دور المشاركة الشعبية في صنع القرار


نواجه اليوم مرحلة عربية وعالمية جديدة، نحتاج فيها لعمل مجتمعي وفعالية لمؤسسات المجتمع .ولكي يعود الانسان الفاعل والنشيط إلى تقديم مبادراته الوطنية في إطار منظم ،ويعود للفكر والنشاط السياسي فعاليته في وجه الفكر التقليدي والعاطفي والانفعالي تجاه المتغيرات السياسية ، وكي نفعّل دور الشباب ونشده إلى المشاركة في بناء الوطن ،فعلينا أن نصدق النوايا في إطار تفعيل النشاط الشعبي ، ونفتح الأبواب أكثر لمشاركة الفكر الوطني ، فيعود للمشاركة الشعبية دورها مع المنظمات النقابية والمهنية .
إن المجتمع الأردني مجتمع تقليدي ، لم يصل إلى المجتمعات المفعلة اجتماعياً فيه الكثير من مقاومة التغيير ، ويفتقر إلى الكثير من الفعاليات الفكرية والوطنية، وهذا يعزز بالعمق تطور الحلول التقليدية السلفية التي لم تستطع حتى الآن طرح بدائل وطنية مقنعة وفعالة لمواجهة تحديات التطور الاجتماعي .
ونحن اليوم لمواجهة التحديات التي تواجهنا بحاجة ماسة إلى إعمال العقل الوطني وتفعيله ، من خلال إطلاق حالة من التعلم المستمر والحوار الوطني الدائم والقائم على المسؤولية الوطنية في تطوير الوطن بمشاركة مختلف قواه السياسية والاجتماعية ، والقضاء على مظاهر اللامسؤولية أو النقد من غير المشاركة في وضع الحلول .
إن مشاركة الناس في التنمية التي تتعلق بهم وبحياتهم ومستقبلهم ، هي مسألة حيوية لهم ، لأنها تبحث في شكل التنمية التي تخصهم ، وبالمستويات التي ينبغي أن تكون عليها التنمية ، وهي بهذا المعنى تعني أن يعيش الناس حياة طويلة وصحية ، وبإمكانهم الحصول على الموارد اللازمة لمستوى معيشة لائق. ومن أجل الوصول إلى ذلك ينبغي أن يتاح للناس الفرص الملائمة للتمكن من المشاركة في القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تنعكس على المسائل التي تتعلق بالتنمية التي يريدونها.
وتتجاوز مشاركة الناس قضية التنمية الراهنة ، لتتعداها إلى التنمية المستدامة التي تسمح بقدر كاف من الرفاهية للجيل الحالي دون أن تجور على حق الأجيال القادمة في تحقيق قدر كاف أيضاً منها للمجتمع. وينبغي أن تتحول المشاركة الشعبية إلى نهج يتيح لكل مواطن أن يشترك في صنع القرارات التي تؤثر في حياته دون تمييز في النوع والعرق والدين .
وبهذا المعنى تحمل المشاركة الحقيقية صفتي الحق والمسؤولية. أما المشاركة فهي حق للمواطن يناله باعتباره يحظى بحق المواطنة. وأما من جهة كون المشاركة مسؤولية ، فهذا يعني أنه على المواطن تحملها ضمن سياق العمل على تطوير الوطن ، وتنميته.
وتمثل المشاركة من ناحية أخرى هدفاً تبغي الوصول إلى مجتمع يتسم بالعدل والمساواة ، ويتيح لكل مواطن فرصة عادلة من العيش والتمتع بالمكاسب المحققة فيه، وأن ينال نصيبه من الموارد المختلفة ، كما تمثل المشاركة وسيلة تمكن كل الشرائح الاجتماعية ، من حق التأثير على عمليات صنع القرار، إما مباشرة ، وإما من خلال تمثيلهم في هياكل وآليات صنع القرار .
إن المشاركة تتطلب وعياً بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما تتطلب اقتناعاً بأن التغيير ممكن من خلال جهود الفرد والجماعة، وأنه ستعطي أفضل فاعلياتها كلما أمكن للناس العمل من خلال تنظيمهم لأنفسهم.
إن الحكومة غير قادرة الوفاء بكل متطلبات الناس، لذا تأكدت الحاجة إلى حق المواطنين في تكوين جمعيات أو هيئات أو تنظيمات أهلية بناءً على مبادرة أفراد عاديين، ووفق طموحاتهم ورؤيتهم المتجددة والمتغيرة، من أجل بلوغ ذلك الجزء من متطلباتهم الذي لا تستطيع الدولة القيام به .
إن نشاط الجمعيات الأهلية والتطوعية في سبيل دعم المجتمع المدني ونشر مبادىء الديمقراطية ، يمثل تعبيراً عن المشاركة في نشاطات تمس جملة من الاهتمامات اليومية ، ودعم جمعيات حقوق الانسان ، وحل مشكلة البطالة.
إن ترسيخ تقليد الاعتماد على الدولة ، وتوقع الناس بأن كل شيىء سيتم من أعلى، قد أفقد المواطنين لجوءهم إلى المبادرة ، وإلقاء المسؤولية في كل كبيرة وصغيرة على الحكومة.
إن المشاركة الشعبية بالتنمية في الأردن في الوقت الراهن تعاني من حالة ثبات، كما يعاني الحوار الذي ينبغي أن يقود إلى تلك المشاركة من هالة غياب على صعيد علاقة المواطنين بالحكومة ، وما زالت هذه العلاقة تفترض أن يكون المواطن في هذه الحالة متلقياً فحسب من دون أن يحظى بفرصة المشاركة في صنع القرار.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات