تحليل: هل وقعت حماس في العشق الممنوع وزواج المصالحة ؟


جراسا -

مراسلنا في رام الله - نهاد الطويل  -للوهلة الأولى يبدو ان الظروف والأجواء ناضجة بما يكفي لإتمام وإنجاح مساعي الوصول الى تهدئة طويلة بين حماس وإسرائيل، التي تقودها وترعاها أطراف متعددة، وفي ظل صمت حمساوي فإن إسرائيل واعلامها يكثرون جدًا من تناول الأمر، سواء على المستوى الرسمي والأمني والإعلامي، حتى ان هناك من رصد ما أسماه بداية العشق الممنوع، وآخر أطلق عليه زواج المصلحة.,وفقا للتحليل الذي نشره أطلس للدراسات.

يبدو ان "إسرائيل "حسمت أمرها منذ وقت لصالح زواج المصلحة هذا الذي يحقق لإسرائيل مصالحها الأمنية (الهدوء) والسياسية (تعزيز مقومات الانقسام وكل نتائج تحييد القطاع وتحويل قضيته الى قضية معيشية)، بالمقابل فإن إسرائيل ستكون بذلك قد اضطرت للاعتراف عمليًا بحركة حماس؛ ليس هذا فحسب، بل وستضطر الى تشجيع تعزيز حكمها بشكل مباشر أو غير مباشر، أو أقله ان تغض النظر عن الانفتاح الدولي على حماس، في تناقض كبير لما تنطوي عليه الأدبيات السياسية لجميع الأحزاب الإسرائيلية التي تعتبر حماس حركة إرهابية وتدعو وتشترط أي علاقة بها بشرط اعتراف الحركة بإسرائيل وتخليها عمّا تسميه بـ "النشاط الإرهابي" ونزع سلاحها، وفي تناقض أيضًا مع وعود نتنياهو لناخبيه في دورتي انتخابات الكنيست 2009 و2012 وفي اشتراطه نزع سلاح الحركة مقابل رفع الحصار.

"إسرائيل" وفقا للمراقبين سلمت عمليًا بخسارة معركتها السياسية ضد الحركة، وهي لا تستطيع اليوم ان تواصل فرض حصارها السياسي على الحركة أو ان ترفع الراية الحمراء في وجه كل من يرغب بالاتصال بالحركة، على الرغم من انها ستصر على الاحتفاظ بهذا "الفيتو" فقط ضد علاقة السلطة بحماس، فإسرائيل ستظل متمسكة بتعويض خسارتها السياسية أمام حماس بشق وحدة الصف الفلسطيني وإضعاف الموقف السياسي التمثيلي للسلطة وتعميق الأزمة الفلسطينية، أي انها تحاول ان تعادل خسارتها التكتيكية أمام حماس لصالح مكسب أكثر استراتيجية على جبهة الصراع السياسي الأهم.

أما حماس من جهتها؛ كما يرى التحليل المطول فهي تشعر وبحق انها الطرف الأكثر انتصارًا من بين كل الأطراف الأخرى، فهي بعد ثلاثة حروب عدوانية وحصار طويل؛ عززت مكانتها في الداخل والخارج، وارتقت عاليًا على سلم المجد، والأهم انها فرضت الاعتراف بها ككيان وحركة سياسية، وباتت رقمًا صعبًا لا يمكن تجاهله أو القفز عنه، ونجحت في فرض معادلة ردع وميزان رعب في مواجهة الردع الإسرائيلي، مما خلق حالة من التعادل، جعل التسوية الأمنية الاقتصادية والمعيشية مخرج اضطراري محتم.

وبعد ثلاثة حروب طاحنة خاضتها الحركة في مواجهة آلة القتل والعدوان الإسرائيلية، وبعد ان حققت ما حققت من انجازات على المستوى السياسي، ومن ندية قتالية في الميدان، وبناء حائط ردع صاروخي كوى عقل جنرالات تل أبيب باستحالة كسر غزة عسكريًا، وأن كل عدوان على غزة سيكون مكلفًا لهم وبلا جدوى سوى ما يتعلق بالانتقام والثأر وزيادة معاناة الغزيين؛ بعد كل ذلك، فسواء كانت المقاومة الصاروخية وتحت الأرضية، وغير ذلك من أشكال الابداع العسكري الجاري واللاحق المستقبلي، تهدف حقًا لتحرير المزيد من الأرض بتوسيع حدود القطاع شرقًا وشمالًا بداية أو تهدف فقط - في هذه الظروف على الأقل (الوطنية والعربية) وفي ظل استحالة تقاطع النيران العربية والفلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الظروف الراهنة - الى حصر أهدافها بحماية السيادة الفلسطينية على جغرافيا القطاع وتأمين حياة معيشية كريمة لسكان القطاع وحماية رأس المقاومة وسلاحها؛ فإن الظروف ناضجة موضوعيًا لتهدئة عسكرية لالتقاط الأنفاس طالما انه لا يوجد أهداف حقيقية تسعي المقاومة المسلحة عبر معارك جديدة لتحقيقها، ولا يمكن تحقيقها عبر المفاوضات غير المباشرة المتصلة بالتهدئة.

ولكي تنجح مفاوضات التهدئة حقًا؛ لا بد أولًا من ان تتكون قناعات راسخة لدي كل الأطراف الفلسطينية صاحبة "الفيتو" على مفاوضات التهدئة، عسكرية وسياسية، من ان مفاوضات التهدئة قادرة على ان توفي بالتزامين أساسيين التزمت بهما المقاومة ولا زالت تجاه شعبها وأسراه؛ الأول: رفع الحصار عن القطاع وتوفير مقومات الحياة الكريمة، والثاني: التزامها بتحرير الأسرى وإنجاز صفقة (وفاء الاحرار 2).يقول التحليل.

قبل أيام تحدث الأسير القائد عبد الله البرغوثي من داخل سجنه الى إحدى الإذاعات المحلية في القطاع، معربًا عن أمله وقناعته بقرب الفرج بالإفراج عن الأسرى، وعن ثقته بالمقاومة وقدرتها على الوفاء بالتزامها تجاه الأسرى، في اليوم التالي نشرت كتائب القسام بيانا أكدت فيه على التزامها القوي تجاه حرية الأسرى، وهو التزام يصل الى درجة القدسية، وربما له الأولوية التكتيكية على رفع الحصار.

وخاتمة القول أن "إسرائيل" لديها ميل دائم لمعالجة ملف التهدئة والحصار وتبادل الأسرى في رزمة واحدة، فهي تعتقد ان رفع الحصار سيشكل عامل ابتزاز على ملف الأسرى، بينما يفضل الفلسطينيون فصل الملفين عن بعضهما البعض، وربما من الأجدى انهاء ملف الأسرى قبل ان نتخلى عن ورقة التهدئة، فالتهدئة - سواء لثلاث أو لخمس سنوات - تعتبر أهم ورقة تملكها المقاومة في ظل الرغبة الإسرائيلية الشديدة للتوصل لوقف إطلاق نار لفترة طويلة من الوقت، وخوفهم الشديد من الانفجار القادم واضطرارهم لدخول حرب زائدة ومكلفة على كافة المستويات، وربما تطيح بحكومة اليمين الضيقة.



تعليقات القراء

نوفة
طول العمر اليود من قرون لا اصحاب عهد ولا غيره
فعلا اسوء خلق الله
11-06-2015 11:09 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات