جهود مكافحة الزاوج المبكر في مهب الريح - تقرير

صورة تعبيرية

جراسا -

حينما يصدر تقرير عن منظمة اليونسيف الشهر الماضي ويتحدث عن عدم تراجع نسب الزواج المبكر في الأردن لمدة عقد كامل ووقوف هذه النسبة عند حدود 12-14%، فإن ذلك يثير أكثر من علامة إستفهام عن جدوى النشاطات والبرامج التوعوية والتعديلات التشريعية الهادفة لرفع سن الزواج، لا بل يثير سؤالاً أكثر أهمية مفاده هل كل ما تقوم به الجهات الحكومية وغير الحكومية من جهود تذهب بالإتجاه الصحيح والى الفئات الأقدر على إحداث التغيير؟

وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن الجهود التي تبذلها كافة الجهات المعنية بحقوق النساء والأطفال في الأردن من مؤسسات حكومية ومؤسسات وهيئات المجتمع المدني والمنظمات الدولية العاملة في الأردن، هي جهود مضنية وكبيرة بمختلف المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وحققت إختراقات وإنجازات لا يمكن لأحد نكرانها في سبيل تعزيز وحماية حقوق النساء والفتيات والطفلات بشكل خاص، إلا أن معظم تلك الإنجازات إن لم تكن جميعها حققت أهدافها المستقلة وإصطدمت بعدم إستطاعتها تحقيق الأهداف التكاملية والشمولية المتضمنة تمتع النساء بحقوقهن كاملة جنباً الى جنب الرجال.

فماذا يعني تفوق الفتيات بإمتحان الثانوية العامة خلال السنوات الإخيرة وحصولهن على أغلب المراكز الأولى، وتفوقهن بالدراسة الجامعية والدراسات العليا، ماذا يعني ذلك عندما تكون أكبر نسبة عاطلات عن العمل هي بين النساء اللاتي يحملن شهادات جامعية، وعندما يكون هنالك فجوة كبيرة بالأجور في مختلف القطاعات ما بين النساء والرجال، وعندما لا تفعل النصوص القانونية ولا تتوفر لهن البيئة المناسبة للعمل من تدريب وتأهيل وحضانات لأطفالهن، وعندما لا يصلن لمواقع صنع القرار والمراكز القيادية. فالنساء في الأردن حصلن على أعلى نسب تعليم بين النساء في الوطن العربي لكن لم تتح لهن المشاركة الإقتصادية بفعالية!

ومن حيث المشاركة السياسية، فقد تمكنت النساء في الأردن من الحصول على أعلى نسب للمشاركة في البرلمان والبلديات خلال عام 2013، إلا أن ذلك لم يترافق مع تحسين أوضاهن في مجتمعاتهن المحلية بالشكل المأمول، ولم تدرج تعديلات قانونية ملحة كما تراها الهيئات النسائية على سلم أولويات مجلس النواب. كما أن العديد من النساء كناخبات لا زلن لا يملكن قرار التصويت لأسباب كثيرة أهمها الهيمنة الذكورية والتبعية والنظرة الدونية لهن.

وتعتقد "تضامن" بأنه وعلى الرغم من إنتشار العديد من المراكز التي تستقبل النساء المعنفات وتقدم لهن الخدمات النفسية والإجتماعية والقانونية، وعلى الرغم من تنفيذ آلاف المحاضرات وورش التوعية والتدريب، إلا أنهن لا زلن يعانين من ثقافة الصمت ووصمة العار والعيب للحصول على الخدمات التي تقدمها تلك المراكز والمؤسسات، لا بل يترددن كثيراً في تقديم شكاوى أمام الجهات المختصة، وبالتالي فإن العديد من النساء المعنفات لا تسمع أصواتهن ولا تعرف معاناتهن، وهن لا يعلمن بأن سكوتهن سيزيد من حدة العنف المرتكب ضدهن، حتى أنهن قد يبررن ذك العنف في كثير من الأحيان. وحينها فإن الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات قد لا ترتبط بالواقع ولا تعكس حجم المعاناة.

إن تعديلات تشريعية على قانون الأحوال الشخصية وصدور قانون الحماية من العنف الأسري لم تقترن بتغييرات جذرية على أوضاع النساء وعلى العدد من القضايا، فرفع سن الزواج لم يحد من الزواج المبكر ونسبه منذ عقد من الزمن، وقانون الحماية من العنف الأسري لم يؤدي الى تراجع العنف الممارس ضد النساء والفتيات، وهو بحاجة الى تعديلات لسد ثغرات عديدة. كما أن الكثير من النساء لا يعلمن بإمكانية إشتراطن بعقد الزواج شروط عديدة منها العمل وعدم الزواج بأخرى. إضافة الى وجود نصوص قانونية تسهم في إستمرار جرائم ما يسمى "الشرف" وإعفاء المغتصب من العقوبة إذا تزوج من المغتصبة.

وتجد "تضامن" بأن الأرقام والإحصائيات الرسمية التي تتناول العديد من المواضيع المتعلقة بالنساء والفتيات والطفلات، هي أرقام قديمة نوعاً ما ولا تساعد الجهات المعنية عند وضع إستراتيجياتها وبرامجها وخطط عملها لتتناسب مع المستجدات والتغييرات الإيجابية منها والسلبية، كما أن تأخر العديد من الجهات الرسمية في إصدار تقاريرها السنوية يصب في ذات الإتجاه، فكيف لنا أن نبني إستراتيجيات وبرامج وخطط تتعلق بموضوع عمالة الأطفال إستناداً لدراسة عمالة الأطفال الصادرة عام 2007، أو واقع الإعاقة بالأردن لعام 2010، أو تقارير سنوية آخرها يعود لعام 2012. ذلك كله ينتج فراغاً كبيراً وفجوة واسعة ما بين الإستراتيجيات والبرامج والخطط من جهة وبين الواقع من جهة أخرى، وهذا ما يبرر بأن العديد منها لا تحقق أهدافها.

إن الجهل والفقر من أهم مبررات عمالة الأطفال والزواج المبكر للنساء اللاتي يرأسن أسرهن، فأين نحن من حقوقهن ومن حقوق النساء الريفيات والفقيرات والمهمشات وكبيرات السن وذوات الإعاقة والمطلقات وغيرهن؟ ونحن نتحدث عن مشاكلهن وحماية حقوقهن عادة بالمناسبات الإحتفالية المحلية منها والدولية.

وتؤكد "تضامن" بأن الرجال والنساء شركاء في الحل الذي نطمح اليه من أجل منع التمييز ومن أجل المساواة ما بين الجنسين، ومن أجل مشاركة فاعلة للنساء بمختلف المجالات، ومن أجل الحد من العنف ضدهن، ومن أجل تعزيز وحماية حقوقهن تشريعياً وفعلياً، ومن أجل حياة آمنه خالية من العنف والتمييز والتهميش والإقصاء، ومن أجل تحقيق تنمية مستدامة تعود بالنفع والفائدة على المجتمع بكامله.

وتشير "تضامن" الى أهمية العمل المشترك والتعاون ما بين كافة الجهات المعنية بحقوق النساء حكومية أكانت أم غير حكومية، للوقوف على المعيقات التي تحد من السير بخطى ثابته نحو تعزيز وحماية حقوق النساء والفتيات والطفلات، وإستغلال التقدم المحرز بمجالات عده منها التعليم والصحة والمشاركة السياسية إستغلالاً أمثل لتحقيق المزيد من الإنجازات. فنحن بأمس الحاجة الى إستراتيجيات واقعية مترابطة ومتشابكة فيما بينها تبني على إنجازات بعضها البعض، والى برامج وخطط عمل تصل الى الفئات الأقدر على تغيير تلمسه النساء وتشعر به من خلال تحسين ظروفهن المعيشية والبيئة الأسرية الأمنه وصحتهن وصحة أطفالهن وبالحماية الإجتماعية اللازمة التي تحد من العنف ضدهن. وقد آن الآوان للبحث بعمق وفي الجذور.



تعليقات القراء

الايهم
بلا مبكر بلا بطيخ
البنت اذا يلغت وجاءها عريس مناسب خليها تتزوج .
يعني تريدون مجاراة الغرب بعدم زواج البنت قبل 18 سنة وشو ما بدها تعمل تعمل حتى لو حملت وانجبت مش مشكلة اهم شيء ما فيه زواج قبل عمر 18 سنة كما يحدث في بريطانيا حيث يقومون بتوزيع وسائل منع الحمل على الطلاب والطالبات في المدارس ومع ذلك هناك الاف حالات الاجهاض سنويا وحالات ولادة لطالبات على مقاعد الدراسة .
السبب الرئيسي لهذه المنظمات ليس الحرص على مصلحة الفتيات وانما العمل على كبح جماح الزيادة السكانية فيس الدول المسلمة فعندما تتأخر كل فتاة الى عمر 18 أو 20 سنة فانها تكون قد خففت من 3 الى 4 اطفال كان من المفترض ان تلدهم فيما لو تزوجت بعمر 15 سنة .
17-08-2014 06:16 PM
غنوم
كلام الايهم صحيح 100%
18-08-2014 10:05 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات