مَنْ قَـــلَّــدَ حكومته فما ظلم!


على مدخل مدرسة، منع مراهق أي طالب من دخول المدرسة إلا بعد دفع عشرة قروش أو خمسة على أقل تقدير، وإلا فلا مدرسة له ذلك اليوم. في مدرسة لا يقل عدد طلبتها بفترتيها عن 2500 طالب.

الحادث ليس خيالاً، أو توهماً، بل حدث في مدينة الزرقاء ولعدة شهور، وهو مرشح للتكرار في غير مدرسة وفي غير مدينة، بل تكرر في المدينة نفسها حيث قام طالب في الصف الرابع بفرض أتاوة على كل طالب يريد دخول حمامات المدرسة!

النظرة الأولى لهذه السلوك قد يبدو مستهجناً ومستغرباً، ولكن نظرة فاحصة وسابرة تظهر الأمر عادياً تماماً ومبرراً؛ فما الفرق بين سلوك المراهق والطفل وسلوك حكومتنا الرشيدة التي تمارس الجباية والسلب والنهب من جيب المواطن مقابل كل خدمة تقدمها أو تنوي تقديمها أو تفكر بتقديمها ولو بعد قرون؟!

إذا أردت كمواطن شراء الغاز، أو الكاز أو السولار أو البنزين فعلى الرحب والسعة، ولكن بزيادة 50% على الأقل عن الكلفة الحقيقية. ومثلها الكهرباء والماء وبطاقات الخلوي وخدمات الإنترنت، فكلها بضرائب لا توجد في أي دولة من العالم قياساً إلى الدخل الحقيقي للمواطن.

إذا أردت التعليم الجامعي بمستوياته، فالأبواب مفتوحة أمامك، ولكن برسوم مهولة، كي يبقى التعليم حكراً على الأغنياء، أو تُكسر ظهور الفقراء تحت ثقل الديون واستجداء فلان وعلان. وأصبح التعليم الجامعي تجارة للمسؤولين السابقين وكبار القوم يمتصون دماء المواطنين دون أن يرقبوا فيهم إلا ولا ذمة.

أسعار المواد على كافة مسمياتها وأنواعها في العلالي، ترتفع المحروقات فتطير، وإذا انخفضت المحروقات تبقى كما هي في برجها العاجي دون أن تتواضع ولولا قليلاً من باب الخداع والضحك على اللحى.

حكومات في حقيقتها مصاصة دماء، لا تقدم للمواطن أي خدمة حقيقية، وتأخذ منه كل شيء، وعجز الميزانية في ازدياد، والمديونية تتعاظم سنة بعد أخرى، والخدمات تتدنى، والرواتب والمداخيل تتآكل. يزداد الغني غنى وجشعاً، ويزداد الفقير بؤساً وشقاءً. حكومات تهدف إلى أن يبقى سواد المواطنين يلهثون وراء الحاجات الأساسية من طعام وشراب ومسكن وملبس، المكفولة بداهة لكل الكائنات الحية على وجه الأرض، فحلم معظم المواطنين أن يصلوا إلى درجة الاكتفاء الحيواني، أو الحد الأدنى للحياة البشرية.

لا تلوموا المراهق الذي ناب عن الحكومة في فرض ضريبة على الطلبة، خاصة وهو يعلم أنهم معفون من الرسوم المدرسية. ولا تلوموا الطالب الذي يفرض دخولية على الحمامات، فقد اختار اللحظة الحرجة التي لا مفر منها، فإما أن يدفع الطالب أو ينفجر إن لم يعملها على نفسه. بل لوموا أنفسكم، فقد علمتموهم الشحدة، فسبقوكم إلى الأبواب، ومَــنْ قـَــلَّـدَ حكومته فما ظلم!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات