عون الخصاونة : محكمة لاهاي أضاعت فرصة ذهبية لاحلال السلام في السودان من خلال حكمها الذي أصدرته الاربعاء


جراسا -

قال قاضٍ عربي شارك في التحكيم الخاص بقضية اقليم "ابيي" الغني بالنفط المتنازع عليه بين شمال السودان وجنوبه ان "المحكمة ضيعت فرصة ذهبية ونادرة للمساعدة في احلال السلام" في السودان.

وعلل القاضي "قراره المخالف" الذي يأتي مناقضاً لقرار القضاة الاربعة الآخرين الذين شاركوا في التحكيم بأن "الحل الوسط الذي توصلت اليه (المحكمة) لم يأخذ بعين الاعتبار حقوق المسيرية وقد يؤدي اذا ما حددت الحدود وأصبحت فيما بعد حدوداً دولية اذا ما انفصل السودان الى حرمانهم حتى من حقوق الرعي التي تقوم عليها حياتهم منذ أكثر من قرنين من الزمان".

ووصف القاضي الدكتور عون الخصاونة في بيان صحافي حصلت "القدس العربي" على نسخة منه الحكم الذي أصدرته المحكمة في شأن اقليم ابيي بأنه "أوهى من بيت العنكبوت". واعتبر أنه "يفتقر الى الدقة في تحديد الحدود الذي يمكن أن تقبل به أي دولة وهو صفعة لعلم تحديد الحدود".

وكانت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي أصدرت الاربعاء حكماً نهائياً قضى بتقليص مساحة منطقة ابيي الغنية بالنفط، وبالتالي منح الخرطوم السيطرة على الحقول النفطية، في قرار اكد طرفا النزاع أي حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان (التمرد الجنوبي السابق)، قبولهما به.وكان القاضي الخصاونة، وهو أردني الاصل والعربي الوحيد في هيئة التحكيم، أصدر قراره المخالف في سبعين صفحة واستند فيه الى أسبابٍ عدة منها أن المحكمة ارتكزت في قرارها الى "عدة افتراضات غير مقبولة منها أن للنقوق دنكا (احدى القبيلتين طرفي النزاع) حقوقاً أساسية ولقبائل المسيرية (الطرف الآخر في النزاع) حقوق ثانوية فقط في منطقة ابيي". وقال القاضي: "ان هذه الفكرة لا أساس لها في القانون ولا في الاعراف القبلية التي سادت في كردفان ولا تدعمها الوقائع وأنها ستؤدي الى جعل المسيرية سكاناً من الطبقة الثانية في بلادهم".

وتابع القاضي في بيانه: " ان الخبراء أعطوا مساحات شاسعة من الاراضي التي لم يكن للدنكا فيها وجود لا في عام 1905 ولا حتى في عام 1965 والذي شهد أكبر انتشار لهم نحو الشمال. وهي في الواقع أراض لقبيلة الحمر المسيرية". واعتبر أن "قرار المحكمة هو في الحقيقة مزيج متناقض بين رغبة الاكثرية (القضاة الاربعة الآخرين) في تحصين تقرير الخبراء من الطعن به من جهة ومن جهة أخرى رغبتهم في الوصول الى حل وسط يعطي للسودان بعضاً من حقوقه في النفط ولكنه لا يأخذ في الاعتبار حقوق القبائل العربية في جنوب كردفان". وتجدر الاشارة هنا الى أن التحكيم استند الى "تقرير الخبراء" الذي لفت اليه القاضي واعترض عليه أيضاً بالقول "ان خبراء لجنة تحديد حدود منطقة ابيي كان لهم مرجعية واضحة وسؤال محدد وهو أن يحددوا منطقة مشايخ الدنكا التسعة (نكوك) التي أضيفت الى كردفان عام 1905 وليس تحديد أين كانت قبيلة الدنكا موجودة في ذلك العام وهو سؤال مختلف".

وسجل القاضي في هذا الخصوص اعتراضاً مفاده أن الخبراء كان يتعين عليهم أن يطلبوا توضيحاً من الطرفين ان كانوا في شك من حدود مرجعيتهم لا أن يستغلوا ذلك الغموض ليتبنوا مرجعيتهم، لافتاً الى أن تلك "المرجعية الجديدة" التي تبناها الخبراء استندت على "الافتراضات غير المقبولة" التي سبق ذكرها. كما شكك القاضي أيضاً في فكرة اعتماد الخبراء الى درجة كبيرة في تقدير الوقائع "نظراً لما أثير حول عدم حيادية الخبراء والذي لا يؤهلهم لكي يكونوا الطرف الافضل لتقدير الوقائع". ولفت القاضي أيضاً الى أن الترسيم الذي قامت به المحكمة "مبني على تفسير مغالط لآراء الموظف البريطاني هاول (1951)". ويحاجج الخصاونة أيضاً بأن تحليله لكل الوثائق والشهادات يثبت بأن "الدنكا (النقوق) كانوا حوالي سنة 1905 في منطقة صغيرة محصورة بين بحر العرب ورقبة ام بيرو".

كما اعتبر القاضي في بيانه أن المحكمة تجاوزت صلاحياتها معللاً ذلك بالقول: "ان تفويضها (المحكمة) لم يخولها الابطال الجزئي لتقرير الخبراء فاما أن يتم تبنيه بالكامل أو رفضه بالكامل ثم المباشرة بأن تقوم المحكمة نفسها بتحديد الحدود على أساس المرافعات"، معتبراً أن المحكمة "قامت بمحاولة ايجاد حل وسط وهو ليس عمل المحاكم أصلاً"، الامر الذي قاد الى أن "حطمت (المحكمة) بنفسها الاساس المنطقي الذي قام عليه تعليلها لتقرير لجنة الخبراء بينما لم تستطع أن تصل الى حل وسط عادل يرضي الفرقاء المعنيين".

وشدد الخصاونة على أن الفريقين المتنازعين ليسا حكومة السودان وحركة تحرير السودان فقط، وانما أيضاً قبائل النقوق دنكا والمسيرية أيضاً .



تعليقات القراء

صبحى
شكرا
24-07-2009 12:56 PM
الزعبي
رائع انته يا دكتور , وافكارك سليمه جدا
عقبال نشوفك رئيس وزراءنا
** محمد الزعبي**
02-08-2009 06:17 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات