائية لا بد أن تحافظ على متطلبات الجودة الفنية والتقنية والعلمية، وحتى تكون برامجها مقبولة لدى المشاهدين وهم العينة المستهدفة ليتم التأثر والتأثير الايجابي الفاعل، لا بد من الالتزام بالواجبات المهنية من حيث حسن اختيار المحطة عناوين البرامج الناجحة التي يحتاجها الإنسان في داخل القطر وخارجه، وأن تكون متنوعة ذات قيمة علمية، ولها آثارها النفسية والاجتماعية والدينية على المشاهدين، لأنها تعطي صورة مشرقة عن المحطة التي هدفت منذ تأسيسها بناء شخصية الإنسان على معالم الفضائل والأخلاق، بحيث تعطي حيزاً كبيراً للحوار الهادف، حتى يتعلم المشاهدون من المحطة تلك الرؤى الخلاقة، لا أن تكون برامجها مجرد متعة وتسالي للمشاهدين، بحفنة من الفقرات المنوعة التي تميت الإبداع عند الناشئة، بل وتقتل العلاقات الاجتماعية بين الناس.

وعلى المحطة الناجحة أن تختار الأشخاص المؤهلين علمياً وأخلاقياً لإعداد وتقديم البرامج اللائقة لجمهور المشاهدين، وأن يتمتع كل منهم بسمة من الوقار والهدوء، وأن يكون ذا هيبة، لا أن يكون كالطائر في كثرة حركاته ومحاولة جذبه لأنظار الناس بعلو صوته، أو بإشاراته المتكررة، أو التلاعب بالعواطف، أو الاستعراض الذي لا مسوغ له، خاصة من يقدم برنامجاً دينياً للمشاهدين، فإن من الصفات المرغوبة عند أهل العلم الرزانة واحترام عقول المشاهدين، أما المعلومات التي تقدم فلا بد أن يكون لها المستند العلمي والشرعي، بعيداً عن الافتراضات وإيقاع المشاهدين ببلبلة الفكر، وكثرة الفتاوى الخاطئة في غير موضعها، كما يجدر به ألاّ يكون متنبئاً، بل يقف على الرأي الصائب باعتدال وتوازن آخذاً بالتيسير ورفع الحرج عن المشاهدين، مع محافظته على الثوابت الشرعية، لذا لا بد وأن تختار المسائل التي هي محل اتفاق بين السادة العلماء، والبعد عن المسائل الخلافية التي لا يفقهها إلا المتخصصون.

تتسابق المحطات الفضائية بتقديم البرامج منها الغث ومنها السمين، حتى السمين منها يحتاج إلى إعادة نظر في مادته العلمية، وأسلوب تقديمه، وهناك التحفظات الكبيرة على من يقدمه، لأنّ من يقدم برنامجاً لا بد أن يكون له القبول والرضى عند جمهور المشاهدين، لأنّ برنامجه يعالج قضايا يحتاجها المواطن والوطن والأمة في مختلف الموضوعات ذات الشأن والأثر العظيم، كما بجدر بمن يقدم البرنامج ألاّ يهدف منذ البداية الظهور الإعلامي فقط، لأنّ هذه هَبّة آنية ومن ثم يزول الأثر، كما أن كثيراً من البرامج هدفها الربح المادي السريع، وذلك من خلال الاتصالات من المواطنين، بل وإغرائهم عليها من المحطة والمقدم معاً، وبعض المفردات التي نسمعها فيها خلل واضح من حيث البناء والغاية، بل واستهتار بعقول المشاهدين، لذا نحذر من هذه الهوسات والهلوسات التي تهدم ولا تبني تفرق ولا تجمع، بل تعود بالعاقبة السيئة على المحطة.

تتبارى المحطات الفضائية في بلدنا وعالمنا العربي، بتفجير قضايا الفتاوى الشرعية، ومعظم من يتصدر لها غير مؤهل من الناحية الفقهية، بل نجده يخبط خبط عشواء، لذا تضاربت الفتاوى في المسألة الواحدة، علماً بأن المؤسسات الدينية في بلدنا ومنها دائرة الإفتاء العام هي صاحبة الولاية الشرعية للإفتاء لأنّ فيها نخبة من العلماء المؤهلين، لذا فولاية الإشراف والإعداد والتقديم لبرامج الإفتاء منوط بهذه المؤسسات، حتى لا يقع المواطن في الفتنة والفوضى المعرفية خاصة في مسائل العبادات وغيرها، فعلى المحطات أن ترحم الوطن والمواطن وذلك بتقديم المعلومة الصحيحة التي تحوز الثقة والراحة النفسية، بل وتشيع الرغبة في متابعة البرامج الجادة على اختلاف أنواعها، وأن تتم العناية الكبيرة في اختيار الإنسان المقبول علمياً واجتماعياً الثقة بين آحاد الأمة ومجموعها، لأنّ الأمة لا تجتمع على باطل وضلال، عندما ننقي ونصفي المحطات من الزبد، قال تعالى:" فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات