بين سطور السياسة !!


على الرّغم من أنّ بعد القرار السياسيّ الاردني المحلي بين أشواط المراحل الحكوميّة أصبح مكشوفاً باهتاً للجميع الا أنّ طريقة التنفيذ بينهما تطورت كثيراً لتوائم مستوى معين من عقولِ الاغلبيّة المُصفِّقة وقلوب الطامحين العاجزين , تلك الطّبقة التي تشابهت زمنياً فئاتٍ كُنا نعتقد انّ هواها هوانا ولم يكن ايمانها بمستقبلً نزيه وعادل الّا وَهْمٌ على مرِّ السنين لوّعنا وكوانا...

قصةٌ خطرت لي من الماضي العربي الاسلامي ...فبعد أنْ أُطيحَ بالحاكم وتم الاستيلاء على مقاليد الحكم أستشار أحد المقرّبين من الحاكم الجديد بأنْ يتخلَّص من بطانة الحاكم السابق من ولاةٍ ووزراءٍ وقضاة لانّه اعتقد أنّ بوجود تلك الحاشية القديمة لا شكّ سيواجهة صعوبة في المسكِ بزمامِ الامور لانهم ودون تردد سيضعون العراقيلَ وسيسعون لعمل المكائد أمامه من مطلق ولائهم لحاكمهم السابق ...فكّر الحاكم ملياً ثم قرّر الابقاء على جميع المناصب دون تغيير ,لم يُقيل احداً من موقعه او يقطع رأس أخر. وعندما سُأِل عن ذلك أجاب : انّني الان أعْرِف جميع اعدائي وأراقبهم لكنّني انْ ابعدتهم وأحضرت أسماء جديدة لن أستطيع بسهولة أن أُخّمِّن من هو عدوي الجديد وسأجدني حائرًا مشوشّا في ما قد يحاك ضدي...

نحنُ العرب لنا تاريخٌ عريقٌ في المؤامراتِ والدّسائس ,وها نحن ما زلنا نستهلكُ ما وهبنا الله من ذكاء ومعرفة في مساره الخاطئ ,ونرتب مراحل حياتنا السياسيّة والاجتماعية على أساس المادة والمنصب متجاهلين كيف سيحفظ التاريخ سجلاتنا المخزية وكيف سيعجز الزمان عن تحرير جزء من سطر من انانية لصالح حكوميّة ما أو لقبٌ لذات شخص...

التعقيد الذي يلوح في أفق المارة خلال فترة المراحل الحكوميّة هو الأليّة التي يتم فيها اعادة تدوير فضلات الاخطاء السياسيّة لاشخاص هنا لتصبح فيروساً سياسيّا في أصله اجتماعياً في عرضه يقضي هناك معاً على البرئء والمجرم ,على الامين والخائن ,على المنتمي واللامنتمي, الغريب في القرار السياسيّ بساطة الطرح والالقاء وعنجهيّة وجهات النظر المتداولة والمصرّة على أن احدا لن يفهم ما يدور.

عادة ما يكون القرار من ناحية التوقيت سلاح ذو حدين فانْ جاء بداعي القلق فسيكون ركيك الابعاد وان اتى بعد تكتيك مسبق مستدرج اجتماعياً فعلى الاغلب سيصفق له المصفقون...لا نحتاج الى هذا الكم من التفكير لنرى الشمس من وراء سحابة صيف ما يضفي على عقلانيتنا هو الانتظار وهو ما اعتاد عليه شعبنا منذ عقود ,ولن نتشنج مطولاً لانّ احدا هناك يراقب و سيطلق رصاصة الرحمة على انتظارنا في وقته المناسب....هكذا باتت عناوين العثرات المزمنة في سياساتنا وهكذا صرخت دوما وجوه تستعد للرحيل الى المجهول الذي سيلقون حتفهم الاجتماعي والسياسي فيه ولا غرابة حين جبلت طموحاتهم بالانانية والحقد والفساد. وهنا يجوع الاعلام في رغيف ,ويتوه في اشارة ضوئيّة ,ويدخل حروبا لا ناقة له فيها ولا جمل, ويستعبد بحريّة سياسيّة ظنّها الطريق الى الخلاص...

في مصحة عقليّة طرح أحد الاطباء على المريض سؤالا ليضمن حسن سلوكه وتصرفه داخل المجتمع وحتّى تكون مصداقية قراره بأنه معافى عالية الجودة وبالنسبة المئويّة التي لن يلاحق عليها قانونياً واجتماعياً لاحقاً ,قال له : "اذا رأيت رجلا عجوزاّ في الشارع يحمل حقيبة وأسرع سارقٌ او نشّال من بعيد وأخذها منه ثم فرّ ولم يستطع ذلك الرجل الطاعن انْ يلحق به . كيف ستتصرف؟ صمت المريض قليلاً ثم اجاب : سأحاول انْ لا امشي وحيداً مع حقيبة مغرية وأعرض نفسي للسرقة ان كنت لا أستطيع الجري"...
ما اجمل تواضعهم ,ليت كل مقرّري سياساتنا المحليّة وخطننا الاقتصاديّة يخضعون لفحص نفسي قبل أن يطلقوهم علينا ...
shnaikatt@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات