الاستبداد الديني او السياسي .كلاهما مدان ومرفوض ..


الخطاب الإسلامي المعاصر يعيش أزمة حقيقية صار فيها المسلمين بحاجة ماسة لانجاز وصياغة خطاب إسلامي متوازن , معتدل يستوعب مفهوم الدولة الحديثة التي تمثل الواقع الراهن ولا ينبغي أن يقوم الخطاب الإسلامي على المحاججة الأيدلوجية فقط بقدر حاجته أيضا إلى الأعمال العلمية الرصينة تؤازره وتقوي من وقعه وتأثيره ، وكانت الجماهير تنتظر من يدعون أنهم الإسلام السياسي كي ينجزوا خطابا اسلاميا متوازنا ومعتدلا ويلقى التقدير والأعجاب في مواجهة خطابات دينية متعددة مختلفة ومتناحرة . لكنهم يتأخرون بوعي وادراك عن صياغة الخطاب " المعتدل " لأنهم متورطون بما آلت اليه حال الإسلام والمسلمين من جهة ، ولأنهم كانوا أس تلك الخطابات المتشددة وأبطالها الأوائل منذ خمسينيات القرن الماضي ...
لما كانت الساحة الإسلامية تعج بالتيارات المختلفة أدى بالتالي إلى تعددية الخطاب , فهناك الخطاب السلفي والخطاب الإسلامي الحركي والخطاب الإسلامي التكفيري والخطاب الصوفي والخطاب العلماني , هذه التعددية في الخطاب لم تؤد إلى التعاون والتكامل كما يفترض بها ، بل أدت إلى الاختلاف الذي في بعض الأحيان يؤدي إلى القطيعة وافتعال الفتن المذهبية في أحايين أخرى ، ويتجلى هذا بوضوح لما نجده اليوم من اتهامات متبادلة وتجريح وتسفيه وقدح والتعريض والتشهير والحكم بردةّ البعض ما يربك العامة ويشوش أفكارهم ويزعزع ثقتهم في جدوى وأهمية وصلاحية الخطاب الإسلامي ،وانعدام الثقة في أي من تلك القوى .
إن الاستبداد بكافة أشكاله الديني والسياسي والاجتماعي يجب أن يواجه ويحارب بوعي الجماهير وقدرتها على تمييز " الأهداف السياسية من الدينية " فما تفعله بعض القوى السلفية مثلا في سوريا والعراق من استبداد وقتل واستمتاع بجز الرؤوس وسبي النساء وبيعهن ،كل هذا يحدث في ظل صمت قوى اسلامية تدعي مثلا أنها " وسطية او معتدلة او سياسية "، فمثلما وقف الاسلاميون موقفا رافضا لممارسات الاستبداد السياسي في مصر بعد الانقلاب او في سوريا الأسد او المالكي في العراق ، فعليهم أن يقفوا في وجه استبداد " ديني " عبر ممارسات قوى التطرف من مثل داعش والنصرة وبيت المقدس في مصر لأنها تضع الإسلام والمسلمين في خانة " الإرهاب والقتل والتلذذ بالقتل والسبي والتعذيب ..
الخطاب الإسلامي قاصر ،ومتناقض ، ضعيف ، والمشروع الإسلامي لن يرى النور في ظل تلك الأزمة التي يقبل فيها البعض ويصمت بل ويشجع قتل الأبرياء مسلمين كانوا او ذميّين على يد غلاة مدفوعين او غير ذلك "،في وقت يطالبون الأنظمة السياسية بإحترام حقوق الانسان وحرية التعبير وحرية الاختيار !!
ليس غريبا ولا مفاجئا إلا لمن لايرغب الاعتراف بضعف الخطاب الإسلامي ما جرى اليوم كمثال ضمن توافق الحوثيين الذين دخلوا المدن اليمنية وعاثوا فسادا وبمؤامرة من عبدالله صالح والجيش للإطاحة بالإخوان،فتصدت لهم القاعدة وحدها ، و هاهم الإخوان يعقدون اتفاقات بشان تقاسم السلطة مع الحوثيين تحت مسميات درء الفتنة والفوضى ! ، وهذه إحدى نتائج الخلل والضعف في الخطاب الإسلامي ونتائج سلوك البحث عن " السلطة " ومشروعها وليس مشروع أمُة كما كانوا يدعون ،ومن يتابع سلوك ومنهج الاخوان في سوريا يختلف تماما عن منهجهم في العراق حيث يصمتون وينامون في حضن إيران ، ويقاتلون حزب الله سياسيا في لبنان ، ويعقدون اتفاقات مع الحوثيين في اليمن ،ويقتلون ويثيرون الفتن في مصر ويتحالفون مع التكفيريين والمليشيات المسلحة لقتل الجنود المصريين .
فأي مشروع " أمُة " ذاك الذي يتحدثون عنه .!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات