تعديل الدستور لتعيين قادة الأجهزة الأمنية


قبل البدء بالحديث عن التعديلات الدستورية المتوقعة في الدورة الاستثنائية لمجلس الأمة, لا بدّ من الإشارة إلى الدستور الأردني 1952م, الذي كان بحق من أفضل الدساتير في الدول البرلمانية الحديثة, فقد كان فعلا إنجازا تاريخيا من إنجازات الملك طلال خلال فترة حكمه القصيرة, ذلك الملك الذي يعتبر قائد أول ثورة بيضاء في تاريخ الأردن وصانع الدستور.

توالت التعديلات الدستورية على الدستور وقد كان عددا كبيرا منها بهدف الالتفاف على المبادئ الحقيقية لذلك الدستور خصوصا في مجال الانتقاص من دور السلطة التشريعية لحساب السلطة التنفيذية, ومن خلال نظرة سريعة للتعديلات الدستورية 2011 ومنها على سبيل المثال: استقالة الحكومة التي يحُل في عهدها مجلس النواب, فقد كان هذا النص موجودا في الدستور وأُلغي عام 1958, وتحديد صلاحية الحكومة في إصدار القوانين المؤقتة أُلغي أيضا عام 1958 واستمر هذا الإلغاء لغاية 2011, وتأجيل الانتخابات لأمد غير محدود لم يكن موجودا في الدستور وإنما تم إدخاله عام 1974.

منذ عام 1984 ولغاية 2011 لم تجر أية تعديلات على الدستور والآن بعد مضي ثلاثة أعوام على أخر تعديل سيتم إجراء تعديل على الدستور, فما هي الغاية من هذا التعديل؟ وهل يصب في مجال الإصلاح السياسي المنشود؟ وهل نحن بحاجة فعلية أن ينص الدستور على صلاحية الملك في تعيين قادة الأجهزة الأمنية (الجيش والمخابرات)؟ وهي ممارسة فعلية للملك منذ قيام الدولة الأردنية وستبقى كذلك دون حاجة لتعديل الدستور.

في الأنظمة البرلمانية يوجد وجهتا نظر حول تدخل الملك في شؤون الحكم: الأولى تنكر على الملك التدخل في شؤون الحكم على أن الوزارة هي المسؤولة عن نظام الحكم ورئيس الدولة غير مسؤول أمام البرلمان, وحيث تكون المسؤولية تكون السلطة, والثانية تعطي الملك حق التدخل في شؤون الحكم على أن الملك صاحب مسؤولية أدبية وأخلاقية تجاه أمته وشعبه, وذلك بوجود حكومة قادرة على تحمل المسؤولية المترتبة على تدخل الملك في شؤون الحكم.

وفي النظام السياسي الأردني تحدد المادة (30) من الدستور بأن الملك هو رأس الدولة, وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية ويمارس صلاحياته بوجود وزارة مسؤولة أمام مجلس الأمة, والملك يمارس صلاحياته بموجب إرادة ملكية تكون موقعة من رئيس الحكومة والوزير المختص, ويعطي الملك موافقته برسم توقيعه فوق التواقيع المذكورة, كما تنص المادة (40) من الدستور.

من هنا فأن تعيين قادة الأجهزة المذكورة يندرج ضمن وجهة النظر الثانية التي تعطي الملك حق التدخل في شؤون الحكم وهي الممارسة الفعلية في الأردن منذ عشرات السنين (يسمي أستاذة القانون الدستوري هذه الاختصاصات بالسلطة التقديرية لرئيس الدولة).

في واقع الحال كغيري من المتابعين للتصريحات حول تلك التعديلات وخصوصا تصريحات رئيس الوزراء, الذي يقول تارة بأن الهدف منها إبعاد الأجهزة الأمنية عن التدخلات السياسية, وتارة أخرى يقول بأن واقع مسؤولية الحكومة عن تلك الأجهزة لن يتغير, فأني أرى غموضا مقصودا في إجراء التعديل لأنه لن يغير من الواقع والممارسة الفعلية شيئا, إلا إذا كان هنالك غاية في نفس يعقوب من هذا التعديل !!

 



تعليقات القراء

فلاح الفالح
توضيح تشكر عليه استاذ احمد الخلايله
17-08-2014 04:10 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات