كتب - المحامي بشير المومني - يصر سعادة السفير البريطاني المحترم على تحطيم صورته الدبلوماسية في العقلية الأردنية وكلما أعتقدنا أنه يفهم الموروث الأردني وينطلق منه في التعامل مع المجتمع نتفاجأ بابتعاده عن عقلية المجتمع وفشله في تحليل الحالة الذهنية الأردنية بالرغم من أعتماده دبلوماسية المنسف للتواصل مع المكونات الوطنية وها هو اليوم يقع في الشطط الدبلوماسي ويضع الألوان غير المناسبة على اللوحة التي كان يحاول تجميلها عن أمبراطورية كانت لا تغيب عنها الشمس ..

سعادة السفير بيتر ميليت ( يأسف ) لتنفيذ بعض أحكام الأعدام الناشئة عن قرارات أصدرتها سلطة دستورية ( محاكم أردنية مستقلة ونزيهة تطبيقا للقانون وسيادة حكمه ) وقامت بتنفيذ هذه الأحكام الحكومة الأردنية بأعتبارها سلطة دستورية أيضا لها وظيفتها وهي ملزمة بالأذعان لقرارات المحاكم ، فمما كان يؤخذ على الحكومات منذ العام 2006 هو تعطيل تنفيذ أحكام القانون وقرارات المحاكم لما في ذلك من أهدار أساسي وجوهري لأصل ديمقراطي وهو سيادة حكم القانون وبذلك فأن سعادته يتدخل في الشأن الأردني ويتجاوز حدود مهامه الدبلوماسية التي باتت تفتقر للدبلوماسية بأعتبار وضعية ( الأسف ) التي اتخذها سعادته هي من قبيل أنتقاد سلطاتنا الدستورية جميعها بلا أستثناء لأن النقد يطال أيضا فكرة القانون بذاته ومصدر تشريعه ( مجلس الأمة ) ناهيكم عن وقوعه في تناقض المشروع ..

أنتقاد سعادة السفير بلدنا لتطبيق أحكام القانون مسألة في غاية الخطورة لأنها تمثل نتاج صراع العقليات وأنماط التفكير في المنطقة ما بين الموروث التاريخي والحضاري للأمة ومشاريع الغير المستوردة والتي يراد تركيبها وأنزال أحكامها بالبراشوت في قوالب جاهزة على مجموعة من البشر دون أي حسابات حضارية أدخلتنا في متاهة أزمة الهوية وجدلية الدولة ومعضلة الحاكمية وهي بذلك تفتح الباب على مصراعيه للحديث مجددا عن جملة التناقضات التي تكاد أن تهلك الأقليم في صراع المشاريع ما بين الحداثة والسلف وما بين المشروع الديمقراطي والديني وما بين فكرة الدولة الأسلامية والدولة المدنية ..

يا سعادة السفير المحترم .. أنصحك بالعودة لدبلوماسية المنسف فأنك لم ولن تكون يوما أكثر فهما وعمقا وتواصلا مع الشعب الأردني وانحيازا له من جلالة الملك الذي يصادق على أحكام الأعدام بتنسيب من مجلس الوزراء لذلك عليك أن تنتقي عبارات نقدك بعناية عندما تطلقها وتراجع منظومتنا القانونية والدستورية والحضارية والثقافية والأجتماعية جيدا قبل أن ( تأسف ) ولا أريد هنا الدخول في الماضي الدموي التليد للمملكة التي غابت عنها الشمس لأنني من أنصار ممارسة القطيعة المعرفية مع الماضي والنظر للموروث بمفهوم التراث بحلوه ومره للأستفادة من التجربة والتقدم نحو المستقبل بعمليات مواءمة حضارية مقبولة للجميع لكن أدعوك للأعتذار عن تصريحاتك غير المدروسة وبعدها أنت مرحب بك في مضاربنا في عجلون لتناول المنسف ..

سأحدثك يا سعادة السفير المحترم بحديث لم تسمعه من قبل عن المنسف بأعتباره من عجائبنا الأردنية .. سأحدثك عن المنسف السياسي والأنتخابي والتباين الأجتماعي والطبقي وعن التعدد والتنوع في أطار المنسف وكيف لهذا المنسف أن يؤثر في العقلية ونمط التفكير والسلوك الأردني وكيف يصهر الأردنيين ويقهرهم وكيف كان وما زال وسيبقى الثابت الوحيد في المعادلة الاردنية المتغيرة وسأحدثك من أين جاء والى أين سينتهي ولكن أتمنى بعد هذه الجلسة في عجلون أن لا تخرج بخلاصة أن المنسف الأردني يمثل حالة كراهية كعدو للسامية ..