قصة من السودان اهديها الى غزة


بعد انتهاء مناسك الحج جلس الحاج سعيد في صالة الأنتظار في مطار جدة بانتظار طائرة العودة إلى الخرطوم .

جلس بجانب الحاج سعيد حاج أخر ، تعارفا إذ التعارف من السنة و بادره بالقول والله أنا أعمل مقاول وقد رزقني الله من فضله و فزت بمناقصة اعتبرتها فرصة العمر فقررت ان يكون أول عمل أعمله هو إداء فريضة الحج للمرة العاشرة
و الحمد لله .

رد عليه الحاج سعيد بقوله حجا مبرورا و سعيا مشكورا إن شاء الله فقال الحاج الآخر طيب
و أنت يا حاج سعيد كم رقم حجتك هذه ؟ قال الحاج سعيد والله يا أخي أنا هذه هي المرة الأولى .. فتعجب الرجل قائلا ! كيف وأنت بهذا العمر المتقدم .. ما قصتك ؟! .

قال الحاج سعيد و الله يا أخي قصتي طويلة ولا أريد أن أوجع رأسك بها ، قال الحاج الأخر لا عليك نحن في الأنتظار ولدينا متسع من الوقت .

تبسم الحاج سعيد و قال نعم أنه الانتظار فقد انتظرت سنين طويلة حتى أحج .. فأنا أعمل منذ أن تخرجت من الجامعة معالجا فيزيائيا في أحدى المستشفيات منذ 30 سنة حتى جمعت بالتوفير كلفة أداء فريضة الحج لكنني فقدتها في لحظة ، إذ دخلت صباحا إلى عملي في المستشفى و إذا بوالدة أحد مرضاي تقول لي شكرا لك يا أخ سعيد و أستودعك الله فهذه آخر زيارة لنا لك في هذه المستشفى ، فظننت أنها تريد أن تذهب بابنها إلى مستشفى آخرى و أنها غير راضية عن معالجتي لولدها ، فقالت لا والله و يشهد الله أنك كنت لأبني خير معالج ولقد تحسن على علاجك بأذن الله ، قلت إذن ما السبب ؟! قالت لقد فقد زوجي وظيفته و أصبح الحال صعبا ولا قدرة لنا على دفع تكالف العلاج .

دخلت من فوري إلى المدير و رجوته أن يستمر في معالجة الصبي على نفقة المستشفى لكنه رفض رفضا قاطعا لأن رجال الأعمال المستثمرين في هذه المستشفى لا يسمحون له بمثل هذا لأنهم يسعون إلى الربح .

خرجت من عنده مكسور الخاطر و فجأة وضعت يدي لا أراديا على جيبي الذي فيه نقود الحج و تسمّرت في مكاني لحظة ثم رفعت رأسي إلى السماء و خاطبت ربي قائلا " اللهم إنك تعلم مكنون نفسي وحب قلبي للحج إلى بيتك و زيارة مسجد نبيك صلى الله عليه وآله و سلم ، وقد سعيت لذلك طوال عمري ولكني مضطر لأن أخلف ميعادي معك فاغفر لي فانك أنت الغفور الرحيم " و ذهبت إلى المحاسب و دفعت كل ما معي له عن أجرة علاج الصبي لستة أشهر قادمة و توسلت إليه ان بقول لأم الصبي بأن إدارة المستشفى قد قررت ذلك على حسابها الخاص .

رجعت يومها إلى بيتي حزينا على ضياع فرصة عمري في الحج ، لكنّ الفرح يملأ روحي لأني فرجت كربة المرأة وابنها المريض ، فنمت ليلتها و دمعتي على خدي .. فرأيت في المنام أنني أطوف حول الكعبة و الناس يسلمون علي و يقولون لي حجا مبرورا و سعيا مشكورا يا حاج سعيد فقد حججت في السماء قبل أن تحج على الأرض ، فاستيقظت من النوم تغمرني السعادة فحمدت الله تعالى .
في الصباح ذهبت إلى عملي في المستشفى فاذا المدير يطلبني و يقول لي أن أحد رجال الأعمال أصحاب المستشفى يريد أن يحج وهو بحاجة إلى ممرض مرافق له بسبب مرضه وقد أخترتك لهذه المهمة ، فوافقت أن أذهب معه شرط أن يسمح لي بإداء مناسك الحج فوافق الرجل وهاأنا قد حججت معه و لله الحمد و أعطاني مكافأة مجزية و عندما حاولت رفض هذه المكافأة لأنني سعيد جدا بان وفقني الله للحج بعد أن فقدت الأمل .. و حكيت له القصة ومع ذلك أصر الرجل على أن آخذ المكافأة و اتصل من فوره بالمستشفى و أخبرهم بأن يعيدوا إليّ فور عودتي المبلغ الذي دفعته لعلاج الصبي و أن يجعلوا نفقة علاجه على حسابه الخاص ثم اتصل بوالد الصبي و وعده بالعمل في إحدى شركاته بعد عودته .

قال الحاج الآخر للحاج سعيد: يالبركات عملك النبيل هذا .. والله يا أخي لقد ذهبت أنا إلى بيت الله الحرام 10 مرات أما أنت فقد دعاك الله إلى بيته فهنيئا لك وهذا درس عظيم لي .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات