غرايبة يكتب: الأردن والفيصلي .. الإنتكاسة المشتركة !


خاص - كتب أدهم غرايبة - لا فوسفات البلد المنهوبة , و لا البوتاس , و لا الإسمنت , و لا المفاعل النووي و مصائبه المتوقعة , و لا ميناء البلد الوحيد المباع و مشاكله الدائمة , و لا الصخر الزيتي بمليارات البراميل الدفينة غير المستخرجة الى الان , و لا الزراعة البائسة و المتراجعة , و لا غاز فلسطين المحتلة المنهوب من العدو , و لا أرباح البنوك و شركات الإتصالات الخيالية دون إرتداد بعضها على الخدمات العامة , و لا " الملكية الاردنية " التي توشك على الإفلاس بسبب إداراتها الفاشلة , و لا الغذاء الفاسد , و لا الحرائق المفتعلة بغابات عجلون , و لا الجرائم اليومية المتزايدة , و لا غير ذلك من المصائب التي وقعت على رؤوسنا في العقدين الاخيرين دفعت بمئات الشباب للخروج مثلما دفعت نتائج النادي الفيصلي السيئة في بطولات كرة القدم المحلية للخروج غاضبين على سوء ادارته !

هكذا إذا ينتصرون للنادي و يخذلون الوطن !

ما يحدث للنادي الفيصلي هو ما يحدث للأردن ذاته على نحو ما . لهذا يشعر قطاع عريض من الشباب بغصة مؤلمة لإنتكاسة مسيرة ناديهم الذين أطلقوا عليه إسم " نادي العشاير " في تلخيص مكثف لبؤس الرياضة في بلدنا و اسباغ عقدنا الاجتماعية على الرياضة !

الإنتكاسة التي أصيب بها نادي الفيصلي هي ذاتها إنتكاسة الأردن الذي أصبح " ناديا " هو الأخر !
أنتكس النادي , الفيصلي أقصد , لأنه أصبح حكرا عائليا , فتحول الى " شق " بدون أية إعتبارات إدارية تحترم الجماهير و أعضاء الهيئة العامة . لهذا الأمر بالذات إتكست مسيرة النادي بعد أن أصبحت المناصب حكرا على حملة المباخر بغض النظر عن ولائهم للنادي و بمعزل عن إمكانياتهم الفنية و بدون انتخابات نزيهة و بدون محاسبة للهيئة الادارية.

من حق الجماهير أن تنتفض و أن تشعر بالغيرة على إسم ناديها العريق الذي رفد المنتخبات الوطنية بخيرة النجوم و حقق إنجازات قارية و إقليمية برغم إمكاناته المادية المتواضعة . لكن سر نجاحه حينها كان الغيرة و القدرة على العطاء و الرغبة في قهر المصاعب تمام كما قدر للاردن ذاته ان يواجه المصاعب من حوله التي لم تحني له غصنا في الوقت الذي يبدو اليوم , يا للأسى , ينحني لهبة نسيم

بسبب النماذج السيئة التي تم انزالها لمواقع القرار و التي لا ترى الاردن الا مزرعة خاصة .

نادي الفيصلي عريق حقا . لكن الأندية – كما الدول- لا تتقدم الا بوجود قيادات تحركها ضمائرها لا مصالحها الذاتية و حبها للعطاء لا حبها للظهور و قبولها بالمشاركة لا انفرادها و أنانيتها .

جمهور الفيصلي محب لناديه و محب لوطنه لكنه غالبا ما لم يحسن التعبير عن حبه ذاك . و هو عموما جمهور تقليدي من الناحية السياسية و الاجتماعية , بمعنى انه من ذاك الطراز من الاردنيين الذين

يتعايشون مع ما يتوراثونه من أفكار و عادات دون رغبة في تطوير رؤيته . جمهور " عشائري " يظن ان عشائريته أولى من وطنيته للاسف . و لهذا فأن مفهومة الوطنية هو مفهوم سطحي لديهم يدفعهم لربط الاردن بالنهج التقليدي الذي دمر البلد و مزق مجتمعها بسبب نزعته المناطقية و العشائرية و اولوية المصالح الفردية على المصلحة العامة.

جمهور الفيصلي , إذا , أصيب هو الأخر بتشوه مؤخرا , فهو يمارس عقده الإجتماعية على كل الأطياف السياسية و الإجتماعية الأخرى في البلد , و هو لا يتبادل الاساءات مع جماهير غريمة التقليدي " نادي الحقوق المنقوصة " فحسب , بل يسيئ لكل من ينافسه من باقي الاندية ! فمتى سنسمع هتاقات إيجابية و مشروعة للنادي العريق ؟!

هتافات تتحلى بالروح الرياضية و ترحب بالند لتترك اثرا طيبا و انطباعا إيجابيا يليق بجمهور نادي ينتمي للاردن . الاردن وحده !

لغريب حقا ان من يعتبرون " العميد " ناديا أردنيا و يطلقون عليه لقب " نادي العشائر " لم يتأملوا أن أغلب اللاعبين في هذا النادي هم أصلا ليسوا من " أبناء العشائر " بالمعنى المتداول, المنبوذ من طرفي شخصيا , و الذي يتم على أساسه فرز الأردنيين من " شرق الأردنيين " عن اخوانهم " الاردنيين من أصول فلسطينية " مع أن الاخيرين لهم أصول عشائرية عريقة في فلسطين تحرمنا عصبياتنا التافهة و البدائية من معرفة عمق العلاقات بيننا و بينهم و يشهد حالنا على ان مصيرنا واحد , فهل ثمة عربي اقرب للأردني من الفلسطيني ؟! و هل ثمة عربي ضحى للفلسطيني مثلما فعل الاردني ؟!

الغريب ايضا ان النادي الذي حقق بطولات عديدة و عريقة على المستويات المحلية و العربية و القارية حققها برئاسة السيد سلطان العدوان الذي تطالب جماهير النادي بالاطاحة به اليوم !

من جهة انك لا تستطيع لوم الجماهير , فمسيرة ناديها ,كما مسيرة البلد برمته , انحرفت , و تتجه نحو الهاوية , و بات الفريق منزوع الهيبة , و السبب ان الرجل الذي ترأس النادي طيلة السنوات الماضية لم يعد قادرا على ادارة ناديه . لكن من غير الممكن ان تبقى المناصب متوارثة فيه , و من جهة اخرى يجب ان تنتهي حالة نكران الجميل و نسيان الإنجازات و ان تستبدل الجماهير النقد الموضوعي بالشتائم .

عموما ,لو خرجت الجماهير الغاضبة لأجل ناديها في عدة إعتصامات سلمية و حضارية لأجل وطنها لما تدهورت أحوال بلدنا الذي يوشك هو ذاته ان يهبط الى " دوري المظاليم " بعد ان اهترئت شباكه بأهداف المتسللين من فريق الفساد... دون ان يرفع الحكم رايته !



تعليقات القراء

مجد محمود
ما اروعك وما اروع افكارك ومقالتك اخ ادهم ويسعد البطن الذي انجبك.
10-12-2014 03:23 PM
زياد العمر
الانتخابات كما يفعل الوحدات هي الحل الفيصلي والرمثا لا يوجد انتخابات.

انت انسان صادق وواقعي اخ ادهم
10-12-2014 03:28 PM
يونس حمدان
رائع
10-12-2014 05:15 PM
فيحداتي
صح لسانك ويسلم فكرك وقلمك
10-12-2014 07:14 PM
العالمي
اتمنى من الجميع نبذ العصبيه هذا شرقي وهذا غربي والالتفات الى بناء الوطن لنعمل يدا واحده وبارك الله ف
11-12-2014 12:20 AM
صلاح الدين
تحية لك ولوطنيتك الصادقة النقية
12-12-2014 07:24 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات