غلوكوز للتطرف


في دعوات متكررة أطلقها الملك عبد الله الثاني للمعنيين الرسميين والأمنيين في الاردن طالب فيها بتجفيف منابع الارهاب وتطويق مصادره من كافة الجوانب .

فانطلق المقربون من الملك بالاتجاه الخاطئ للحل (من وجهة نظري الشخصية على الأقل!) نعم أقول الاتجاه الخاطئ , فلا يعني تجفيف التطرف والارهاب هو مقاتلته مباشرة ومعاقبة المتطرف أبداً , بل يجب فهم الرسالة بالتوجه نحو الوقاية من هذا المنهج الدخيل على ديننا وأخلاقنا الاسلامية.

فبدلاً من تكرار وصف كل التنظيمات أن هذا التنظيم ارهابي ,وبدلاً من قص لسان كل من يبدي رأياً أو يبدي نصيحة بحجة ودعوى أنه يدعم هذه الجماعة أو تلك

...هذه العقوبات التي لا تنم الا عن ضعف الرؤية لدى هؤلاء لعلاج المشكلة ؛ لأن من يريد اجتثاث فكر لا يكون ذلك بالتطويق والخنق على كل ما يُقال أو يُكتب بل باجتثاثه من قلوب هؤلاء وتوجيههم نحو الاعتدال والوسطية اللذان يمثلان روح الاسلام وعقيدته , وهؤلاء ايضا ـ الظانين انهم يعالجون المشكلة ـ ليس لديهم أصلا لا وسطية ولا اعتدال ولا تسامح فكيف لهذا الفكر ان لا يتكاثر بالانشطار مقابل اساليب القسوة باجتثاثه على الرغم من ادعائهم انهم اهل الدبلوماسية.

أقول ان هناك سببين رئيسيين للتطرف ولحاق الشباب بركبه يجب الالتفات لهما لدعم جهود محاربة الفكر المتطرف.....

أولاً ... الفراغ الديني في الدول المحاربة للتطرف حيث أن جماعات التطرف تلك هي دينية اكثر منها سياسية ولذلك وبسبب غياب المراجع الدينية والحواضن الدينية للشباب من قبل بعض القائمين على المؤسسات الدينية الرسمية في تلك الدول ,حيث ان بعض المسؤولين الدينيين في دول مجاورة لجماعات التطرف لا يهمه سوى كم يصبح راتبه وما هو موقعه الوظيفي القادم وماهي درجته الوظيفية ومنصبه ودخله المادي ... فخلق هذا الاهتمام الوضيع من قبل عالم الدين أو رجل الدين بنفسه اكثر من رسالته الدعوية , خلق فراغاً دفع الشباب العربي للبحث عن ما يملئ هذا الفراغ فكانت جماعات التطرف التي تتخذ من رسالتها الخاصة بها والتي تصبغها بالدين منهج حياة تخلص له هي ملجأ وملاذاً لهؤلاء المنتسبين كل يوم بأرقام واعداد جديدة للتطرف وأهله.

ثانياً ... الظلم الواقع على الناس من بعض القائمين على المؤسسة الدينية ويلبسون لباس الدين ويتكلمون بلسان الدين ويشوه صورة الدين السمحة في نفوس الشباب المتعطش للعدالة التي يجب ان تنطلق من عالم أو رجل الدين , وهذا الظلم يتمثل بغياب الرحمة في التعامل مع كل من يتعاملون معه بالترهيب والتهديد بل والمعاقبة احيانا التي تصل للأرزاق,فيكون ـ سيدي الشيخ ـ كالغلوكوز المغذي الذي يمد التطرف بالغذاء بسبب هذا الظلم وهذه القسوة وغياب الرحمة, مما يؤدي بالشباب للنفور من هذا المرجع الديني الذي بات ظالماً بتصور هذا الشاب نحو بديل عادل فكان اللجوء لمن يلبس لباس الدين ويتكلم باسمه أيضاً فتكاثرت أعداد اتباع الجماعات التي حذر منها الملك ومن خطورتها .

من هنا نقول أن تجفيف منابع الارهاب هو بايجاد بديل ديني يكون ملجأً وملاذاً ومرجعاً للشباب يفني وقته لله ,ثم العدالة والسماحة والفضل من هذا الملاذ الديني حتى نتخلص من المتطرفين من الجانبين ـ داعش والنصرة من جهة , وبعض مشايخ الدول الرسميين المتطرفين لصالحهم الخاص من جهة ثانية ـ والحل هو بإصلاح المؤسسات الدينية الرسمية سواء بالتوجيه الملكي لهم بأن يتقوا الله بالوطن وشبابه أو تغييرهم والاتيان بمن يتقون الله بالوطن والاجيال القادمة ,فالله توعد من لا يستغفره بعد الخطيئة والذنب باستبداله بمن يتوب ويستغفر إن أخطأ وأذنب .

وقس على ذلك دور المؤسسات الاخرى غير الدينية والقائمين عليها من حيث الظلم المشابه ؟ والفراغ الذي يتمثل بالبطالة الواجب ملؤها من قبل مؤسسات الدولة بتشغيل الشباب المتعطل عن العمل لان الظلم في بقية المؤسسات والفراغ العملي المرافق للفراغ الديني هو مغذي مساند آخر للتطرف.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات