الانتخابات الاميركية في اوكرانيا .. باراشينكو رئيسا


لم تأت نتائج انتخابات الرئاسة في اوكرانيا مفاجئة لاحد او طرف من طرفي الصراع الدائر هناك منذ اكثر من نصف عام على بدء الاحتجاجات في العاصمة كييف في تشرين ثان الماضي وعزل الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش في الثاني والعشرين من شباط المنصرم ، لم يتفاجأ العالم بالنتائج التي اظهرتها الانتخابات " المهزلة " وذلك لان المراقبين والمتابعين من السياسين والاعلاميين في العالم تنبأوا مسبقا بهذه النتيجة الحتمية لانتخابات تديرها وتتحكم فيها الادارة الاميركية التي لعبت وتلعب الدور الرئيسي فيها ، ومصلحتها منذ بداية الازمة وصول باراشينكو الملياردير المعروف بملك الشوكولاته والمقرب من دوائر الاستخبارات الاميركية والمقبول لدى دول الناتو والاتحاد الاوروبي .

المفاجئة الحقيقية كانت والمتوقعة هو الاسراع الامريكي بمباركة الانتخابات والتصريحات التي صدرت على عجل عن الرئيس الامريكي من قاعدة باغرام في افغانستان برغبته في التعاون مع الرئيس المنتخب في اوكرانيا لتحقيق الرفاة والامن الاقتصادي والسياسي للشعب الاوكراني والمضي في بناء اوكرانيا وتقدمها ، هذه التصريحات المتعجلة تدل على جهل الرئيس الاميركي اوباما الكبير بالازمة الاوكرانية وتجاوز تلك الانتخابات حدود المعقول والمفهوم الديمقراطي البسيط ومخالفتها الابجديات الديمقراطية وعدم مراعاتها للصوت الشعبي في عملية من المفروض ان تكون ديمقراطية ومعبرة عن تطلعات واراء الجميع ، فالانتخابات التي ادارتها امريكا وحلفاؤها من الدول الغربية جرت في اجواء من التوتر وفي ظل ازمة خانقة يصعب تغاضيها ، وبداياتها ان القائمين على هذه الانتخابات هم انقلابيون ودستوريا لا زال هناك رئيس شرعي لاوكرانيا وهو يانوكوفيتش الذي لم يقدم استقالته ولا هو بمريض عاجز ولم يتوفاه القدر وهذا ما ينص عليه الدستور الاوكراني الذي طوعته الولايات المتحدة ليكون اساسا للانتخابات وهذا يعني ان السلطات الصورية في كييف ليست سلطات شرعية كي تدير وتقرر الانتخابات ، كما ان الانتخابات لم تجر في العديد من المحافظات والاقاليم والمدن في جنوب شرق اوكرانيا التي يحاصرها الجيش وعصابات القطاع الايمن النازية وفيلق باراشينكو وقوات كالومولسكي المخترعة في دنيبروبتروفسك على يد الملياردير اليهودي كالومولسكي وهو ما يعني حرمان عشرة ملايين مواطن من حق دستوري ، اضف الى ذلك انفصال بعض المحافظات واعلانها عن جمهوريات شعبية مثل دانيتسك ولوغانسك وعدم مشاركة السكان هناك بالانتخابات ومقاطعة الملايين من الاوكرانيين في اوديسا وخاركوف وخيرسون وزابروجيا ونيكولاييف وماريوبل ووسط البلاد في كييف ومحيطها ومقاطعة العديد من القوى الشعبية والاحزاب السياسية لهذه المهزلة السياسية احتجاجا على عدم شرعيتها ، وفي خضم التعتيم الاعلامي والاعتقالات للصحفيين وعدم السماح لهم بالوصول الى المناطق وقتل البعض واحتجاز اخرين خاصة من وسائل الاعلام الروسية والمحايدة الاوروبية وعدم اتاحة الاثير لجميع المترشحين بشكل متساو والاعتداءات على بعض المرشحين مثل تساريوف ودوبينكو من حزب الاقاليم وتعرضهم للضرب والتهديد والقاء قنابل المولوتوف على سياراتهم وملاحقتهم من قبل زعران سلطات كييف والقطاع الايمن ، فكيف يمكن ان نسمي مثل هذه الانتخابات ونتائجها والتي لا تتعدى كونها استطلاع لرأي شريحة او جزء من الاوكرانيين ولكنها لا يمكن ان تكون تعبيرا صادقا لغالبية الاوكران في اختيار رئيس لبلادهم شرعي يحظى بتفويض الغالبية . نعم انها انتخابات اميركية بكل معنى للكلمة لانها جاءت تنفيذا للرغبة الاميركية وباعداد اميركي ولمصلحة امريكا لا اوكرانيا ، فالشعب الاوكراني في جنوب وشرق البلاد قال كلمته بصراحة في الحادي عشر من ايار الجاري باستفتاء شعبي جرى في المناطق الشرقية جاءت نتائجه معبرة بنسبة تفوق ال95بالمائة قالت لا للسلطات الفاشية الجديدة في اوكرانيا و نعم للاستقلال عن هذه الطغمة معلنة قيام جمهورية نوفوروس" روسيا الجديدة لان غالبية سكان هذه المناطق هم من الروس اصلا ، وهنا تجدر الاشارة الى انه في الوقت الذي تطالب فيه الطغمة الحاكمة في كييف بالعودة الى دستور الزعيم السوفياتي فلاديمير لينين في المساحة والحدود الجغرافية لاوكرانيا "والتي هي للعلم لم تحظى بمستوى ومسمى الدولة الا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي 1991 " ولاول مرة في التاريخ نرى القوميين من قواعد تورتشينوف الشعبية يحطمون النصب التذكارية للزعيم لينين في دلالة على تناقض السياسيين في اوكرانيا او الاصح الدخلاء على السياسة في اوكرانيا القادمين من عالم البزنس وغسيل الاموال .

ما جرى بالامس من عملية استطلاع نظمتها الادارة الاميركية مؤشر على توجه اميركي لجس نبض الشارع في الغرب الاوكراني لمعرفة توجهات القوميين الاوكران تمهيدا لانتخابات البرلمان الاوروبي الذي يبدو من الملامح الاولية ظهور النزعة القومية في بعض دوله مثل فرنسا وترشح تيارات قومية تشبه الى حد كبير التيارات في اوكرانيا لتقرر بعدها واشنطن الخطوات المستقبلية للتنسيق بين الحركات والتيارات القومية المتطرفة في اوروبا واوكرانيا بما يخدم اولا واخير مصالحها الحيوية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات