جراسا -

في خطوة نادرة للغاية، كشفت صحيفة (هآرتس) الاسرائيلية، في عددها الصادر الأحد، النقاب عن أنّ رئيس جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة)، تامير باردو، قال في جلسة مُغلقة شارك فيها عشرات من كبار رجال الأعمال الإسرائيليين في مدينة رمات هشارون، بالقرب من تل أبيب، قال إنّ الصراع مع الفلسطينيين هو الذي يُشكّل التهديد الرئيسيّ لإسرائيل، وليس البرنامج النوويّ الإيرانيّ، على حدّ تعبيره، وذلك في رسالة واضحة إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر البرنامج النوويّ الإيرانيّ تهديدًا وجوديًا على دولة الاحتلال.

وبحسب الصحيفة عقّب ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ على هذه التصريحات بالقول إنّ رئيس الموساد استعرض خلال اللقاء المذكور ثلاث قضايا أمنيّة التي تُواجه الدولة العبريّة: التهديد النوويّ الإيرانيّ، النزاع مع الفلسطينيين ومسألة الجهاد العالميّ، وفي ما يتعلّق بالتهديد الإيرانيّ قال رئيس الموساد، بحسب ديوان نتنياهو، إنّه يتحتّم على إسرائيل أنْ تقوم بفعل كل شيء من أجل منع الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة من الوصول إلى القنبلة الذريّة، على حدّ قول الناطق بلسان رئيس الوزراء الإسرائيليّ. ونقلت الصحيفة العبريّة عن مصدر وصفته بأنّه رفيع المستوى، والذي شارك في اللقاء المذكور قوله إنّ باردو شدّدّ في حديثه على التغييرات التي أدخلها إلى جهاز الموساد، وتحديدًا الخطوات الإداريّة الجديدة التي قام بإرسائها في جهاز الاستخبارات الذي يرأسه، ولكن، أضاف المصدر، مع فتح باب الأسئلة أمام المُشاركين تطرّق باردو إلى القضايا الأمنيّة والسياسيّة، حيث طلب منه العديد من رجال الأعمال أنْ يُحدد التهديدات التي تُواجهها الدولة العبريّة، وتابع المصدر عينه قائلاً للصحيفة العبريّة، ردّ رئيس الموساد قائلاً إنّ التهديد المركزيّ الذي تُواجهه إسرائيل في هذه الفترة هو النزاع مع الفلسطينيين، وعندما طلب عدد من المشاركين سماع المقولة مرّة أخرى، أضاف المصدر، عاد باردو وشدّدّ على أنّ النزاع الإسرائيليّ الفلسطينيّ هو التهديد المفصليّ على دولة الاحتلال.

وتابعت الصحيفة قائلةً إنّه في معرض ردّه على سؤال أحد المُشاركين عن التهديد النوويّ الإيرانيّ، وهل هو يحتّل المركز الثاني، ردّ رئيس الموساد بشكل فاجأ الحاضرين، حيث قال: إنّه من المُحتمل أنْ تقوم إيران في المستقبل بإنتاج الأسلحة النوويّة، أوْ بالمقابل شراء قنبلة نوويّة، ولكننّي لا أُوصيكم بأنْ تذهبوا الآن بسرعة للبحث عن جواز سفر أجنبيّ، على حدّ تعبيره.

وقال مصدر آخر للصحيفة إنّه توصّل إلى انطباع بعد أقوال رئيس الموساد لا يُشارك نتنياهو بأنّ التهديد النوويّ الإيرانيّ هو التهديد المركزيّ الذي تُواجهه إسرائيل، وأنّه لا حاجة الآن لمعالجته، لافتًا إلى أنّ البرنامج النوويّ الإيرانيّ لا يُشكّل الآن تهديدًا كبيرًا على إسرائيل وبطبيعة الحال لا يُعتبر تهديدًا وجوديًا عليها، على حدّ تعبيره.

علاوة على ذلك، قال رئيس الموساد في الجلسة عينها عندما استعرض التهديدات المحدقة بإسرائيل إنّ سيطرة تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق وبلاد الشام على أجزاء كبيرة من العراق، يُشكّل تهديدًا على استقرار نظام العاهل الأردنيّ، الملك عبد الله الثاني، وأضاف قائلاً أنّ الجيش الأردنيّ قادر على مواجهة تنظيم الدولة الإسلاميّة، إذا هاجمه من العراق، ولكنّ المشكلة، أضاف باردو، أوسع من ذلك كثيرًا، لافتًا إلى أنّ الجمع بين الهجوم المزمع من قبل الدولة الإسلاميّة على الأردن وتواجد أكثر من مليون لاجئ عراقيّ وسوريّ في المملكة الهاشميّة، من شأنه أنْ يضع استقرار الأردن في مهّب الريح. وساق قائلاً إنّ تنظيم الدولة الإسلاميّة يعمل كما يعمل حزب (شاس) اليمينيّ الدينيّ الإسرائيليّ، حيث يقوم باستعطاف الجمهور وله شبكة تعليم واسعة، بالإضافة إلى شبكة رفاهية لمساعدة المُحتاجين من العائلات المستورة، وجزم بأنّ هذا التنظيم يقوم بالقتل من أجل القتل، وأنّه مقارنة مع حماس، فإنّ التنظيم الأخير، أيْ حماس، يُعتبر مقارنة معه، تنظيمًا سهلاً، على حدّ وصفه.
ولفت المراسل للشؤون السياسيّة في الصحيفة العبريّة، باراك رافيد، إلى أنّ تصريحات رئيس الموساد تتماهى مع تصريحات رئيس الموساد السابق، مائير داغان، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) السابق، يوفال ديسكين، اللذين شدّدّا في العديد من المقابلات التي أُجريت معهما على أنّه يتحتّم على إسرائيل العمل فورًا من أجل التوصّل لاتفاق مع الفلسطينيين، وأعربا عن معارضتهما الشديدة لقيام إسرائيل بشنّ هجوم لتدمير البرنامج النوويّ الإيرانيّ.

وذكّر المراسل السياسيّ أنّه في شهر آذار (مارس) من العام 2011 ألمح باردو خلال استعراض قدّمه أمام أكثر من مائة سفير إسرائيليّ في العالم بأنّه لا يعتقد بأنّ التهديد الإيرانيّ هو تهديد وجوديّ على الدولة العبريّة، وأضاف أنّ التهديد الإيرانيّ موجود، ولكن حصول إيران على القنبلة النوويّة لا يعني بأيّ حالٍ من الأحوال أنّ هذا التهديد هو وجوديّ على إسرائيل، وخلُص إلى القول إنّ الكثيرين من الساسة يستعملون هذا المصطلح، وهو ليس في مكانه، على حدّ قوله.