نرقص في ذكرى النكبة ونطّبع .. فلتحيا القضية


جراسا -

محمود الشرعان - ما أن يطل علينا شهر آيار حتى تحيا في الأذهان ذكرى الطعنة التي تلقتها الأمة في خاصرتها ولا زالت تتأوه منها وتنفث زفرات الألم منذ 67 عاما إن أردنا الانطلاقة بمآسي فلسطين منذ الاحتلال الصهيوني لها ، لكن الفاجعة ولدت قبل أكثر من مائة عام ولا زالت مستمرة .

67 عاما على نكبة فلسطين الأمة والعروبة والمؤامرة لازالت تنسج حبالها و نتجرع مرارتها التي أحرقت حلوقنا والقلوب .

هذه المقدمة ليست في سياق "اللطم" على حال أمتنا، ولا البكاء لسنة اضافية جديدة على ضياع فلسطين وما حولها، أو محاولة للتباكي على شاشة الكترونية صماء، لا تميز الحروف والمشاعر، ولن أبالغ واقول اني بكيت وانا أقوم بإعداد تقرير اخباري سينسى كما نسيت فلسطين وغيرها، ولن أكذب وأدعي أن المقدمة حركت شيئا بداخلي، ولكن ما اردت الإشارة له أنه طيلة 67 عاما والتطبيع قائم، بيننا وبين الكيان المرسوم بعقولنا.

نائب : زيارة الاقصى ليست تطبيع

اليوم تحديدا، خرج علينا أحد نواب شعبنا الذي اشبعنا نثرا وشعرا عن القضية الفلسطينية، ليرفض
وضع ما اسماه بـ"شد الرحال للأقصى" في "خانة التطبيع لأن زيارته (الاقصى) ستصب في تعريف العرب والمسلمين بواقع القضية وستزعج اسرائيل".

ودعا خلال ندوة أقيمت في أحد الجامعات الى زيارة القدس والمسجد الاقصى في إطار دعمه في مواجهة الهجمة الصهيونية الممنهجة لتهويد المدينة المقدسة مشيرا الى ضرورة ان تكون الزيارة محكومة بضوابط، الا أن هذا التطبيع الكامل.

ليأتي رئيس مجلس الاوقاف رئيس المجلس القضائي الشرعي، والقائم بأعمال قاضي القضاة في القدس الشيخ عبد العظيم سلهب ليبرر زيارة فلسطين ويقول: إن الزيارة "واجب شرعي على كل من يستطيع الوصول الى المسجد الاقصى ".

وتأتي هذه الخطوة ضمن المساعي العربية في التطبيع مع العدو الصهيوني، الا أن التطبيع لم يتوقف عند هذا الحد بل إلى أكثر من ذلك.

فيما يرى عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية فاخر دعاس أن " الكيان الصهيوني لم يشعر بارتياح في تاريخ صراعه معنا كما يشعر الآن، توسع في الاستيطان واستمرار للحصار على أهلنا في غزة وإذلال السلطة الفلسطينية في قطع عائدات الضرائب التي يتحصلها الكيان الصهيوني من المواطن الفلسطيني، إضافة إلى سياسات التهجير التي تمارس على شعبنا في فلسطين التاريخية.

ويكمل دعاس حديثه لـ"جراسا" أن الأسوأ حاليا أننا في ظل هذه النزاعات الطائفية البغيضة حاليا أصبحنا أكثر تقبلاً للعدو الصهيوني، وصار البعض من الرسميين العرب يجاهر بزياراته ولقاءاته مع الصهاينة، فيما أضحى السوق الأردني يستورد أطنان الخضار والفواكه الصهيونية دون خجل بل وبوقاحة أحياناً.

الأردني يزرع والإسرائيلي يأكل

67 عاما على النكبة والمهانة، والتطبيع في كل عام بزيادة عن ما سبقه، فارتفعت صادرات المملكة الى 'العدو الصهيوني ' من الخضار والفواكه خلال الأشهر الأربعة الماضية الى 10 آلاف و600 طن من الصادرات، وبنسبة 5% من إجمالي صادرات المملكة من الخضار خلال ذات الفترة.

وأكد وزير الزراعة الدكتور عاكف الزعبي بأن صادرات المملكة من الخضار والفواكه خلال الثلث الأول من العام الحالي بلغت ما مجموعه 214 ألف طن.

وأضاف الوزير الزعبي في تصريح صحفي ان الخضار شكلت حوالي 95% من الصادرات، والفواكه 5%، مقارنة مع 295 ألف طن لنفس الفترة من عام 2014 وبانخفاض حوالي 27%.

بدوره أكد الناطق الرسمي لوزارة الزراعة نمر حدادين ان سياسة الوزارة تقوم على السماح باستيراد البضائع والسلع من خضار وفواكه عبر منح تصاريح للمستوردين من القطاع الخاص.

ويرد الكاتب الساخر وليد العليمات على وزارة الزراعة أن " التطبيع الحاصل هو الاعتراف بالهزيمة، وتنازل رسمي عن أي حق عربي في فلسطين كونك اعترفت بأن هذا الكيان هو دولة ولها علاقات اقتصادية انت جزء منها

ويضيف عليمات لـ"جراسا" أن " التطبيع هو اهانة لدماء شهدائنا التي بذلت من اجل فلسطين، أيضا التطبيع فيه معاداة للشعب الذي يعتبر قضيته الاولى فلسطين وانت تتاجر بالقضية على حساب الاستقرار الداخلي، مما يحدث شقا كبير بين الموقف الشعبي والموقف الرسمي، وهذا يضعف تماسك الدولة، على حد تعبيره.

تطبيع تعليمي ثقافي ممنهج

التطبيع لا يتوقف بالزيارة ولا بتصدير الفاكهة والخضار، بل وصل الأمر الى التطبيع الثقافي التعليمي حيث نشر موقع " الخليج اونلاين " الالكتروني تقريرا مصورا عما أسماه التطبيع الثقافي الأردني – الاسرائيلي، حسب ما ذكره الموقع.

واشار التقرير الى ان خلافات حادة تنامت مؤخراً بين نقابة المعلمين الأردنيين، ووزارة التربية والتعليم، مع تصاعد حمى التطبيع الثقافي مع إسرائيل بتسهيلاتٍ من الوزارة، بحسب كتبٍ رسمية بذلك، حصل "الخليج أونلاين" على نسخٍ منها، يأتي هذا في ظل تنظيم رحلاتٍ ترفيهية لطلبة مدارس أردنيين وآخرين إسرائيليين داخل الأراضي المحتلة عن طريق إحدى الجمعيات الأردنية.

كما ذكر الموقع ان وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات قرر تشكيل لجنة من مديري التربية والتعليم للتحقق من صحة ودقة المعلومات التي نشرت، حول الرحلات الترفيهية التطبيعية لطلبة مدارسها خارج البلاد.

وتحدّث العضو في لجنة مقاومة التطبيع هشام بستاني عمّا تشهده الساحة الأردنية من حملات تطبيع ثقافي تبدو ممنهجة بالقول: "الشعب الأردني يدين كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، خاصة التطبيع الثقافي والأكاديمي الذي يعتبر الشكل الأخطر من التطبيع؛ لأنه يصادر العقول والأفئدة، ويخترق النخاع الشوكي لقيم ومفاهيم المجتمع".

يذكر أنه يظهر في كتاب التربية المهنية الذي يفترض أنه يتعلق بالتوعية الصحية، رسمٌ لقاعة صف مدرسي يشير فيه الأستاذ من بعيد إلى خريطة يتوسطها الأردن وحوله إسرائيل من الغرب، والسعودية والعراق من الشرق، وسوريا ولبنان من الشمال، وتقع الضفة الغربية بين "إسرائيل " في الغرب وبعض المدن الأردنية مثل إربد والزرقاء وعمان في الشرق، من دون أن يرد ذكر الأردن على الخريطة المذكورة، فالشطب هنا يلحق الأردن وفلسطين.

زيارات سرية لقوى أردنية الى اسرئيل

وفي سياق متصل، كشفت صحف الكيان الصهيوني أن أطباء أردنيين وصهاينة، شاركوا في مؤتمر دولي نظمته جمعية "أوبريشين" المعنية بمساعدة الأطفال الذين يعانون من انشقاق الشفة والحنك، وأضافت أن مشاركة إسرائيل في المؤتمر المذكور اقتصرت على طبيبين، في حين لم تذكر عدد الأطباء الأردنيين المشاركين فيه.

بدوره يصف الناشط النقابي والسياسي الدكتور عبد الناصر الخصاونة ذكرى النكبة بالمناسبة الأليمة التي تذكرنا بمأساة شعبنا الفلسطيني ومأساة العرب جميعا، مضيفا كنّا نأمل ان نحتفل بالتحرير بدلا من استدعاء ذاكرة هزائمنا وضعفنا من خلال التطبيع.

ويضيف الخصاونة لـ"جراسا" : ما يواسينا ان الذاكرة الشعبية لا تعترف بغير فلسطين التاريخية ولن تعترف بمحتل مغتصب نازي رغم مرور اكثر من ٢٠ عاما على اتفاقية وادي عربة المشؤومة ومحاولات التطبيع مع العدو الأزلي لامتنا.

وأكد ان الكيان الصهيوني لن ينجح بمحو ذاكرتنا واختراق عقولنا ولن ينجح التطبيع الإجباري بتزييف الحقيقة بأن فلسطين أرضنا كانت عربية وستبقى الى أبد الابدين .

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فقد أبدت حكومة بنيامين نتنياهو قلقها من انهيار علاقاتها مع الأردن بعد رفض شركة تأمين أردنية الاستمرار في تأمين سيارات السفارة الإسرائيلية في عمان، ومؤخراً راجع مسؤولون صهاينة السلطات الأردنية المختصة حول العلاقات الأردنية-الإسرائيلية، وضرورة تشجيع الأردن لقيام أنشطة اقتصادية وثقافية وتجارية مشتركة مع إسرائيل وفق معاهدة السلام، إلا أن المسؤولين الأردنيين لم يجيبوا.



تعليقات القراء

حنظلة
قال الشاعر الجواهري :
فاضت جروح فلسطين مذكّرة
جرحا بأندلس للآن ماالتأما
سيلحقون فلسطينابأندلس
و يعطفون عليها البيت والحرما
(لله درك يا جواهري)
12-05-2015 10:29 PM
اردني خليلي
شكرا لجراسا بالامس نهاد الطويل واليوم محمود الشرعان في ذكرى النكبة والتذكير بها.
مصيبتنا في القيادة الفلسطينية التي عادت الى رام الله للتحرير فاصبحت تتعايش مع الاحتلال وتتعاون معه وتحميه..؟؟!!
12-05-2015 11:31 PM
متابعة
أشعر بأنني أحضر فيلم درامي محزن للغاية !!!!
للأسف تحول دراماتيكي في تفكير الناس لهذه الدرجة ! تناسوا القضية الأصلية ودخلوا في متاهات لا معنى لها وأضاعوا البوصلة !!
رد من المحرر:
وكيف تريد ن نطرح القضية، بأسلوب كوميدي ولا رومانسي، هذه من أهم القضايا ومن أهم الأمور التي نتحدث عنها.
رد بواسطة scorpion الى المحرر
المتابعة لم تقصد انتقاد المقال انما تنتقد الشعوب العربية وما وصلت اليه.
12-05-2015 11:39 PM
معجب
شكرا جراسيا على هذا الطرح الواعي والفكر المتزن بارك الله فيكم وثبتكم على قول الحق ، هذه القضيه التي ناقشتم هي جرح غائر لا يدمل ابدا فنحن القدماء قليلا لا يمكن ان ننسى حتى لو أردنا ، اللهم ارعى ابنائنا
13-05-2015 08:25 AM
أبو العز
زيارة الأقصى تطبيع 100%
13-05-2015 09:13 AM
أبوجمانة
لكل قصة حبكة وحبكة قصتنا النكبة .
14-05-2015 10:32 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات