لم نعلن الحرب بعد


أكثر من ثلاثمئة محاولة أختراق لحدودنا في عمليات ( نوعية ) فاشلة لادخال السلاح والمفخخات والعناصر البشرية من قبل التنظيمات الأرهابية على حدودنا الشمالية والشرقية خلال العام الماضي وحرب نفسية موجهة للشعب قوامها محاولات بث الرعب وتحريم مقاومة جنود ( الخلافة ) وبث أفكار الولاء والبراء وردة من يتحالف مع الغرب الكافر في ( الحرب الصليبية ) وتكفير قواتنا المسلحة من جيش وأمن ودرك ومخابرات ودفاع مدني واعلان أن تنظيم داعش قادم للأردن باعتبار ( ضمه ) هدف أستراتيجي لتحقيق مشروع تنظيم الدولة في العراق و ( الشام ) لجعله أحدى الولايات الدينية في ظل ( أمير المؤمنين ) البغدادي ونشر فيديوهات حول تمزيق الجواز الأردني وتوعد ( الطاغوت الأردني ) والمؤسسة العسكرية بالويل والثبور و ( جئناكم بالذبح ) وتحريك خلايا نائمة أو مؤيدة للتنظيم أو متأثرة بأفكار التنظيم وصولا لأطلاق النار في عدة مواقع من المملكة على رجال الأمن وأرث أسود تاريخي في أستهدافنا توج بتفجيرات عمان لم يدفع الدولة الأردنية حتى الآن لأعلان حالة الحرب بل أكتفت بالمشاركة في عمليات قتالية جوية ودعم لوجستي وأستخباري لا أكثر لأنه ببساطة لم تقتض المصلحة الأردنية ذلك ..

اليوم وبعد وقوع طيارنا أسيرا بيد التنظيم الأكثر دموية في العالم والذي يستهدف الوجود الأردني كله ولا يعترف الا بنفسه ( كدار اسلام ) وغيره ( كدار حرب ) فأن النظام لدينا بمفهومه الأقليم والشعب والسيادة بات أمام اختبار كبير كشف لنا عن جملة حقائق على رأسها ان بلدنا لا يزال ساحة صراع لمشاريع الغير وأن مقابل النجاح العسكري والأمني الذي حققه الأردن في السنوات الماضية وما رأيناه من التفاف شعبي وجماهيري كبير حول جهد قواتنا المسلحة في الدفاع عن الوطن وسلامة أراضيه واستقراره فهنالك فشل سياسي موازي تتحمل مسؤوليته الحكومة التي أظهرت عجزا لا بأس به عن أدارة الأزمة وضعفا في التعاطي مع المشاريع السياسية الموجودة لدينا مما أوهن عزيمة الدفاع وخلق حالة أنقسام مجتمعي حول توجيه ضربات للأرهاب في عقر داره ومدى مصلحتنا فيها لان توجيه الرأي العام والتعاطي مع الأحزاب والتنظيمات لدينا هو ملف حكومي سياسي وليس ملفا أمنيا وخير دليل على ذلك موقف تنظيم الأخوان المؤثر في المجتمع الأردني ولولا تدخل السلطة القضائية لصيانة الوطن وحظر نشر ما يسيء لقضية أسيرنا وتدارك القيادة العامة للقوات المسلحة لهذا الأمر ودعوتها للأعلام للوقوف الى جانبها لترك الحبل على الغارب وحصل ما لا يحمد عقباه ..

القوى الكبرى والمؤثرة بالمنطقة تدرك تماما أن الأردن هو نقطة أرتكاز المنطقة أمنيا وعسكريا وهو الوحيد المؤهل للحسم في معركة برية كبرى بمواجهة التنظيم لا سيما أن تفكيك جميع التنظيمات المسلحة والدينية السنية والشيعية على حد سواء وضبط حالة العراق وسوريا على ايقاع وفكرة وجود دولة بمقومات الأستقرار واعادة احياء المنطقة بمشروع مارشال عربي هو مصلحة استراتيجية جامعة ولا محل للأعراب هنا للدول المنشئة لحالة الصراع مثل أيران التي مارست الأصطفاف الطائفي صاحبة المشروع الصفوي الذي بات يسيطر على أربعة عواصم عربية مضافا أليها الدخول مجددا على غزة او دولة مثل تركيا التي تتبنى المشروع الأخواني والذي بات محل حرب باردة ومواجهة عربية تركية عميقة أما القوات العراقية والسورية والمصرية فهي مشغولة بهمومها الوطنية وأسرائيل لا يمكن أعتبارها جزء من الحل العسكري لأنها أصلا جزء من المشكلة ولولا حالة الأحتلال الصهيوني البغيض لفلسطين لما وجدت حالة التطرف في المجتمعات العربية أساسا فدخولها الحرب الى جانب التحالف مسألة محظورة لأن ذلك سيقلب المعادلة ويعطي شرعية المقاومة العقائدية للأرهاب وسيؤدي لتفكك التحالف الدولي ..

ازاء الحقائق أعلاه فأن اكثر ما يخشى منه أن تكون حياة أسيرنا هي الثمن الدافع والوسيلة التكتيكية لدخولنا الحرب فتنظيم داعش ليس منزها عن الأختراق و / أو التوجيه و / او الوقوع تحت الضغط لذا قد تدفع القوى ذات المصلحة بأعلاننا الحرب ودخولنا المباشر في العمليات العسكرية على الأرض هذا التنظيم الأرهابي لعملية قتل أسيرنا بطريقة وحشية وتعمد الى نشرها مصورة بالصوت والصورة في أرجاء المعمورة لنكون رأس حربة في الصراع الأقليمي والدولي خصوصا أن الشارع الأردني سيستشيط غضبا على أية جريمة نكراء بحق أسيرنا وسيدفع الرأي العام بالدولة بمفهومها السيادي للمطالبة بالثأر وفق العقلية العربية وهنا سيكون تنظيم مثل الأخوان من الغباء الكافي لأعلان معارضته للدخول في الحرب البرية وسينشأ عن ذلك ردة فعل شعبية عنيفة على تنظيم الأخوان سيجري من خلالها أنتهاز الفرصة السانحة اذعانا للمطالب الخليجية تصل الى حظره وتفكيكه عن بكرة أبيه وزج كوادره في السجون لسنوات طوال هي عمر الحرب البرية القادمة التي كان يهيأ لها الرأي العام العالمي ولكن عملية قتل أسيرنا لا قدر الله ستسرع بها بشكل متفجر لذا كنا وما زلنا نقول أن أستعادة طيارنا البطل أمر في غاية الصعوبة لو تحقق - ونسأل الله ذلك – فأن منظومة الدولة الأردنية ستكون بحق من أعظم الأنظمة وأقواها في الأقليم والأذكى في أدارتها للأزمات سابقا وحاليا تستحق سياساتها التدريس في العالم كله بغض النظر عن الوسيلة أو الثمن الذي يمكن ان ندفعه لأستعادة أسيرنا البطل ..

وفقا للمعطيات أعلاه فلا بد للجهد الوطني من أعادة تموضعه وتوزيع الأدوار بشكل دقيق وموضوعي يخدم المصلحة الوطنية الأردنية العليا واذا كان لابد من أعلان الحرب ودخول قواتنا المسلحة في حرب برية ومواجهة مباشرة مع العدو الأرهابي فمن الضرورة بمكان أن ينطلق ذلك من مصالحنا الأردنية العليا التي تبدأ من الداخل للخارج وليس العكس بحيث نؤمن الجبهة الداخلية من الكلف العالية للحرب والخسائر التي قد تلحق بكل الأردن ولابد من ترتيب ملف الحرب بعقلية عسكرية بداية ونهاية لذلك لابد من تغيير جوهري في بنية الحكومة يتم فيه أسناد مهمة قيادة السلطة التنفيذية لشخصية عسكرية مارست العمل السياسي والأمني في أعلى مستوياته أما بالنسبة لتنظيم مثل الأخوان فعليه بأعادة التفكير بأتجاه فك التحالف الوجداني والفكري مع تنظيم داعش وأعلان موقف منحاز للأردن وأمنه وأستقراره فلا يعقل صدور فتاوى التحريم من هذا التنظيم بعدم جواز مواجهة داعش او أعتبار قضية توقيف شخص مثل زكي بن رشيد تتقدم على على قضية أسيرنا الطيار فهذه مواقف لا يمكن تصنيفها سوى تحت بند العار والخيانة والأبتزاز والأنتهازية للوطن سوف تدفع لحظر نهائي للتنظيم وتفكيكه وزج كوادره في السجون كما أسلفنا لأن المسطرة الأمنية والقانونية ستتغير حتما بأعلان الحرب لذلك على هذا التنظيم الأنتهازي أن يغير مواقفه لأن مصلحته تقتضي الأنحياز للأردن وبمقدار هذا الأنحياز ودعم الجهد العسكري تكون عملية أعادة التحالف ما بين الدولة والأخوان وصولا لقبول مشاركتهم في السلطة فلا مانع من التحالف مع الشيطان نفسه اذا كان ذلك يخدم مصالحنا الوطنية أما عملية معارضة دخولنا للحرب لحفظ ( خط الرجعة ) فلابد من أسناد مهمتها لليسار بالتنسيق مع النظام السوري لهذه الغاية والذي لا يمانع أصلا بالوجود العسكري الأردني على أراضيه بعيدا عما يطرب له بعض الحمقى من تصريحات وابواق أعلامية لهذا النظام ..

انشاء الدولة الفلسطينية وضمان الحقوق الأردنية في أية تسوية نهائية .. انعاش الأردن أقتصاديا وصولا لأطفاء مديونيته .. تغطية كامل كلف الحرب المادية والمعنوية وتزويدنا بالسلاح النوعي لضمان التفوق الأردني في المنطقة .. فتح الباب على مصراعيه للعمالة الأردنية في الخليج .. حظر التدخل في الشأن الأردني الداخلي وخصوصا في الجانب الأمني من خلال التنظيمات العابرة للحدود وتجييرها للجهد الوطني الأردني .. كل ذلك هو الحد الأدنى المتيقن للقبول بدخولنا الحرب وأعلانها وفقا لأحكام الدستور والقانون وما يرتبه ذلك من آثار على الوطن فعملية تفعيل السلطة الدستورية الرابعة ( سلطة الدفاع ) وما لها من ولاية عامة دون معقب هنا لابد من عكس مفاهيمها في الذهنية الشعبية الأردنية من التفكير بعقلية الخسارة لعقلية الربح أمنيا وعسكريا وسياسيا وأقتصاديا وأجتماعيا وبخلاف ذلك فنحن غير معنيين بأعلانها او الدخول فيها او حتى البقاء ضمن نطاق تحالف خذلنا في أول مناسبة وبقي أن نقول أن اعلان حالة الحرب لا يقتضي بالضرورة الدخول في حرب برية أو أعلان الأحكام العرفية او حل مجلس النواب او التراجع عن المسار الديمقراطي لكنه بالتأكيد يحصن الوطن داخليا بتفعيل نصوص القوانين ذات العلاقة في حالة الحرب وعلى رأسها قانون العقوبات .. بأختصار القضية أولا وأخيرنا مصلحتنا ومصلحتنا ثم مصلحتنا فقط والتي تنطلق من الداخل للخارج وليس من الخارج للداخل والتي يتوجب أن تتحق أولا أو على أمريكا وحلفائها الآخرين أقتلاع شوكهم بأيديهم ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات