رؤساء وأعضاء


هُم أوّلاً وأخيراً نتاج السياسة الادارية المتداعية التي أُسْقِطَتْ على رؤوس الشّعوب الغضة فكرياً المتداعية ثقافياً زمن الامارة الاولى.انّهم أغلبية يَحتكرون بامتياز عرشَ الخدماتِ الاجتماعيّة ويتلاعبون بصلاحيّات انْسانية مقدسة , يَفْقدون الرّأي ويَحْتقرون الرأي الأخَر, وكيف لا يفعلون! وقد أّخَذتهُم العِزّةُ بالاثم بعد أنْ توّجوا شعبياً وقانونياً رؤساء وأعضاء بلديات ,البلديّة التي في الاصل أساس العَدالةِ الاجتماعيّةِ وساحةً خدميةً شرعيّة للمواطن في حَقّه بالتّمَتع بايرادات ضرائبِه التي تُحَصِّلها الحكومة من أفواه أبنائه , البلدية التي هي في عناوين الادارة قاعدة البناء التنظيمي الاداري الحديث أنْ صَلُحت صَلُحَ الباقي وانْ أُفْسِدَت فَسَدَ سائرُ الجَسَد .

عندما أخذت الدّولة بنظام الادارة المحليّة هَدَفَت الى تخفيفِ العبئ عن الجهة الحكوميّة من ناحية وزيادة المشاركة المجتمعيّة في رسم السّياسة المحليّة من ناحية أخرى وكان من اهداف دَمج البلديّات هو استغلال وتفاعل الامكانيّات والكفاءات البشريّة والماديّة التي تستطيع من خلالها تحقيق التّنمية , ولم يكن مَوقع رئاسة وعضوية البلديّة ادارة ما اجتماعيّاً بحتاً لأغراض الوجاهة ولا قراراً هشاً يغيّب فئة عن أخرى وبلدة عن جارتها,ولا جلساته عطوات دموية الا هنا في الاردن, حين يقابلنا قانون انتخاباتٍ بلدي واهنٍ وشروطٍ ترشيحية متواضعة أمام فخرنا الدائم بثقافة وعلم المواطن ,وصلاحيّاتٍ وخدماتٍ لا توائمُ التّصريح الرّسمي المُطالب بالمسيرة الاصلاحية وعصرٍ جديدٍ من العدالة الاجتماعيّة ولا تنسجم مع سياسة الادارة المحلية. تلك الفئة المُنْتخَبة لاوي الرؤوس لم تتعدّى مؤهلاتهم الاكاديميّة البصم ولم تتجاوز خبراتهم (تركيب مدفأة بواري ) وليس ذلك طَعْناً في أخلاقهم بقدر ما هو تجريد لواقعهم من وطنيتهم المضللة ووعودهم المنافقة و التي كُشِفَت أغْطيتها بعد انْ اعْتلوا قُبَّة البلدية...وليس ذلك مدحاً لحاملي الشّهادات العليا فتلك فئة أُخرى أثْبَتوا فَشَلهم الاداريّ والاجتماعيّ في هذا المستوى بكل وضوح. ناهيك عن خلافاتهم الداخليّة التي هي امّا شخصيّة بداعي توزيع الخدماتِ أو ارساءِ العطاءات على أساس المحسوبيّة والشخصنة أو استفزازية من منطلق أقليمي ضيّق ولا استغراب حين علت أصواتهم فناطحت منهج المشاجرات وقدوة انتخابية اخرى تدعى مجلس النواب في معارضة قرآنية تنازعوا ولتفشلوا ولتذهب ريحكم....

مقاولون الا من رحم ربي يتجوّلون خراباً في شوارع بلداتنا المختلفة ,حفر وتجريف ومياه متسربة بلا أدنى مراقبة او متابعة من اصحاب السعادة او اعضائهم ,عطاءات تخضع لشروط المقاول لا لشروط العقد, امكانيات وخدمات تمنح لفئة وتحرم عن اخرى مجاملةً ومحسوبيّةً واعداداً انانياً جيداً لقاعدة شعبيّة خاصة في انتخابات قادمة لا اولوية وعدالة,مناطق ادارية لا تملك أدنى مستويات الصيانة البسيطة ,وان زودت فلا تذهب باتجاهها الصحيح,اللامركزية الادارية بهذه القراءات الواقعية قضت على كل امل في تحقيق التنمية او توزيع خدمي عادل ونزيه,,,

في نقاشنا حول البلديّات وأخص البلديّات الصغيرة والمناطق الادارية التابعة للبلديّات الكبرى من امكانيّات فنية مُعْدَمة الى الكيفية التي يترشح بها الاعضاء والرئيس والمتابعة الادارية والقانونية للوزارة لاعمال تلك البلديات سنجد أنّنا في وسط زوبعة ادارية وتشريعية وضياع خدميّ لا بُدّ انْ يَمْتد لِعقود اذا ما أسْتَمَرَّ على حاله و سَتَفْقِدُ فيه مسيرة الاصلاح دفّتها وتنهار حقوق العباد بالتقادم والتظالم .

المشرع هو الطرف الأوّل :هو الذي بيده سن قانون يقلل من تكاثر فيروسات الوجاهة الشعبية على حساب المنصب الرسمي المُنْتَخَبْ ويَحِدُّ من تطاول متسوّلي الاصوات الانتخابية والشّخصيات المتسلّقة , واقرار موازنات تقابل العائد الضريبي الذي يدفعه المواطن, والطرف الثاني هو الحكومة الجهة المسؤولة قانونياً عن الرّقابة والمتابعة الدقيقة لكل صغيرة وكبيرة ولأدنى المستويات , ودور الاعلامي التربوي في التوعيّة الوطنيّة للمواطنين في حسن اختيار ممثلهم البلدي ,وأمّا الطّرف الاخير فهو المواطن الذي بحسن اختياره معرفةً وتحقيقاً لا لافتة اعلامية ,فكراً وعلماً لا عشائرية جاهلية , برامج واهداف لا فزعات وهبات والعائد في النهاية له أو عليه.

في مثال سريع , تتبع كل من منطقتي عيرا ويرقا الى بلدية السلط الكبرى وفي مقارنة بين مساحة الاراضي وعدد السكان بينهما وبين بلديات في نفس المحافظة سنجد المفارقة العجيبة و انّ هناك هوة في التنظيم الاداري المحلي كان طرفه الاول انعدام الدراسة العلمية في التقسيم والاخر مجتمعي لاغراض تخريبية .. كيف لبلدات مثل تلك وعلى مسافةٍ لا تزيد عدة كيلومترات عن العاصمة سكانها يزيد عن الخمسة عشر الف نسمة تفتقر الى امكانيات فنية رئيسية قد تجدها متوفرة في بيت من بيوت عمّان الفارهه... وليتسع صدركم حين أقول في عجالة بعيدة انها تفتقر الى صيدلية او حتى مخبز , و ما زالت البراميل الصدأة حاوياتهم لتأتيهم الضاغطة لثلاث ساعات يومياً قادمة من البلدية الام...صلاحيات مدير المنطقة حبرٌ بلا ورق قد لا تتجاوز موافقة او ممانعة على اجازة موظف من موظفيها الذي ربي أعلم بعدتهم, من القصص المفجعة الاخرى :في بلدية ما ضمن محافظة المفرق رفض رئيس البلدية التوقيع على مذكرة تفاهم لمنظمة انسانية دولية ممولة لأقامة مشروعٍ تنمويٍّ للشّباب والشّابات ضمن حدود منطقته والتي كانت تحتل منذ سنين مرتبة متقدمة بين مناطق جيوب الفقر وكان السبب الذي منعه من التوقيع وطنياً خالصاً و ذكيا متميّزاً وذو ابعاد سياسية عميقة ,لقد كان الجواب :لا (كيف اوقع بجوز انهم يهود)! كان أحد الاعضاء جالساً و الذي جَنّ جنونه وكاد انْ يُصاب بجلطةٍ دماغيّةٍ من هذا الجواب الذي بلا أدنى شك قد حَرَمَ أبناء منطقته من تطوير وتنمية لطالما نادى فيها المنبر الرسمي عالمياً حتى لُبَّي اخيراً من النداء الجزء اليسير.

البلدية ما زالت باباً مفتوحاً على مصراعيه للفساد الاجتماعيَّ والاخلاقيّ والماليّ من عطاءات ومحسوبيات وقرصنة اجتماعية وسبباً في اللامبالاة الشعبية في الحصول على الحقوق والخدمات بعدالة ,الجوابان معروفان حضرتهما شخصياً ,الاول : لا يوجد موازنة ,وعندما حضرت الموازنة كان الجواب الثاني: (خليها للموازنة الجاي, سكّرنا السنة).

دعونا نعيد النظر في صلاحية اللامركزية الادارية على واجهتنا الشعبية ونصحح عيوب وثغرات نظام الادارة المحلية الذي أُتُّبِع والذي أفتقر في تطبيقه الى الرّقابة والتقييم المرحلي ورمى بحقوق المواطنين بين ثقافة انتخابات وقوانين لا تنسجم ولا تواكب التطورات السريعة التي تمر بها البلاد , ونتساءل هل منح دمج البلديات الاثار الايجابيّة ام أُلْقيَ هكذا بداعي التغيير لا التحديث والتطوير.

يأست من ايجاد مفهومِ جميل للبلدية في ديمقراطيتنا الرنّانة وتدبرت مصطلحات ادارية فلم اجد غير أنّ البلدية امّا فخاً اجتماعيا لاصحاب القلوب القوية أو مناورةً سياسيّة مالية لاصحاب العقول الضعيفة.....
shnaikatt@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات