هل التدخل العربي المباشر في سورية ، سيذهب بعض الدول العربية ..
سؤال يحتاج إلى معرفة جيوسياسية وثقافة قانونية أكثر مما يحتاج إلى إجابة ، وفي تقديري المتواضع كمؤسس للهيئة الجليلة على المستوى العالمي أجد أن استمرار الدول الغربية في دعم الإرهابيين في سورية سيقوض من أهمية ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ويجعله مجرد ستار لتحقيق مصالح الدول الغربية وإسرائيل، وهذا سيؤثر على مكانة القانون الدولي ومؤسساته، كما أنه يشجع دول أخرى على القيام بالاعتداء على دول مسالمة بسبب أو بدون سبب ، ما يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية ستوجه تحديات كبيرة في حالة قيام أي دولة أخرى بتخطي مجلس الأمن، واستخدام القوة العسكرية دون تفويض منه،إذ سيصعب عليها الاعتراض في هذه الحالة ، والسبب الاستمرار في دعم الإرهابيين في سوريا الذي يرسي قاعدة التدخل الإنساني غير المؤسسي ليس في المنطقة الشرق أوسطية فحسب ، وإنما على المستوى العالمي، في الوقت الذي أصبحت فيه المنطقة من الناحية القانونية غير تابعة لأحد ، وكإنسانيين نستطيع الآن طلب المساعدة العسكرية من الصين أو روسيا أو إيران وجميع دول البريكس ، وبشكل معلن سواء تقدمنا بطلب إلى مجلس الأمن أو لم نتقدم ، سيما وأننا نتعرض إلى عدوان من قبل الدول الغربية منذ قرن من الزمن ، ولم يكن هنالك أدنى احترام من قبلها للقوانين الدولية التي وجدت لخدمة مصالحها ، والكل يعلم ما حدث في أفغانستان والعراق ومن قبل ذلك في فلسطين ولبنان والسودان والصومال وصولاً إلى سورية ، على الرغم من أن هنالك أتفاق دولي على عدم مشروعية التدخل في سوريا وفقًا لمبادئ القانون الدولي ، وتدخل القوى الغربية في سوريا سواء بطرق مباشرة أو عن طريق دعم المسلحين الإرهابيين أو الأدوات العربية وغيرها أفراداً ودول يعد إخلالا بميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على عدم جواز استخدام القوة المسلحة إلا في حالة الدفاع الفردي أو الجماعي عن النفس بناء على موافقة أو تفويض من مجلس الأمن، وهذا لم يحدث ولن يحدث ، وتجدهم يدعمون الإرهاب بكافة الأشكال !
ماذا تريدون بالضبط ؟ هل تريدون معاقبة الأسد ؟ أم أضعاف الجيش العربي السوري ؟ أم أنكم تسعون إلى تمكين القاعدة والجماعات الإسلامية من السيطرة على أجزاء من سورية ؟ وهل هذا في صالح استمرارية إسرائيل ، والتي من المفترض أنها و بعد انتهاء اتفاقية سايكس- بيكو تبحث عن آلية جديدة تعيد لها إعادة التموضع السلمي في المنطقة ، أم أنكم تريدونها حرب مفتوحة تغرق أمريكا في الظلام قرن من الزمن القادم ، هنالك ما يقال وهنالك ما لا يقال وأنتم أعلم بذلك ، لكن الغريب ذلك الغباء العربي الذي ما زال يعبث بنار النووي التي من الممكن أن تحرق دول عظمى فكيف بحال دول ستذهب حتماً فرق عمله ؟! وإزاء ذلك لا نقول إلا ( أتبصر في العين مني القذى وفى عينيك الجذع لا تُبصرُ ).
هذا هو حال الدول العربية الغبية التي تنشد الديمقراطية في سورية وشعبها يحرم من أبسط الحقوق المالية والاجتماعية والتعليمية والمدنية والإنسانية عموماً، ولا يكاد يجد المواطن بتلك الدول أبجديات الأمن الإنساني في دولته التي لا تتقن إلا نهب المواطنين المحكوم عليهم العمل بالسخرة لخدمة عصابات الفساد والإفساد !
أكثر من ثلاثة أعوام مضت على الأزمة السورية وما زالت الدولة متماسكة بجميع عناصرها الاجتماعية والجغرافية والمؤسسية والعسكرية والأمنية ، والرئيس السوري لم يترك موقعة منذ بداية الأزمة إلى الآن، وما زال صامداً متوازناً ، إلى درجة أستطيع القول فيها أنه يفرض توازنه على التوازنات الإقليمية والدولية التي يبدو أنها سترضخ في النهاية لإرادة الشعب السوري العظيم ، الشعب الذي يشهد التأريخ ببطولاته ضد الاستعمار الغربي ، واليوم يسطر لنا معاني الاستقلال من خلال هذه الانتخابات الرئاسية في الوقت الذي تتعرض فيه سورية إلى أبشع هجمة إمبريالية تنفذ عبر أدوات للأسف عربية وإسلامية ، نتحدث عن الشعب الذي يخوض أخطر الحروب دون أن يقترض دولاراً واحداً أو يحمل خزينة الدولة مديونية ، وفي المقابل هنالك دول تحمل شعبها المليارات التي سرقها فاسدين ومفسدين ، فكيف لو تعرضت بلادهم لمثل هذه الحرب الكونية التي تتعرض لها سورية العروبة ؟
شعب وأي شعب هذا الذي لم يترك بلاده للتوازنات الدولية الغبية المجنونة والمنفلتة عقالها ومن أبسط أنواع التعقل ، في حين أن دولة مثل أوكرانيا ، رأينا ماذا حدث فيها خلال أيام والنتيجة إقرار واقع التقسيم الدولي !
أعود وأتساءل : ترى ما الذي يزعج أمريكا في سورية ؟ وللإجابة على هذا السؤال نقول: هنالك أكثر من سبب إلا أن السبب الأساسي يكمن في وظيفة النظام السوري وليس في بنيته، وهذا يطرح علينا سؤال أخرى وهو : ماذا فعلت سورية ترى تجاه هذا الأمر ؟ قامت بانقلاب على بنية النظام القديم ، واستبدلته بنظام أحدث من النظم الغربية التي تحكم الآن في الغرب المسعور بجنون الأمريكان ، وهذا التغير أذهل الغرب وجعل أمريكا تفقد أعصابها وتبدو كالمجنون الفاقد لعقلة ، الذي يتخبط يسرة ويمنة دون أن يعي ماذا يفعل وإلى أين يسير ، إلى درجة أن الإدارة الأمريكية وصلت لحد إصدار التصريح ونقيضه في الساعة ذاتها !
وضمن هذا السياق يأتي التساؤل البديهي : هل من بين الدول العربية من هم في منزلة النظام السياسي في سورية ؟ والإجابة بالطبع لا يوجد لأن النظام السياسي في سورية أصبح نظام شبه رئاسي، ومعمول بهذا النظام في روسيا وفرنسا وكان للرئيس الفرنسي في الخمسينيات والستينيات الجنرال شارل ديغول الفضل في تطوير هذا النظام عبر دستور «الجمهورية الخامسة» عام 1958، وطرأت عليه تعديلات إلا أن المرتكزات والمعايير الأساسية بقيت ثابتة ، في حين أن كافة المعايير الأساسية تنطبق على النظام السوري الحالي، ومن أهم هذه المعايير (المرتكزات) كما جاءت في كتاب «مبادئ علم السياسة المقارن» لباتريك أونيل أستاذ العلوم السياسية في جامعة تاكوما الأمريكية: أن يخضع رئيس الوزراء لرقابة كل من الهيئة التشريعية (البرلمان) ورئيس الجمهورية، وأن يمتلك رئيس الجمهورية سلطة مستقلة عن البرلمان، وأن يرسم رئيس الجمهورية الأفكار والسياسات، حيث تحولها الحكومة (مجلس الوزراء) إلى مشاريع قوانين تُعرض على البرلمان وسياسات تنفيذية في الواقع (ص192) .
والمهم لدينا أن السياسة الخارجية في روسيا وفرنسا من صلاحيات الرئيس تماماً، وأن الخطوط العريضة للسياسات الداخلية يرسمها الرئيس بشكل عام ، بينما الوضع في سوري مختلف إلى درجة نستطيع أن نزعم أنه أكثر تطوراً ومرونة ، ويتضح ذلك في عدة مفاصل من بينها أن المادة /9/ من الدستور الفرنسي تؤكد أن رئيس الجمهورية هو رئيس الحكومة عملياً، بينما في الدستور السوري نجد أن أمر الحكومة متروك لرئيس الحكومة الذي تم تسميته من منطلق إعطاء الحكومة نوعاً من الاستقلالية،وتقول المادة الثامنة والتسعون من هذا الدستور إن «رئيس الجمهورية يضع في اجتماع مع مجلس الوزراء برئاسته السياسة العامة للدولة ويشرف على تنفيذها،والخلاصة أن الدستور الفرنسي أعطى لرئيس الجمهورية صلاحيات أكثر من التي أعطاها الدستور السوري لرئيس الجمهورية ! فبالله عليكم أي الدستورين أكثر ديمقراطية ؟ سؤال برسم الفلسفة الغربية والتشدق الأعمى ، وقد ثبت للعالم أجمع أن الغرب إرهابي وراعي للإرهاب العالمي ، وما دام الأمر على هذا النحو فضمن أي الاعتبارات يمكن تفسير التدخل العربي في سورية سواء المباشر أو غير المباشر ، علماً بأن دعم الإرهابيين وإرسالهم إلى دولة مسالمة يأتي ضمن معايير الدعم المباشر !
وإذا عدنا إلى القانون الدولي العام نجد أن مشروعية الدفاع عن النفس منصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، ونجد كذلك أن التعريف يبين لنا بوضوح ذلك العدوان الذي لا تعترف فيه الدول الصانعة له دولياً وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل ، عدوان بحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ويقر في التعريف العدوان : بأنه استخدام القوة المسلحة ضد دولة أخرى والمساس في وحدة الأراضي أو الاستقلال ، وعلى الرغم من هذا تجد أمريكا ومن يدور في فلكها الشيطاني متسعاً من الوقت للحديث عن الثورة ، أي ثورة تلك التي يجند لها مئات الآف من المرتزقة الإرهابيين الذين لا يعرفون شيئا عن سورية ؟!! ومع ذلك تتجمد فاعلية القانون الدولي عملياً لأن دول العالم الثالث ليست متساوية مع الدول الكبرى قانونياً ، ويزداد التعقيد الدولي من خلال الاعتقاد الغربي الخاطئ الذي يتلخص في أن تدمير القوة السورية وتغيير النظام السوري، هو المفتاح الأساسي الذي يمكن من خلاله قلب البيئة الإستراتيجية في الشرق الأوسط ، لتأمين حماية إسرائيل والنفط العربي ، ونهب المنطقة لعقود قادمة ، من هنا جاءت فكرة توظيف الدول العربية التي تدور في الفلك الأمريكي ـ الإسرائيلي ، لفرض تسوية تضمن هيمنة إسرائيل و لإقامة منظومة من العلاقات الإقليمية تضمن الهيمنة الاقتصادية والأمنية والسياسية للقوى الصهيوأمريكية ،إذن كامل القضية تكمن في إخضاع سورية لشروط التسوية الإسرائيلية في المنطقة ، وإذا ما تم التحقق من ذلك يمكن الدخول على لبنان وتدمير المقاومة اللبنانية ونزع سلاحها ، مهما كانت الخسائر ، سيما وأن كل شيء سيكون مسخر للحرب على لبنان الذي يستحيل الوصول إليه قبل التسوية مع سورية ، وهنا لن يتوقف الأمر على الإرهابيين والمجموعات المسلحة لأن المحكمة الدولية ستدخل على الخط لإعادة طرح القرار 1701 والقرار 1559 الجاهزين للتحريك في ضوء تبدل التوازنات الناجمة عن أي أتفاق مع سورية !
ضمن هذه المتدخلات نستطيع الحديث عن الخرق القانوني والإنساني المباشر في سورية من قبل الدول العربي المجندة لصالح الغرب، هذه الدول التي ستذهب فرق عملة في التقسيم الجديد ، ولكن كيف ؟ علينا أن نعي جيداً أن جوهر الصراع الدائر في المنطقة بأسرها- منذ أن اندلعت ثورات ما يسمى الربيع العربي في العام 2011 وإلى يومنا هذا ، ما هي في حقيقة الأمر إلا ثورات زائفة صبّت في النهاية لصالح التكفيرية والسلفية وليس في صالح الديمقراطية والإنسانية والأمن الإنساني الذي أصبح مباح في عرف القوى الصهيوأمريكية ، وهنالك أمر غاية في الخطورة ولا يعلمه إلا القليل وهو : أننا نعيش اليوم عام 2014 العام الذي ينتهي فيه المفعول القانوني والسياسي لما يعرف باتفاقية سايكس- بيكو التي قسمت الوطن العربي ( والشرق المسلم ) ، والعمر القانوني لهذه الاتفاقية الاستعمارية بحسب الوثائق هو 100 عام فقط ، وإلا كيف تجد الأدوات الغربية التي ترتدي الزى الإسلامي يزداد جنونها يوماً بعد يوم ، لا يوجد لا لأمريكا ولا لأي دولة غربية بعد اليوم أي صفة قانونية في المنطقة ، وسورية التي كانت وما زالت في قلب الصراع القديم الجديد تعود- لسوء الطالع- من جديد لتصبح في قلب ذلك الصراع الذي لن يتوقف إلا عند ضربات المقاومة الحقيقية ، إضافة إلى أنه من المبكر جداً الحديث عن سايكس بيكو جديد متفق عليه دولياً لأن هنالك صعود لروسيا والصين- بشكل اخص-ودول البريكس. ومن الطبيعي في أجواء من هذا النوع، أن تتجه علاقات القوة الدولية نحو نوع من الاستقطاب لإعادة صياغة نظام عالمي جديد، ينتقل من القطبية الأحادية إلى نظام متعدد الأقطاب، وإذا ما تم ذلك فإن دول اختارت التدخل المباشر في سورية ، ستذهب حتماً فرق عملة في التقسيم الإقليمي الجديد الناجم عن التعدد القطبي القادم لا محالة . خادم الإنسانية . مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .
سؤال يحتاج إلى معرفة جيوسياسية وثقافة قانونية أكثر مما يحتاج إلى إجابة ، وفي تقديري المتواضع كمؤسس للهيئة الجليلة على المستوى العالمي أجد أن استمرار الدول الغربية في دعم الإرهابيين في سورية سيقوض من أهمية ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ويجعله مجرد ستار لتحقيق مصالح الدول الغربية وإسرائيل، وهذا سيؤثر على مكانة القانون الدولي ومؤسساته، كما أنه يشجع دول أخرى على القيام بالاعتداء على دول مسالمة بسبب أو بدون سبب ، ما يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية ستوجه تحديات كبيرة في حالة قيام أي دولة أخرى بتخطي مجلس الأمن، واستخدام القوة العسكرية دون تفويض منه،إذ سيصعب عليها الاعتراض في هذه الحالة ، والسبب الاستمرار في دعم الإرهابيين في سوريا الذي يرسي قاعدة التدخل الإنساني غير المؤسسي ليس في المنطقة الشرق أوسطية فحسب ، وإنما على المستوى العالمي، في الوقت الذي أصبحت فيه المنطقة من الناحية القانونية غير تابعة لأحد ، وكإنسانيين نستطيع الآن طلب المساعدة العسكرية من الصين أو روسيا أو إيران وجميع دول البريكس ، وبشكل معلن سواء تقدمنا بطلب إلى مجلس الأمن أو لم نتقدم ، سيما وأننا نتعرض إلى عدوان من قبل الدول الغربية منذ قرن من الزمن ، ولم يكن هنالك أدنى احترام من قبلها للقوانين الدولية التي وجدت لخدمة مصالحها ، والكل يعلم ما حدث في أفغانستان والعراق ومن قبل ذلك في فلسطين ولبنان والسودان والصومال وصولاً إلى سورية ، على الرغم من أن هنالك أتفاق دولي على عدم مشروعية التدخل في سوريا وفقًا لمبادئ القانون الدولي ، وتدخل القوى الغربية في سوريا سواء بطرق مباشرة أو عن طريق دعم المسلحين الإرهابيين أو الأدوات العربية وغيرها أفراداً ودول يعد إخلالا بميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على عدم جواز استخدام القوة المسلحة إلا في حالة الدفاع الفردي أو الجماعي عن النفس بناء على موافقة أو تفويض من مجلس الأمن، وهذا لم يحدث ولن يحدث ، وتجدهم يدعمون الإرهاب بكافة الأشكال !
ماذا تريدون بالضبط ؟ هل تريدون معاقبة الأسد ؟ أم أضعاف الجيش العربي السوري ؟ أم أنكم تسعون إلى تمكين القاعدة والجماعات الإسلامية من السيطرة على أجزاء من سورية ؟ وهل هذا في صالح استمرارية إسرائيل ، والتي من المفترض أنها و بعد انتهاء اتفاقية سايكس- بيكو تبحث عن آلية جديدة تعيد لها إعادة التموضع السلمي في المنطقة ، أم أنكم تريدونها حرب مفتوحة تغرق أمريكا في الظلام قرن من الزمن القادم ، هنالك ما يقال وهنالك ما لا يقال وأنتم أعلم بذلك ، لكن الغريب ذلك الغباء العربي الذي ما زال يعبث بنار النووي التي من الممكن أن تحرق دول عظمى فكيف بحال دول ستذهب حتماً فرق عمله ؟! وإزاء ذلك لا نقول إلا ( أتبصر في العين مني القذى وفى عينيك الجذع لا تُبصرُ ).
هذا هو حال الدول العربية الغبية التي تنشد الديمقراطية في سورية وشعبها يحرم من أبسط الحقوق المالية والاجتماعية والتعليمية والمدنية والإنسانية عموماً، ولا يكاد يجد المواطن بتلك الدول أبجديات الأمن الإنساني في دولته التي لا تتقن إلا نهب المواطنين المحكوم عليهم العمل بالسخرة لخدمة عصابات الفساد والإفساد !
أكثر من ثلاثة أعوام مضت على الأزمة السورية وما زالت الدولة متماسكة بجميع عناصرها الاجتماعية والجغرافية والمؤسسية والعسكرية والأمنية ، والرئيس السوري لم يترك موقعة منذ بداية الأزمة إلى الآن، وما زال صامداً متوازناً ، إلى درجة أستطيع القول فيها أنه يفرض توازنه على التوازنات الإقليمية والدولية التي يبدو أنها سترضخ في النهاية لإرادة الشعب السوري العظيم ، الشعب الذي يشهد التأريخ ببطولاته ضد الاستعمار الغربي ، واليوم يسطر لنا معاني الاستقلال من خلال هذه الانتخابات الرئاسية في الوقت الذي تتعرض فيه سورية إلى أبشع هجمة إمبريالية تنفذ عبر أدوات للأسف عربية وإسلامية ، نتحدث عن الشعب الذي يخوض أخطر الحروب دون أن يقترض دولاراً واحداً أو يحمل خزينة الدولة مديونية ، وفي المقابل هنالك دول تحمل شعبها المليارات التي سرقها فاسدين ومفسدين ، فكيف لو تعرضت بلادهم لمثل هذه الحرب الكونية التي تتعرض لها سورية العروبة ؟
شعب وأي شعب هذا الذي لم يترك بلاده للتوازنات الدولية الغبية المجنونة والمنفلتة عقالها ومن أبسط أنواع التعقل ، في حين أن دولة مثل أوكرانيا ، رأينا ماذا حدث فيها خلال أيام والنتيجة إقرار واقع التقسيم الدولي !
أعود وأتساءل : ترى ما الذي يزعج أمريكا في سورية ؟ وللإجابة على هذا السؤال نقول: هنالك أكثر من سبب إلا أن السبب الأساسي يكمن في وظيفة النظام السوري وليس في بنيته، وهذا يطرح علينا سؤال أخرى وهو : ماذا فعلت سورية ترى تجاه هذا الأمر ؟ قامت بانقلاب على بنية النظام القديم ، واستبدلته بنظام أحدث من النظم الغربية التي تحكم الآن في الغرب المسعور بجنون الأمريكان ، وهذا التغير أذهل الغرب وجعل أمريكا تفقد أعصابها وتبدو كالمجنون الفاقد لعقلة ، الذي يتخبط يسرة ويمنة دون أن يعي ماذا يفعل وإلى أين يسير ، إلى درجة أن الإدارة الأمريكية وصلت لحد إصدار التصريح ونقيضه في الساعة ذاتها !
وضمن هذا السياق يأتي التساؤل البديهي : هل من بين الدول العربية من هم في منزلة النظام السياسي في سورية ؟ والإجابة بالطبع لا يوجد لأن النظام السياسي في سورية أصبح نظام شبه رئاسي، ومعمول بهذا النظام في روسيا وفرنسا وكان للرئيس الفرنسي في الخمسينيات والستينيات الجنرال شارل ديغول الفضل في تطوير هذا النظام عبر دستور «الجمهورية الخامسة» عام 1958، وطرأت عليه تعديلات إلا أن المرتكزات والمعايير الأساسية بقيت ثابتة ، في حين أن كافة المعايير الأساسية تنطبق على النظام السوري الحالي، ومن أهم هذه المعايير (المرتكزات) كما جاءت في كتاب «مبادئ علم السياسة المقارن» لباتريك أونيل أستاذ العلوم السياسية في جامعة تاكوما الأمريكية: أن يخضع رئيس الوزراء لرقابة كل من الهيئة التشريعية (البرلمان) ورئيس الجمهورية، وأن يمتلك رئيس الجمهورية سلطة مستقلة عن البرلمان، وأن يرسم رئيس الجمهورية الأفكار والسياسات، حيث تحولها الحكومة (مجلس الوزراء) إلى مشاريع قوانين تُعرض على البرلمان وسياسات تنفيذية في الواقع (ص192) .
والمهم لدينا أن السياسة الخارجية في روسيا وفرنسا من صلاحيات الرئيس تماماً، وأن الخطوط العريضة للسياسات الداخلية يرسمها الرئيس بشكل عام ، بينما الوضع في سوري مختلف إلى درجة نستطيع أن نزعم أنه أكثر تطوراً ومرونة ، ويتضح ذلك في عدة مفاصل من بينها أن المادة /9/ من الدستور الفرنسي تؤكد أن رئيس الجمهورية هو رئيس الحكومة عملياً، بينما في الدستور السوري نجد أن أمر الحكومة متروك لرئيس الحكومة الذي تم تسميته من منطلق إعطاء الحكومة نوعاً من الاستقلالية،وتقول المادة الثامنة والتسعون من هذا الدستور إن «رئيس الجمهورية يضع في اجتماع مع مجلس الوزراء برئاسته السياسة العامة للدولة ويشرف على تنفيذها،والخلاصة أن الدستور الفرنسي أعطى لرئيس الجمهورية صلاحيات أكثر من التي أعطاها الدستور السوري لرئيس الجمهورية ! فبالله عليكم أي الدستورين أكثر ديمقراطية ؟ سؤال برسم الفلسفة الغربية والتشدق الأعمى ، وقد ثبت للعالم أجمع أن الغرب إرهابي وراعي للإرهاب العالمي ، وما دام الأمر على هذا النحو فضمن أي الاعتبارات يمكن تفسير التدخل العربي في سورية سواء المباشر أو غير المباشر ، علماً بأن دعم الإرهابيين وإرسالهم إلى دولة مسالمة يأتي ضمن معايير الدعم المباشر !
وإذا عدنا إلى القانون الدولي العام نجد أن مشروعية الدفاع عن النفس منصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، ونجد كذلك أن التعريف يبين لنا بوضوح ذلك العدوان الذي لا تعترف فيه الدول الصانعة له دولياً وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل ، عدوان بحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ويقر في التعريف العدوان : بأنه استخدام القوة المسلحة ضد دولة أخرى والمساس في وحدة الأراضي أو الاستقلال ، وعلى الرغم من هذا تجد أمريكا ومن يدور في فلكها الشيطاني متسعاً من الوقت للحديث عن الثورة ، أي ثورة تلك التي يجند لها مئات الآف من المرتزقة الإرهابيين الذين لا يعرفون شيئا عن سورية ؟!! ومع ذلك تتجمد فاعلية القانون الدولي عملياً لأن دول العالم الثالث ليست متساوية مع الدول الكبرى قانونياً ، ويزداد التعقيد الدولي من خلال الاعتقاد الغربي الخاطئ الذي يتلخص في أن تدمير القوة السورية وتغيير النظام السوري، هو المفتاح الأساسي الذي يمكن من خلاله قلب البيئة الإستراتيجية في الشرق الأوسط ، لتأمين حماية إسرائيل والنفط العربي ، ونهب المنطقة لعقود قادمة ، من هنا جاءت فكرة توظيف الدول العربية التي تدور في الفلك الأمريكي ـ الإسرائيلي ، لفرض تسوية تضمن هيمنة إسرائيل و لإقامة منظومة من العلاقات الإقليمية تضمن الهيمنة الاقتصادية والأمنية والسياسية للقوى الصهيوأمريكية ،إذن كامل القضية تكمن في إخضاع سورية لشروط التسوية الإسرائيلية في المنطقة ، وإذا ما تم التحقق من ذلك يمكن الدخول على لبنان وتدمير المقاومة اللبنانية ونزع سلاحها ، مهما كانت الخسائر ، سيما وأن كل شيء سيكون مسخر للحرب على لبنان الذي يستحيل الوصول إليه قبل التسوية مع سورية ، وهنا لن يتوقف الأمر على الإرهابيين والمجموعات المسلحة لأن المحكمة الدولية ستدخل على الخط لإعادة طرح القرار 1701 والقرار 1559 الجاهزين للتحريك في ضوء تبدل التوازنات الناجمة عن أي أتفاق مع سورية !
ضمن هذه المتدخلات نستطيع الحديث عن الخرق القانوني والإنساني المباشر في سورية من قبل الدول العربي المجندة لصالح الغرب، هذه الدول التي ستذهب فرق عملة في التقسيم الجديد ، ولكن كيف ؟ علينا أن نعي جيداً أن جوهر الصراع الدائر في المنطقة بأسرها- منذ أن اندلعت ثورات ما يسمى الربيع العربي في العام 2011 وإلى يومنا هذا ، ما هي في حقيقة الأمر إلا ثورات زائفة صبّت في النهاية لصالح التكفيرية والسلفية وليس في صالح الديمقراطية والإنسانية والأمن الإنساني الذي أصبح مباح في عرف القوى الصهيوأمريكية ، وهنالك أمر غاية في الخطورة ولا يعلمه إلا القليل وهو : أننا نعيش اليوم عام 2014 العام الذي ينتهي فيه المفعول القانوني والسياسي لما يعرف باتفاقية سايكس- بيكو التي قسمت الوطن العربي ( والشرق المسلم ) ، والعمر القانوني لهذه الاتفاقية الاستعمارية بحسب الوثائق هو 100 عام فقط ، وإلا كيف تجد الأدوات الغربية التي ترتدي الزى الإسلامي يزداد جنونها يوماً بعد يوم ، لا يوجد لا لأمريكا ولا لأي دولة غربية بعد اليوم أي صفة قانونية في المنطقة ، وسورية التي كانت وما زالت في قلب الصراع القديم الجديد تعود- لسوء الطالع- من جديد لتصبح في قلب ذلك الصراع الذي لن يتوقف إلا عند ضربات المقاومة الحقيقية ، إضافة إلى أنه من المبكر جداً الحديث عن سايكس بيكو جديد متفق عليه دولياً لأن هنالك صعود لروسيا والصين- بشكل اخص-ودول البريكس. ومن الطبيعي في أجواء من هذا النوع، أن تتجه علاقات القوة الدولية نحو نوع من الاستقطاب لإعادة صياغة نظام عالمي جديد، ينتقل من القطبية الأحادية إلى نظام متعدد الأقطاب، وإذا ما تم ذلك فإن دول اختارت التدخل المباشر في سورية ، ستذهب حتماً فرق عملة في التقسيم الإقليمي الجديد الناجم عن التعدد القطبي القادم لا محالة . خادم الإنسانية . مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .
تعليقات القراء
بالمناسبة هددت الدولة الإسلامية في العراق والشام بنقل الحرب ضد جبهة “النصرة” إلى الكويت والمملكة العربية السعودية بعد كشف السعودية اعتقال تنظيم تابع لها واعتقال مجموعة من أعضائه ..
وأشارت الخارجية السورية في بيان أن ألمانيا طرفا فيما تعانيه سوريا من خلال دعم وتمويل وتسليح المجموعات الارهابية بهدف تدمير سوريا وشعبها والنيل من القرار الوطني.
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
الإصلاح السياسي في سورية بلغ ذروته من خلال هذا الانتقال الدستوري عبر التعديلات التي جعلت النظام السياسي السوري متقدم حتى عن الدول الغربية ، وعدم المشاركة في الانتخابات ينم عن "قلة خبرة سياسية وسذاجة غير مبررة ، وأتصور أن الانتخابات السورية في ظل هذا المناخ السياسي الداخلي تؤسس لتحولات كبرى في بنية الدولة ونظامها السياسي اعتماداً على ممارسة السلطة عبر الاقتراع وتحديد أحجام القوى الاجتماعية والسياسية وفاعليتها ، ومن شأنها أن تنقل كامل المنطقة إلى الديمقراطية الحقيقية والدولية بدلاً من ممارسة شكلية الديمقراطية وفتات ما تجود يه أيدي الزعامات التابعة للغرب المستعمر .