فنجان قهوة و سيناريو و خواطر عن قنبلة


لنتخيل هذا السيناريو سويةً...(هذا السيناريو الذي كتبته باسلوب روائي من وحي الخيال و لكنه ينطلق من واقع تعيشه مصر)
خارجي :
حي من احياء الإسكندرية المكتظة بالسياح و المارة، في فترة الصباح، و في هذا المشهد يمسك حسن البنا صندوق صغير بحجم نصف متر في نصف متر و يسير في الشارع بقليل من التوتر، و يكون شاب في العشرينات من العمر ذو لحية طويلة، تارة ينظر الى اليمين و تارة ينظر الى اليسار بترقب للمكان المناسب الذي سيضع به الصندوق، و فجاة بعد طول مسير يجد سوق مليئ بالمحلات التجارية و الناس بمنطقة اسمها فريسكا، فيضع الصندوق في زاوية في الشارع و يسير بصورة طبيعية و لكن بخطوات مسرعة، و بعد خمسة دقائق من المسير يتوقف و يلتقط هاتفه النقال و يتصل برقم...

حسن بحذر...
وجدت المكان المناسب و وضعت به الصندوق،

رجل...
أَلَعَلًكَ وضعته بمكان خالي من الناس؟ حذاري أن تكسر أوامرنا

حسن...
اضغط زر التفجير و سترى حصيلة الموتى و الجرحى في الأخبار، المنطقة تعج بالناس و السياح...

رجل...
هل رآك أحد؟ لن نرحمك من اي اخفاق يا حسن فأنت تعلم سياسيتنا مع التنفيذ الركيك؟

حسن...
لم يلاحظني أحد بين الجموع...هيا اضغط الزر فأريد ان اسمع صوت الإنفجار فأنا على مقربة من المكان،

يسمع حسن دوي قوي على مقربة منه و ترتفع صيحات الناس فجاة، و فجأة يتجه نحو سيارة مركونة على طرف الشارع، يصعد بها و ينتهي هذا المشهد هنا،
**************
خارجي :
حي سكني بالإسكندرية، بناية يسكن بها حسن البنا، فترة المساء

داخلي :
يدخل حسن الى شقته و ملامح التوتر واضحة على وجهه، فتلاقيه زوجته فريال في صالة المنزل،

حسن...
مساء الخير...

فريال و هي تنظر الى الساعة بإستياء...
مساء النور، اين كنت طيلة هذه الفترة؟

حسن...
كانت عندي اعمال كثيرة...

فريال...
أعمال؟ انت تنتهي من ورديتك في الثالثة بعد الظهر، اين كنت فقد حاولت الإتصال بك مرارا و تكرارا و لكن هاتفك كان مغلق،

حسن بإستياء...
لما هذه الاسئلة، أنا متعب و اريد أن أتعشى و أن أنام،

فريال ...
لم اقل شيئ و لكن غياباتك تكثر في هذه الآونة...ألعلها أجمل مني...ام انها أجنبية و شعرها أشقر...و ما قصة اللحية؟

حسن مقاطعا بإستياء...
خيالك واسع كثيرا في هذه الايام، كل ما هنالك أن شركة السياحة التي أعمل بها أعطتني مسؤليات أكبر في عملي، و هل هنالك مشكلة لو أطلقت اللحية يعني...أم انها جريمة يعاقب عليها القانون،

فريال و هي ذاهبة الى المطبخ...
بالرغم من أن قلبي يقول لي عكس ما تحاول اقناعي به،

حسن...
اين ساره يا أم ليث، و اين ليث...لا اسمع صوتهم،

فريال..
انهم في زيارة لاصدقائهم منذ الصباح،

حسن...
ذهبوا لزيارة من؟

فريال و هي عائدة من المطبخ و بيدها طبقين...
دعك من زيارة الأولاد، عندي أخبار مزعجة، اتصلت المدرسة و طلبت مني اقساط الأولاد المدرسية...

حسن...
سأذهب اليهم في الغد و سأدفع لهم

فريال بنبرة مصدومة...
و من اين لك المبلغ؟

حسن بإرتباك...
أنسيتي البقشيش من الوفود السياحية...بعضهم يدفع بسخاء...

فريال...
واه عجبي، ترجيتك منذ يومين ان تعطيني لأشتري حقيبة نسائية جديدة بدل العتيقة التي عندي، فقلت لي أنك...

حسن مقاطعا و هو يجلس على الطاولة...
يا فريال، لا تكثري الكلام، فقد تبدلت الأحوال و بين ليلة و ضحاها يخلق الله ما لا تعلمون، اشعلي التلفاز، قولي لي أين ذهبوا الاولاد؟

فريال و هي ذاهبة لتشعل التلفاز...
ذهبوا الى بيت ابومحمود الموردي...

حسن بصدمة و خوف...
ابومحمود من؟

فريال ...
ابومحمود الموردي الذين يسكنون في حي الفريسكا عند السوق التجاري...

و فجأة تشعل التلفاز، و لأجل الصدفة يرتفع صوت مذيع اخباري حيث يقول، و في صباح اليوم في منطقة الإسكندرية انفجرت قنبلة في حي الفريسكا بالقرب من السوق التجاري حيث أودت بحياة عشرين شخصا و اربعة عشر جريحا على اقل تقدير، و كان من بين القتلى اربعة أطفال نقلوا الى المشفة في حالة خطرة جدا، و قد أسرعت الى مكان الحادثة فور وقوعها الشرطة و سيارات الإسعاف، يرن جرس الهاتف اثناء النشرة..(ينتهي هذا المشهد المؤسف هنا)

القنبلة حينما تنفجر لا تمير بين متشدد و متحرر، لا تميز بين طفل و بالغ، لا تعرف الصديق و العدو، انها عبوة ناسفة تتفجر و تقتل اجزائها الملتهبة من يكون قريب منها، فليس أحد مُحَصًنْ من قوتها الفتاكة، رأيت على فضائية ONTV في اعادة بث "صباح" بتاريخ 14 فبراير 2015 تسجيل مصور لحادثة مؤسفة جدا انفطر لها قلبي حزناً، حيث التقطت احدا كاميرات الشارع بمنطقة ما في الإسكندرية شخص يحمل كاميرا تسجيل فيديو و يسير بها في شارع من الشوارع، و فجأة قام بوضعها على الرصيف بكل اهمال بمنطقة مخـفـيـة بالرغم من وجود مَارًة كثيرون بالشارع ثم أكمل مسيره بصورة اعتيادة، و فجأة حدث الإنفجار المشؤم...انتشر الدخان الكثيف و انتشرت معها شذايا في كل انحاء الشارع و كانت الاثار مدمرة جدا، كان منظر مؤلم جدا حيث انفجرت القنبلة بقوة بين المارة مِنْ الناس و هم يسيرون في الشارع...مع كل أسف،

أكرر لا أحد مُحَصًنْ من أذية الإنفجارات، فلو ظَنً هذا الشخص للحظة واحدة فقط أن هذا الإنفجار سيطال عزيز عليه لما قام بوضع القنبلة بالشارع، و لكن قلة الثقافة و الوعي و انعدام الضمير عند هؤلاء القوم هو الدافع وراء تصرفهم الوحشي، فهل يستطيع من يقوم بوضع هذه القنابل الضمان أن لا تطال بالصدفة قريب أو عزيز عليه؟ أقول هذا لمن تسول له نفسه أنه بعيدا عن هذه الحوادث...حينما تسير أنت نَفْسُكْ بشارع من الشوارع ما هو الضمان ان لا تمر بجانب قنبلة مزروعة في شارع من الشوارع و تنفجر بك و بمن حولك من الناس و تختبر نفس الداء المؤلم الذي تُطْعِمَهُ لغيرك، فمثلما يسري بنفسك مرض انعدام الضمير قد يكون غيرك مصاب بنفس المرض و يُعَرِضْ حياتك للخطر...لذلك كُنْ شجاعا و تريث كثيرا قبل أن تَدُسْ قنابل الموت للآخرين...فقد تكون أنت نفسك فريسة هذا الفكر المريض من قِبَل الآخرين،

انت تنتقم من الإنسانية بصورة عشوائية من دون وعي و تفكير، فَـتُـتْـلِـفْ الممتلكات و الشارع الذي يخدمك و البنايات التي تخدم الجميع، تقتل أنفس بريئة و تطحن بسلام وَطَنٍ أَكَلْتَ من خيراته الى ان بلغت رشدك، ألا تحس بالشفقة و انت تدمر مصر...بيتك الذي يحضنك بكل حُنُوْ، هل من عاقل يدمر بيته لينام بالعراء؟ مِنْ المنطقي أن تحافظ على بيتك الذي يأويك من حم الصيف و برد الشتاء القارص فهل تحافظ على بيتك أكثر، لا تدع الكره يدمرك فالمشكلة تكمن بالطريقة التي تفكر...انت انسان يدمرك الكُرْه لدرجة كبيرة و لدرجة أنه قتل فيك روح الإنسانية و الضمير، لا تدع هذا الكره يسيطر عليك...فتشجع ...و رأس مالها لحظة تقرر فيها أن ترى الدنيا بصورة ايجابية أكثر....بصورة مُحِبَة أكثر، لحظة تقرر فيها أن تنظر الى الحياة من حولك بصورة فيها انسانية أكثر...حينما تقرر أن تُقَدِرْ إنسانية البشر مِنْ حولك أكثر...أختبر الحب و المحبة في حياتك فسترى كم سيعود قلبك الى النبض مرة أخرى و سينهض ضميرك من غياهب الموت و الركود...سـتـنـقـشـع غشاوة كبيرة من عن عينيك...سترى كم الأطفال الذي قد تقتل بالقنابل الذي تزرعها هم بحقيقتهم ملائكة صغار لا حول لهم و لا قوة...سترى أن المارة الذين يسيرون بالشارع هم بشر مثلك يسيرون الى عملهم من مطلع شمس الضحى لمغيبها لتحصيل لقمة العيش...سترى أن النساء الذين يُقْتَلون في كل حادث انفجار قد غادروا دنيتنا الآدمية لِـيَـتَـيَـتًـمْ اطفالهم الى الأبد و ليذرفوا اهاليهم الدمع المرير عليهم...لحظة شجاعة قد تتحلى بها سَتُكْسِبُكْ رضى الرحمن عز و جل فهو قد اعطى البشر من حولك حياتهم و الإنسانية فمن تكون أنت لكي تسلبها منهم...الرب هو الذي يعطي و هو الذي يأخذ...لا تتطاول على هبات الله فحينما تتكلم هبات الله يجب أن ترقد البشرية بسكون...فحنيما وهب الله الحياة و الإنسانية للبشر لم يشاورك انت و لم يشاور أحدا...لذلك انت تـنـتـزع من البشر ما زرعه الله بإرادته...فأين المنطق بما تصنع؟(يتبع)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات