عزاء لمصر


في ولاية طرابلس الغرب من اطراف دولة تحترف القتل بالحرق والبلطات والسكاكين، قام شذاذ الآفاق من جزاريها في الاول من امس، بذبح الذبائح البشرية المصرية بالسكاكين، وكلهم من الشباب المسافرين بحثا عن الرزق، العاملين على حياة اسرهم في غربة ليبيا، المنكوبة بالفوضى وشرع الغاب، ليهز مشهد الذبح المصور بإحتراف، وتصرف فني درامي مشاعر الاحياء فينا، وبهذه الطريقة شطب السفاحون، الملثمون المقنعون صفحة الحياة الدنيوية عن واحد وعشرين نفسا، فازهقت ارواحهم ذبحا وقطعت روؤسهم وهم يتمتمون وينظرون، في مشهد لم يتكرر في تاريخ البشرية ولم يكتب في بطون الكتب برغم ما كتب ! وها هي قاهرة المعز، التي نحبها وتحبنا بكل احيائها عبرالعصور وكل جنباتها عبر تاريخها، من المطار وحتى الهرم، وعلى مساحة مصر العليا ومصر السفلى، وفي الارياف والبندر، من مدن القناة وحتى الصعيد الجواني الى سد اسوان والسد العالي الى حلايب، وخلال نجوعها وترعها وبحيراتها وعلى ضفاف نيلها الخالد، لتتوثب مصر وشعبها، ومعها امة من العرب التي دانت لها بالزعامة، والعجم الذين اعجبوا بلقاها وتراثها، لترد كيد قطع الرقاب من الوريد الى الوريد وفصل الروؤس، وهي ونحن لا نفهم لغز الذبائح من الاقباط المصريين على الشطئان الغامضة ولا يفهمها احد، كما لم يفهم احد من قبل كيف احتلت بغداد، ولا كيف اختفى جيش العراق الصدامي النظامي، المليوني في غمضة عين يوم ٩/ ٤/ ٢٠٠٣، ولم يفهم بعد حادث البرجين واحداث ١١/ ٩/ ٢٠٠١، كما في لم تفهم الإسكندرية, "عروس البحر" ولا تدري كيف تئن مار بطرس, ويبكي سيدي جابر, و تغص وتشرق محطة الرمل, وينتفض أبو قير, وتتنهد المعمورة, ولا كيف يزئر بير مسعود متوثبا حتى رأس التين, وكل الأوابد الخالدات في تضاريس الإسكندرية وحتى معبد الكرنك وابوسمبل، لكنها تصاب بقتل عظيم. الكل في وطن العرب قد أصيب بالجرح, وعليه أن يقاوم هذا الفكر, قبل أن يتساءل عن هوية الجاني, الذي خرج من رحم قوى الشر بتيسير محبوك وطلاسم بالنهار, ليقتل الحياة ويقتل الرجاء ويقتل الامل.

فتقبل حسن العزاء يا شعب مصر، وعليك الثبات يا مصر, ثقافة غريبة حلت على إقليمنا، وتسربلت لجوهر مجتمعاتنا, فأنت ايها القاتل لست منا على كل حال ! وتأكد وكن واثقا", أننا نحن, بكل مكونات مجتمعاتنا نبحث عن المحبة والفرح, برغم الاحتلال ومشاريع التقسيم لبلداننا, وبرغم الألم والفقر والفساد وداء الغلاء!. وكلنا يستجيب لداعي الفرح ونهنئ بعضنا بالعام الجديد, ولا نبالي بحسابات موتورة بائسة, تحسبها أنت بعدد ضحاياك. فنحن هنا في أوطاننا لا نقنع بثقافتك ولا بسكاكينك وسواطيرك، أتيتنا لتخيفنا كي نترك الساح لك, لتخرج من ظلام وكهوف جحورك وتقيم في أماكن فرحتنا الرحبة في مدننا الرشيقة وقرانا (من عي، الكرك الاردنية الى المنيا في الصعيد المصرية) وعلى كل ارض بلادي العربية. كف كيدك أيها الغريب و كفكف غلوائك عنا إن كنت إنسي, وعد عما أنت فيه, وسلم نفسك لقوانين الطبيعة, أما إن كنت جني فالله وحده كفيل بك وسيكفي خلقه شرك.

وعودة لمصر التي في خاطري وخاطر امتها ، أقول واجدد القول تلو القول، سلام عليك ولك يا مصر, يا بهية يامصرنا "ندخلك بسلام آمنين" ونحسبك كنانة الله في أرضه, ووصية رسولنا الكريم لأمته في العالمين, كما انت مصر ذاتها درة الشرق ومقياس عز الأمة ونصر العرب. ولتبقى يا مصر ملهمة المحبة والسلام, وملتقى الحضارات والأديان, وجامعة لأمتك بالنيل وبالأزهر الشريف وعجائب الدنيا, وتفوق أبنائك, وصبرهم وحبهم لترابك. سلمت يا مصر, وتسلم مدنك وشواطئك ومساجدك وكنائسك ومعابدك ومتنزهاتك, ويسلم أهلك وضيوفك من كل مجرم أفاق وكل ظالم وقاتل بنهار او بليل, لا يؤمن بالله العظيم ولا يؤمن بلقاه في يوم الحساب. تقبلي العزاء يامصر الارض وتقبل العزاء ياشعب مصر، وتقبلوا حسن العزاء يا اقباط مصر، من اسر ضحايا المذبوحين بالصورة الرهيبة، ولا ننسى ابدا، انكم اخوالنا لأمنا " مارية القبطية" رضي الله عنها وارضاها، حرم رسولنا الكريم وام المؤمنين وام ولده ابراهيم.

ولكن يبقى سوآل محير وهو كيف تكونت دولة الاشباح، داعش واخواتها ! ومن هي القوى العالمية والاجهزة الاستخبارية العالمية التي تدعمها بالخفاء، وتظمن استمرارها لتقتل وتروع البسطاء هنا وهناك في الصحاري العربية وعلى ضفاف الانها وعلى سواحل البحار بمحاذات الشطئان؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات