لماذا الرحيل؟


في اليوم الاول من تموز قبل ثلاث سنوات كتبت توضيحا للعشيرة الاردنية حول الظروف التي يعيشها الوطن ومؤسساته واليوم اجد نفسي مدفوعا للكتابة من جديد بعد ان لمست واشعر بان الاشياء هي نفس الاشياء لم تتبدل ولم تتغير والحال يسير للاسوأ ولاني من اسرة تنتمي للجوع والفقر والانتماء للارض وبعد ان قررت الرحيل الى اوطان اخرى وانا اتساءل ومعي كل الاصدقاء والمعارف لماذا الرحيل اكتب محاولا تشخيص الحالة الاردنية لان رحيلي ليس هروبا ولا بدافع الطمع المادي وقد بلغت من العمر غيا ، وومعرفتي الاكيدة بانه لا يجوز الهروب في اشتداد الازمات ووطني الذي ابكيه لما وصل اليه بأمس الحاجة لكل جهد يتكأ عليه ولكني سأرحل واخاطب الاهل والعشيرة الاردنية من جديد لاننا في هذا الزمن الذي نرى فيه غياب العدالة في الحقوق وتغول الفساد واهله والداعمين له مما يدفع بالجميع الى اللجوء الى العشيرة والمنطقة الجغرافية والجهة ، ولانني لست ابن العشيرة المحددة بمجموعة الاقارب بصلة الدم ، ولاني اؤمن بان عشيرتي هي كل الاردنيين من الغرب الى الشرق ومن الشمال الى الجنوب لتلتقي في الوسط لأن خير الامور الوسط اتوجه اليوم الى عشيرتي الاردنية الكبيرة التي افتخر بالانتماء اليها وعلى رأسها جلالة سيد البلاد الملك عبدالله الثاني لأعود للعشيرة الاردنية بعد مضي اعوام ثلاثة على ما كتبت عن ظلم الاهل وذوي القربى تعرضت له خلال مسيرة عطاء طويلة لاكتب وانا على التقاعد المدني لا اشكو ولا اطلب ولا اسعى لاستدرار شفقة او عطف احد لاني القادر الاردني ولكن لأعرض حالة يعاني منها الكثير من ابناء وطني واقراني الاوفياء المخلصين ، اكتب وعلى يقين بأني لست الاول ولست الأخير وذلك لأن صاحب الكفاءة في مؤسسات الحاشية مستبعد ولا سند له ومعركته خاسرة ، بينما تكون القيادة بيد المحسوب والمنسوب والوصولي والانتهازي وابناء الذوات المتحدرين من ذوات تمت صناعتهم في مطابخ السياسيين .فهذه هي ادارات مؤسساتنا الوطنية ،تستند الى الأذن المفتوحة والعين المغمضة ، وعلى الوشايات والدسائس والتلفيق والكذب ، حيث تقدم الجهلاء وتم اقصاء الحكماء والعقلاء ويكفي للحكم فيها لاتخاذ قراره الاصغاء الى الخصم دون الضحية لأن الوزير ومديروه هم المحور الرئيسي لا المؤسسة ذاتها وكلما تغير مسؤل تباعا تغيرت التعليمات والصفوف والخطط بينما المديرون باقون على حالهم فيهدر الزمن والتجربة السابقة ويكون الوزير او المدير العام هو صاحب القرار الاخير كما الأول ليبقى الآخرون متفرجون مهما علت مناصبهم ليصبح الاستثناء هو الاصل بينما الأصل يبقى وسيلة يلجأ اليها في الآزمات او من قبيل ذر الرماد في العيون ، وصاحب الكفاءة لا يملك سلاحا الا شهادته وصدقه وكفاءاته بينما للمحاسيب والانتهازيين اسلحتهم التي تستند مادتها الى حبك الدسائس والمؤامرات وتدبير الواسطات للتقدم في المناصب واغتنام المكاسب ، وهذه المعركة غير المتكافئة الخالية من القيم والضوابط لا يمكن ان يكسبها شخص نبيل لا يعدو سلاحه الكفاءة والصدق والاخلاص والانتماء .لقد تنقلت في الوظائف الرسمية كثيرا الى ان استقر الامر بي صحفيا في وكالة الانباء الاردنية لأجد نفسي في اجواء محمومة يكتنفها الخوف من الجميع لقدومي والتشكيك بقدراتي بالرغم من اني حاصل على شهادة الدكتوراه في الاعلام منذ اكثر من ربع قرن ، قوبلت بالتهميش والاقصاء حتى عن اقل المهام التي يمكن للصحفي القيام بها وهي التغطية الصحفية ، لأجد نفسي بعد اقل من عام محالا على الاستيداع لمجرد الادلاء برأيي والدفاع عن حقوقي المهنية والوظيفية وتستمر حالة التشرد والضياع ليس لي وحدي بل لتطال اسرتي وتهاجر تاركة اياي اصارع المصير وحيدا ، ولكن وبعد عام من الكفاح تمت اعادتي للعمل لأجد نفسي من جديد في دائرة الشك والغموض والتهميش والاقصاء حتى استجاب لي مدير الوكالة الزميل رمضان الرواشده باعتمادي لتغطية نشاطات سفارات دول الاتحاد السوفياتي السابق في عمان ، وتمضي السنون وانا اراوح مكاني اتعرض لاعتداءات على درجتي لأمضي اثني عشر عاما بالدرجة الاولى في حين قفز الكثير من اهل الواسطة وتقدموا ورضيت بالامر لايماني بأن هذه هي حال الوطن واني لست الوحيد، لاتقدم باستقالتي ملوحا بيدي للوطن مودعا . ما كنت والله راغبا بسرد هذه المعلومات ولكن اوردها لكي لا يظن احد من ابناء وطني باني هربت وليكون وداعي لهم ورحيلي الجسدي عن بلدي مبررا وواضحا وليعلم الجميع ان ثلث الشباب الاردني يتوق للهجرة والبحث عن الطمأنينة بعد ان اصبح وطنهم موطن اللجوء للجميع واحلال الايدي الغريبة مكان الوطنية سواء في الجامعات او حتى المساجد . فاني اذ ارحل لأؤكد بان انتمائي للهواء والارض الاردنية لن تغيرها الظروف الجديدة كما لم تؤثر عليها الظروف العصيبة التي عشتها واسرتي في احضان الوطن ليبقى ولائي وانتمائي للاردن الارض والشجر والحجر والهواء والاهل والعشيرة الى ان يقضي الله امرا محتوما .



تعليقات القراء

خالد حلمي الطوالبه
هذا هو واقع الاردن
المحسوبية الواسطة وووو
وجميعهم يقومون بتسميد الفساد .
كل عاقل وكل مصلح يقومون بمحاربته لمصالحهم الشخصية
01-07-2014 04:32 PM
د. علي طوالبة
الرجل اخبركم عن سبب رحيله وترك وظيفته وبيته واهله ووطنه
فهل تخبرونا انتم متى ترحلون؟؟؟
او متى يستفيق فيكم ضمير !!!
أفيكم ضمير ؟؟؟
07-07-2014 12:04 PM
د.علي خالد طوالبة
الرجل اخبركم عن سبب رحيله وترك وظيفته وبيته واهله ووطنه
الرجل مات على عتبات المطار، لان روحه رفضت الانسلاخ عن الوطن والاهل والاصدقاء

فهل تخبرونا انتم متى ترحلون؟؟؟
او متى يستفيق فيكم ضمير !!!
أفيكم ضمير ؟؟؟
07-07-2014 12:05 PM
معتصم طالب طوالبة
الله يرحمك يادكتور مولود ارقيبات
07-07-2014 01:22 PM
خالد حلمي الطوالبة
كنت اول المعلقين قبل اسبوع مبدي رائي على مقالة الدكتور الفاضل المرحوم مولود رقيبات
وبعد اقل من اسبوع
يرحل الدكتور مولود رحمه الله وادخله فسيح جناته
الى جنات الخلد ابو آدم
07-07-2014 01:55 PM
طارق الردايدة
إلى جنات الخلد يا ابو آدم ... والله ان القلب ليحزن والعين لتدمع .. انا لله وانا اليه راجعون..
07-07-2014 11:40 PM
د.علي خالد طوالبة
ارجو من الجميع مشاركة الرابط الذي كتبه الدكتور مولود رقيبات رحمه الله واسكنه فسبح جناته هنا ، فحياة الاردنيبن الشرفاء يحب ان لا تكون تحت رحمة المنافقين.
لأن رجالات الوطن ...المنتمون حبا واخلاصا يهمشون والمنافقون ذوي الاوجه المتعددة هم من يرسمون مستقبلا هلاميا لنا بلا معالم.
لقد طالت هذه المضايقات الالاف من رجالات الاردن فعلا كما كتب الدكتور رحمه الله.
الى متى؟؟؟؟؟؟
أم نهاجر ونترك الاوطان ... وان فعلنا سنرجع بلا شك اليها بالاكفان.
قدرنا ان احببناك ايها الوطن ...فلا تبخل علينا من بعض حبنا
13-07-2014 05:05 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات