حسن كامل الصباح "أديسون الشرق"


في فترة الإنحطاط السيادي والعزة الوطنية، والتخوين المالي والاداري والتخبط الديني والفكري، وتدني مستوى العزة في الخطاب العربي الذي اصبح مرعوبا ومتزلفا، مع انعدم فعاليته في قيادته للجيل في المشهد المعاصر من حياة الامة المنهكة، بحربها مع الاشباح المفروضة عليها، والمتعبة ببعضها، وبأعدائها المتغطرسين، اللذين يتعاملون معها كالفريسة التي لاحول لها ولا قوة ! معطوفا على التخلف في خطابها الديني وتناقضة مع الحق والحقائق والحقيقة. وجدت من اولويات واجبي المساهمة المتواضعة في إنعاش ذاكرة الامة-وخاصة شبابها- في تذكيرهم بشخصيات عربية رائدة، مؤثرة، كنماذج ناجحة من بني جلدتها، وفيهم من بعث الامل بالعمل النافع والعلم والبحث والمعرفة والفكر في فترات زمنية مفصلية من حياتها كأمة، بثوابت وحقائق تشكل عناصر ومقومات تكاملها ووحدتها التي حلم بها الآباء والأجداد، ومازلنا نحلم بها، وسيحلم بها أبنائنا واحفادنا الى ان تتحقق يوما ما بعون الله وتوفيقه، وبجهد جهيد من المخلصين من النشء، من اصحاب العزم والإصرار، الذي يقيض له ان يكتسب المعرفة، ويبدع في ناصية التكنولوجيا، ولديه الإيمان بوحدة هذه الامة، لتتطابق حدودها مع لغتها واملها التي حلمت به طويلا.

وهذه الملخصات المدونة للقارئ الكريم، تتحدث عن شخصيات مختارة من الماضي القريب، وفي مقدمتها وقع اختياري هذه الليلة على الخيار الثاني في هذه السلسلة وهو العالم الكبير "حسن كامل الصباح" المعروف بأديسون الشرق، وهو العالم اللبناني، والمخترع الكبير والمعروف، المؤثِّر في جهده وبحثه وممارسته العملية، على الساحة العالمية، وأحد الروّاد الأوائل من العلماء والمبدعين العرب، وأهم واضعي اسس علوم الكهرباء والإنارة واشهر مُنظِّريها.

وحسن كامل الصبّاح (المولود في النبطية، لبنان 16 آب 1894- والمتوفي في31 آذار 1935) هو مخترع لبناني، تنسب إليه عشرات الاختراعات التي سجلت في 13 دولة منها: الولايات المتحدة الأمريكية، وبلجيكا، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وأستراليا، والهند، واليابان، وأسبانيا، واتحاد دول أفريقيا الجنوبية، بالإضافة إلى العديد من النظريات الرياضية في مجال الهندسة الكهربائية، الأمر الذي أكسبه لقب "أديسون الشرق" وكان يعمل في البالونات واغترب في أمريكا لدراسة الهندسة الكهربائية.

اعتبر الكاتب اللبناني قاسم محمد عثمان ان حسن كامل الصباح من المخترعين الذين تم نسيانهم من قبل الدولة اللبنانية من حيث إظهاره كشخصية علمية لبنانية من جهة وتقيمه وإظهاره للعلن من جهةٍ أخرى.

ظهر اهتمامه وهو في الابتدائية في الرياضيات والهندسة وقد ذكرت والدته قصة أول اختراعات الطفولة لحسن إذ طلب منها بضعة نقود وذهب لشراء بعض الحاجيات ودخل للعمل في حجرته وعند خروجه كان قد اطلق في الحي بالون ورقي يطير بواسطة الغاز. انتقل الصباح من المدرسة الابتدائية في النبطية إلى الاعدادية في بيروت، ثم دخل الكلية الإنجليزية السورية وهي الجامعة الأمريكية حالياً وفي الكلية ذهب للإتطلاع على علم الفلك في مقابل دراسته للفيزياءفي عام 1916 دخل في صفوف الخدمة العسكرية الإجبارية للجيش العثماني فالتحق بقسم اللاسلكي واختلط بالمهندسين الألمان وتعلم منهم الألمانية وتابع ابحاثه في الكهرباء وتمت ترقيته إلى مرتبة ملازم أول.

وبعد انتهاء الحرب غادر إلى دمشق حيث سكن هنالك فترة ثم غادر إلى بيروت فعمل مدرس ثم هاجر إلى بوسطن/ الولايات المتحدة الامريكية/ للإنتساب بالجامعة هناك. وبسبب سوء وضعه المالي ترك الدراسة الجامعية وعمل كمهندس عام 1921 في شركة جنرال الكتريك رغم عدم حصوله على شهادة الهندسة.

التحق بسرية التلغراف اللاسلكي عام 1916 ثم عمل مدرساً للرياضيات في دمشق عام 1918. اضطلع على نظريات العلماء في مجال الذرة والنسبية، وكتب حولها المقالات فشرح موضوع الزمان النسبي والمكان النسبي والأبعاد الزمانية والمكانية والكتلة والطاقة. وفي العام 1921 غادر الصباح دمشق وعاد إلى الجامعة الأمريكية مرة أخرى لتدريس الرياضيات. وفي عام 1927 توجه إلى أمريكا حيث التحق بشركة الكهرباء العامة في ولاية نيويورك والتي كانت تعتبر أعظم شركات الكهرباء في العالم. وهناك تفتقت قريحته عن العديد من الاختراعات فما كان من رؤسائه في العمل إلا أن خصصوا له مختبراً ومكتبًا وعينوا عددًا من المهندسين الذين يعملون تحت إدارته. وف العام 1928 اخترع الصباح جهازًا للتلفزة يستخدم تأثير انعكاس الإلكترونيات من فيلم مشع رقيق في أنبوب الأشعة المهبطية الكاثودية، وهو جهاز إلكتروني يمكن من سماع الصوت في الراديو والتليفزيون ورؤية صاحبه في آن واحد. كما اخترع جهازًا لنقل الصورة عام 1930، ويستخدم اليوم في التصوير الكهروضوئي، وهو الأساس الذي ترتكز عليه السينما الحديثة، وخاصة السينما سكوب بالإضافة إلى التليفزيون. وفي العام نفسه اخترع جهازًا لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية مستمرة، وقد عرض الصباح اختراعه هذا على الملك فيصل الأول ملك العراق ليتبناه، ولكن الملك فيصل الاول مات، ثم عرض الجهاز على الملك عبد العزيز بن سعود لاستخدامه في صحراء الربع الخالي، ولكن الصباح نفسه قد مات بحادث غامض بعدها بفترة وجيزة.
تم تكريم حسن كامل الصباح، وهو العربي الوحيد الذي حاز لقب فتى العلم الكهربائي من معهد المهندسين الكهربائيين الأمريكيين.
بعض من اختراعاته، فللصباح 71 اختراعاً مسجلة باسمه و11 اختراعاً بالاشتراك مع الآخرين.
ومن أهم اختراعاته :-
- جهاز إرسال تلفزيوني يستخدم للانعكاس الإلكتروني
- مرسل للصور والمناظر
- جهاز لتفريغ الشحن الكهربائي في الفضاء
- جهاز يحول أشعة الشمس إلى قوة كهربائية دامغه
وفاته:
في يوم الأحد 31 آذار 1935 توفي العالم الكبير حسن كامل الصباح عن عمر 41 عاماً بحادث سيارة غامض، ودارت حولها بعض الشكوك حيث عجز الأطباء عن تحديد سبب الوفاة خاصة وأن الصباح وجد على مقعد السيارة دون أن يصاب بأية جروح مما يرجح وجود شبهة جنائية لوفاته ! ونقلت جثته من أمريكا ليدفن في النبطية مسقط رأسه في لبنان.
المراجع
1. الصبّاح.."أديسون الشرق" الذي أضاء في بلاد الغرب.
2. الويكيبيديا، الموسوعة العربية المترجمة.
3. السيرة الذاتية لحسن كامل الصباح.
4. السيرة العلمية والعملية للصباح.
ومن الجدير بالذكر ان هناك مدرسة ثانوية في مدينة اربد تحمل اسم العالم الكبير، واسمها مدرسة حسن كامل الصباح الثانوية، وموقعها في تل اربد، وهي من اوائل المدارس العريقة في المحافظة وقد تخرج منها الكثير من المبدعين اللذين ساهموا في إعلاء شأن بلدنا العزيز.
*وطاب مساءكم بالخير والسرور، وتواصلكم بالفائدة والإنسجام.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات