بين طمليه ونوبل للاقتصاد .. ما يشبه الرثاء


مثل ندف الثلج ذاب من بين ايدينا ، كأننا لم نلقه ، وكلنا له طرفة معه ، ذلك الفتى الفوضوى ، كم احببنا رشاقة حرفه ووحله الابيض من غير سوء ، وقبلنا منه ما لم نقبله من غيره ، لا يمكن - حتى في جنازته - ان تستعيد ذاكرتك معه دونما ابتسامة على شفتيك ، كم هو مختلف هذا العابر بنعال الكلمات الرقيقة.

في "الدستور" يسرد اسماعيل الشريف قصته مع طمليه بكل الحب ويكتمل مسلسل الحكايا من الجالسين ، كان بطلا في رياضة الجري لمسافة"800"متر في البطولة المدرسية ولم تكن نمرة حذائه"42"كما بطل قصته ولكنه ركض بساقين عاريتين مسافة الكون كله ، فضية ، الميدالية التي حصل عليها في الركض ومن الفضة الناصعة قلبه وكذلك خصلات شعره قبل الكيماوي الذي قصفه به الاطباء قبل ان يقدم نفسه على الهاتف"معاك المرحوم محمد طمليه"يسخر حتى في الموت ويدلق لسانه لهذه الدنيا.

من مثله لا يستحق الرثاء ولكنه يستحق ان نكتب عنه بطريقته وليس باسلوبه فهذا سر محمد الخاص ولم يمنح اسراره لاحد ، محمد طمليه مات في اليوم الذي حصل فيه بول كروغرمان على جائزة نوبل في الاقتصاد رغم ان طمليه لا يعرف من الاقتصاد حصريا الا الانفاق ولكنه يشاطر هذا الفائز ابداعه في كره الادارة الاميريكية وان كان كروغرمان قد كره ادارة بوش فان طمليه كره كل الادارات رغم ان قلبه لا يعرف البغضاء ابدا وتلك ميزة لطمليه تؤهله لنيل نوبل في اقتصاد الكلمات فكانت كلماته القليلة في كتاباته تصل الى مراميها تماما وكان بصورة فنية واحدة يختصر الدنيا واحلامنا وشتائمنا وحبنا وكرهنا.

طمليه يستحق نوبل بجدارة في الاقتصاد وفي الادب الاجتماعي والادب القصصي ، حالم لم يغضب احدا ولم يسلم منه احد ممن جلسوا على مقاعد المسؤولية لم يسجل في حياته ان اغضب احدا ولم ترو عنه رغم طرافة حياته وكتابته مفردة سيئة بحق احد ، لعن الفقر وامريكا والطغاة على اختلاف جنسياتهم والاحتلال على كل اتجاهاته وملله ولم يشتم.

طمليه ببساطة جاء وببساطة رحل كتب مرة ذات نعي في الرحوم عصام الشايب ما يشبه نعيه لنفسه قال يومها"موت رجل فقير ، ظهر اسمه في الصحف مرتين الاولى يوم نجاحه في الثانوية العامة والثانية يوم وفاته"ومحمد ظهر اسمه مرتين الاولى تكررت على مدار ثلاثة عقود او اقل قليلا والثانية يوم وفاته ولكنه مات ولم يستسلم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات