حكومة النسور رجعية


على قدر ما كتبت وقرأت في موضوع البلديات واللامركزية، بات لدي هوس أسمه (التنمية) التي أرى انها في تراجع مستمر، وهذا ليس من باب جلد البلد، لا سمح الله، بل من باب المُراقب الذي يشاهد تدهور البنية التحتية، وإزدياد البطالة بين الشباب، فهل ننتقد من باب الحسد وضيقة العين لأننا لا نحظى بموقع رسمي وأن غيرتنا من مكتب الوزير المكيف وسياراته الفارهة وبرستيج الحرس والأبهة.
من المنطق ان يكون جوابي بالنفي، وسازعم اني الصادق الأمين، ولكن خذوني على قدر عقلي واستمعوا الى بعض الملاحظات، فيما تبقى من الوقت الضائع في مبارة تقسيم المنطقة وتدعيشها، فهذه ملاحظاتي على مشروع قانون اللامركزية مع الربط مع مشروع قانون البلديات الذي سافرد له دراسة أخرى:
1. نصت المادة (3) من مشروع قانون البلديات للعام 2014 في البند ب-1- باستثناء سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وسلطة إقليم البتراء التنموي السياحي والمناطق التنموية، يتولى إدارة البلدية مجلس بلدي ...الخ. وهذا يعني ان العاصمة عمان التي تُسكِن ثلث مواطني المملكة، وباقي المناطق المذكورة، وهي الأهم من الناحية الإقتصادية والسياحية، لا يناسبها مجلس بلدي منتخب، بل أمين ورؤساء سلطات معينين ومدراء مناطق تنموية مختارين بكل عناية ورفق ... والباقي لكم ايها المواطنين الأعزاء. وللتذكير، فإن هذه المناطق جلها صحراوية وتستثني العقبة والبحر الميت ومناطق معان والمفرق وجرش وعجلون التنموية ... فماذا تركتم للناس يا اصحاب هذا التشريع الظالم.
2. قامت حكومة النسور بإقرار مشاريع قانون اللامركزية والبلديات، فلماذا مشروعين لموضوع واحد يُعنيان بالإدارة المحلية، لا بل ازيد على ذلك مشروع القانون الثالث الذي يدور في فلك الحكم المركزي واللامركزي وهو قانون الإنتخاب الذي طال إنتظاره بسبب الرغبة في تجنب زعل نواب انتخبوا على اساس قانون غير توافقي حظي بمقاطعة شعبية واسعة.
3. اعتدنا على ان نسمع جملة إبتدائية يستهل فيها المسؤول المرتجف كلامه وهي: بناءً على توجيهات جلالة الملك، فقد تم ... وهذه الجملة تم تكرارها من قبل وزير الداخلية واصفاً مشروع قانون اللامركزية بانه "ترجمة حقيقية لما ورد في كتاب التكليف السامي للحكومة وخطوة جادة على طريق توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرارات" إنتهى الإقتباس. وفيما يلي نقاط إضافية تنفي ان يكون هذا المشروع هو ترجمة لتوجيهات جلالة الملك، إن لم يكن مناقضاً لها كما سنرى لاحقاً.
4. إن مشروع قانون اللامركزية قد إبتكر مجالس جديدة عدد (2) الأول بإسم (مجلس المحافظة) والثاني بإسم (المجلس التنفيذي) وبذلك يصبح الهرم الإداري (التنفيذي وليس التشريعي) في المملكة موزع من الأعلى للأسفل كما يلي:
أ‌- جلالة المللك المعظم.
ب‌- السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) وسنركز على السلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء.
ت‌- وزير الداخلية (الوزير المعني باللامركزية) ووزير البلديات المعني بقانون البلديات.
ث‌- الحاكم الإداري (المحافظ، والمتصرف ومدير القضاء) المعين.
ج‌- مجلس المحافظة.
ح‌- المجلس التنفيذي.
خ‌- البلديات والمجالس المحلية.
5. ينص مشروع قانون اللامركزية في المادة (3) أ/ منه على أن المحافظ هو رئيس الإدارة العامة في محافظته وأعلى سلطة تنفيذية فيها ويتقدم على جميع موظفي الدولة في المحافظة ..الخ. فكيف يستقيم الوضع اللامركزي عندما يكون المحافظ مؤتمر من وزير الداخلية ويعمل بموجب تعليماته الخطية والشفوية، وهل سيكون بإمكانه تنفيذ البند (2) من المادة المذكورة والتي تنص على ان يقوم المحافظ بالتنسيق بين مجلس المحافظة والبلديات في المحافظة والوزارت والدوائر الرسمية والمؤسسات العامة. وهل سيتدخل المحافظ في اعداد الخطط التنموية والخدمية للمحافظة وفي عملية اعداد الموازنة السنوية، طبعاً (نعم) لأن هذه من صلاحياته حسب البند (3) من نفس المادة (3) سابقة الذكر.
6. تختم المادة (3) بالنص التالي: يلتزم مدراء الدوائر الرسمية في المحافظة بالتعليمات الصادرة عن المحافظ ويعتبروا مسؤوليين أمام المحافظ عن تنفيذ واجباتهم. إنتهى الإقتباس الذي ينسف مجمل فكرة اللامركزية والتي تربط جميع الدوائر الرسمية بالمحافظ ... فأين انتم من فكرة الحكم والإدارة المحلية التي دعى اليها جلالة الملك؟
7. المجلس التنفيذي المقترح يتم تشكيله بموجب احكام المادة (4) من مشروع القانون برئاسة نائب المحافظ وعضوية الحكام الإداريون الذين يرأسون الألوية والأقضية في المحافظة، كما يضم مدراء المديرات والمكاتب الحكومية المعينة، ويضم مدراء المناطق التنموية والمدن الصناعية في المحافظة (على الرغم ان لهم قوانين خاصة بهم ولا يخضعوا لسلطة البلديات. كما ان المجلس التنفيذي يضم المدراء التنفيذيين للبلديات في المحافظة يسميهم وزير الشؤون البلدية. وسؤالي غير البريء هو: كيف لهذا الجمع الغفير(المُعيّن) ان يكون جهة تنفيذية تخضع تحت سلطة مجلس المحافظة (المنتخب).
8. ينص البند (د) من المادة (4) من مشروع القانون على: تكون وحدة التنمية في المحافظة الأمانة العامة للمجلس التنفيذي ويسمى رئيس المجلس التنفيذي من بين موظفيها أمين سر للمجلس التنفيذي ... الخ. إنتهى الإقتباس، بمعنى ان المجلس التنفيذي بمجمله تحت عباءه (وحدة) التنمية في محافظة معان مثلاَ، فكيف بالله عليكم ستدار جلسات المجلس وهو الذراع التنفيذي لمجلس المحافظة وهو الذي ينسب له بالخطط والاستراتيجيات حسب بنود المادة (5) من مشروع القانون.
9. المواد (6- 8) تتحدث عن (مجلس المحافظة) المنتخب 75% من اعضاءه والباقي معينين من قبل مجلس الوزراء بتنسيب من وزير الداخلية. ويحظى هذا المجلس بصلاحيات هامة مثل اقرار مشاريع الخطط الاستراتيجية والتنفيذية المتعلقة بالمحافظة والمحالة إليه من المجلس التنفيذي، وإقرار موازنة المحافظة ضمن السقوف المحددة لها من وزارة المالية/ الموازنة العامة تمهيداً لإدراجها في موازنة الدولة. الى هنا والحديث جميل نصاً، ولكن ما الجديد في ذلك ما دامت المديريات قد دأبت لتقديم موازانتها ضمن الوزارات المختلفة مثل مديرية الصحة والأشغال والسياحة ...الخ، فهل يعني هذا القفز عن الوزارات وتحويل المخصصات الى المجلس التنفيذي للتصرف؟ هذا سؤال لا يجيب عليه مشروع القانون لا بل ان الإجابة الضمنية موجودة في النقطة التالية.
10. البند (و) من المادة (8) تنص على ان من مهام مجلس المحافظة ما يلي: إقتراح المشاريع التنموية التي تعود بالنفع العام على المحافظة ورفعها إلى المحافظ لإتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها ...الا يكفي هذا البند (و) ليولّي بمشروع القانون هذا الى ما قبل العام 1989 سنوات الأحكام العرفية. فكيف تخضع كل هذه الهيئات والاجتماعات والمشاورات لرأي (محافظ) يرتعد خوفا عندما يستقبل هاتف من وزير الداخلية، فأين الامركزية التي يتحدث عنها عنوان المشروع.
11. البند (ك) من المادة الثامنة من مشروع القانون هي القنبلة التي تنسف التوجيهات الملكية بالمضي قدما في مشروع الحكم المحلي حيث تفتق ذهن الوزراء الأصدقاء الداخلية والبلديات عن البند التالي كاحد مهام مجلس المحافظة: تصديق الموازنات السنوية للبلديات الواقعة ضمن إحتصاصه وإقرار المشاريع الراسمالية لجميع بلديات المحافظة، إنتهى الإقتباس. وهذا يعني ان مجلس المحافظة يتعامل مع كتلتين الأولى هي (المجلس التنفيذي) والثانية (البلديات) وكلا هاتين الكتلتين تضع موازنات ... ما شاء الله وكان، فهل لمعاليكم ان تشرحوا لنا كيف سيتم تطبيق ذلك في محافظة الزرقاء مثلاً حيث يرأس بلديتها مقاتل وطني شرس مثل المهندس عماد المومني، فهل سيوافق ومجلسه الكريم على تنسيبات مجلس تنفيذي الزرقاء المعين.
وفي الختام ارجوا ان يقرأ النواب هذا المقال بعناية لأنهم أصحاب الصلاحية في مناقشة مشاريع هذه القوانين، وانصح السيدات والسادة النواب برد القانون لأنه يتناقض جذريا مع توجيهات جلالة الملك وسيعيد بالاردن سنوات عديدة الى الوراء... وليتحمل دولة الرئيس ووزاره الكرام عنوان هذه المقالة لأني لم أجد افضل منها للتعبير عما بداخلي من غيظ لما آلت اليه الأمور من الناحية التخطيطة في الأردن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات