رسالة إلى ذلك الغريب في موطن الغربة


لا أعلم من أين ابدأ ؟ وبماذا سأنتهي ولما أكتب؟؟؟

فماذا ستفيدنا الكتابات والحروف ونحن نكتبها فقط للتعبير عما بداخلنا من أوجاع وهموم ، دون أن تفيدنا بإرجاع أشخاص قد سطرت قلوبنا حبهم وشوقنا لهم،بل ماذا ستفيدنا الكلمات ونحن نكتبها فقط لإظهار جزء من محبتنا لبعض الأشخاص!!! وكيف إن كانت الأوجاع التي نريد ان نكتبها لشخص هجر وطنه وذهب ليعيش بوطن آخر هروباً من مستقبل يجهله ولألم يعصره ،ولأوجاع وفقر كان يسيطر عليه منذ صغره،فهجر وطنه،وذهب يبحث عن وطن يضمد جراحه فيه!!!!!

لا أعلم من أين ابدأ بالكلام ،فشعوري بتلك الغصة التي تكاد أن تخنقني وأنا أقرأ برسالته التي كتبها قبل موعد إقتلاع طائرته بساعات يخبرنا بها عن أمر خطير،بأنها ستكون الزيارة الأخيرة للأردن!!!

الأردن!!! الذي غادره وهو بعمر الشباب بعمر الطيش والقوة،بعمر الإندفاع وحب الفضول بعمر الـ16 عاماً بعدما لم يحقق هدفه بالتحاقه بجهاز المخابرات كما كان يحلم..

كان يريد أن يكون ضابطاً بجهاز المخابرات إلا أن القدر أقاده للعمل بالقصور الملكية كـ حارس على إحدى البوابات وبإحدى الأيام وجد محفظة مليئة بالنقود فقام بتسليمها الى ذلك الأمير الذي إكتفى بالقول له عد سريعاً الى البوابة التي كنت عليها دون أن يقول له كلمة شكر او حتى مكافأة بسيطة لنزاهته وإخلاصه بالعمل.!!!!

لم يتمكن ذلك الشخص من تحقيق أحلامه،فوجد جميع الأبواب مغلقة بوجهه فهجر أهله ووطنه إلى "المانيا" غادر وهو يظن بأن هناك سيجد السعادة وسيعيش براحة وطمأنينه...فأي راحة وطمأنينة وهو بعيد عن أهله ووطنه ،فأيام طفولته تلاحقه أينما حطت قدماه ،وذكريات الماضي لا ينسى منها إلا الشيء القليل!!!

أي حنين سيعيشه وهو يتذكر أيام طفولته ،وأي غربة وهو يعيش بين أناس وأشخاص لا يعرفهم سوى أن له زوجة أنجب منها ثلاث بنات جميعهم تزوجن من أشخاص لا يعرفهم ولا يعرفونه ...

ربما ما دفعني للكتابة هو جمال قلبه وحنيته ،وربما ما دفعني ايضاً دموعي التي ذرفتها اليوم صباحاً وأنا أقرأ برسالة بعثها لأخواته يعتذر منهم لعدم إستطاعته لرؤيتهم ومجيئه اليهم لأنه قطع إجازته وسافر لظروف صعبه أخافته من أن يبقى بالاردن..

فمرض زوجته التي تقترب من السبعين من عمرها ودخولها للمشفى أمرٌ إستدعاه أن يرجع إلى بلاده كي لا يحصل معها مكروه بالأردن لا قدر الله فيتحمل مسؤوليتها..

زوجته التي أحببتها بصدق تلك المرأه التي تحمل من الصفات الجميله ما تحمل فحلمها كان يترتب بأن تتبناني وأن تأخذني معها الى بلادها وأكون ولدها التي لم تنجبه!!!!

أحبتني منذ طفولتي بصدق تنظر الي كوالدة اخرى مثل أمي تماماً..

حجز وسافر رغم مجئيه ليقضي شهراً كاملاً من إجازته إلا أنه لم يستطيع إكماله ..ربما سأقولها ولأول مره أنني شخص أتهرب دائماً من وداع أي شخص أحبه بأمل اللقاء معه مرة اخرى..

فلقائي معه بالأمس وجلوسي أمامه بين العائلة وتحديقي بالنظر به ورؤيتي لألم يعتصره ولحزن ملازماً له امر بغاية الشفقه ,,لم أستطع البقاء طويلاً فتسللت وخرجت من منزله وعدت إلى منزلنا وأنا بحيرة من أمري هل أستيقظ صباحاً لأودعه وأقبله ام أبقى على أمل أن التقي به مرة أخرى!!!

لم أستيقظ صباحاً بتقدير من رب العالمين فحمل أمتعته وذهبت قدماه تخطو بصعوبة لمغادرة البلاد، حيث أخبرني أخي بأن الدمعة التي ذرفتها زوجته
أتبعها بكائه مما أضطر من الجميع أن يبكوا فبكت ايضاً والداتي!!!

نعم والدتي لأخٍٍ أحبته كثيراً وتدعو له كثيراً وتعشقه كثيراً ,,أخيها الذي تشعر بالحب والحنان تجاهه،اخيها الذي أحبته بصدق فكان مثل التوأم سوياً...

أنه خالي "علي خالد عثمان التميمي" الذي أحببته بصدق لطيبته وحنيته ,,بل لأنني لا آراه إلا كل عامين مرة واحدة فقط وأظنها أنني سأشاهده للمرة الأخيرة..


قبل عامين رأيته بها كانت أثناء فترة إعقتالي عندما شادهني بها مكبلاً ومقيداً بقيود بمحكمة الزرقاء بعدما أصدر مدعي عام الزرقاء كتاب توقيفي
7 أيام بتهمة إطالة اللسان لمقال الكتروني قد كتبته نشر على بعض الوسائل الإعلامية انتقد به النظام السوري!!!!!! وقد شاهدني وقد أحاط بي اكثر من سبعة اشخاص من الامن العام

شاهدني ولم يستطع فعل أي شيء سوى أنه همس بأذني هذه المره ليخبرني بأن الديمقراطيات العربيه كاذبه وأن لا أصدق منها شيء !!!!

كتب برسالة يعتذر بها عن تقصيره ويا ليته لم يكتبها فدموعنا ذرفت دون مقدمات ،بل إنذرفت دون أسباب ،فرغم قصر الكلمات التي كتبها إلا أنه يخبرنا بأننا سنراه للمرة الاخيرة!!!!!

لا أريد بالإطالة فشعوري الآن تجاه هذا الرجل لا يتعدى ألا أن أدعو له بأن يهديه الله ويوفقه لما يحبه ويرضى وأن يحفظه حفظاً متيناً من عنده وأن لا يحيجه لأي كان..

أحبك أيها الخال وأدعو الله لك أن يوفقك وأن يتجاوز عنك سيئاتك فقد كنت مرضياً لوالديك ولوالدتك التي كانت تدعو لك صبحاً ومساء...

ابن اختك
علاء محمود رافع الذيب



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات