قمرنا شيء اخر!!


الحدث عظيم, ولكن الصورة الواقعية صدمتنا, لان قمرنا شيء اخر... قمرنا يقف على الابواب ويطل من النوافذ ونغني له ونتقاسمه مع الاحباب.

لقد اختلف التوقيت في انحاء المعمورة مع التوقيت المحلي للقمر, ولكنها كانت ليلة صيفية صافية وهادئة يسودها الترقب والقلق, عندما هبط الرائد الفضائي الامريكي نيل ارمسترونغ على الكوكب البعيد القريب كأول انسان تطأ قدمه سطح القمر وليعلن : انها خطوة صغيرة بالنسبة لانسان ولكنها قفزة عملاقة للانسانية!!..

كنت بين من تابعوا حدث القرن العشرين شغفا بالمعرفة واهتماما مهنيا وشاهدت عملية الهبوط وخطوات ارمسترونغ لحظة بلحظة وبوقتها المعلن وشعرت بشيء من الدهشة المستفزة مبعثها ثقافتنا التراثية والروحية ونظرتنا التقليدية الشاعرية والرومانسية للقمر الذي غزاه الامريكيون الذي يشكل رمزا من رموز تراثنا وحكاياتنا المتوارثة واغاني عشقنا حيث شبهنا وجه الحبيبة بالقمر الجميل وهو موضوع قصائدنا وملهم الشعراء وملهب الخيال في نظم اروع قصائد الحب في شعرنا العربي, وهو محور حروفنا القمرية وتوقيتنا القمري, فنحن ننتظره دائما ونرصده دوما فقمرنا شيء اخر!!.

القمر يدور حول الارض ونحن كنا ندور حوله, لذلك, امتعضنا عندما هبط فوقه رواد الفضاء الامريكيون, واعتبره البعض زلزالا ضرب خيالهم ووعيهم ورفض كثيرون التسليم بنظرية الهبوط على ذلك السطح المتجعد القاحل للقمر الذي شكله يختلف عن وجه القمر الذي يعيش في المخيلة العربية لذلك نسج البعض قصصا حول »الاكذوبة القمرية الامريكية« وقالوا ان التصوير تم في صحراء نيفادا او في استوديوهات هوليوود واصروا على انه فيلم امريكي وهمي »خيال علمي« وقد عزز هذه الاعتقادات ذلك الكتاب الذي نشره المهندس الامريكي من »نيوجيرسي« رالف ريني حيث حاول اثبات »الاكذوبة الامريكية« التي بدأت الادارات المتعاقبة بنسجها بداية من عهد جون كنيدي في معركة السباق الى الفضاء فرضتها عليهم رحلة الرائد السوفييتي يوري غاغارين الى الفضاء في العام 1961 ..

وهنا لا نريد الدخول في هذا الجدل العقيم في مناسبة الذكرى الاربعين لاهم حدث علمي في القرن العشرين,ولكن اريد ان اقول انهم استطاعوا غزو القمر ولكنهم لم ولن ينجحوا في غزو قلوبنا فاذا كنا نعترف ان الهبوط على سطح القمر حدث علمي بالغ الاهمية, وكما وصفه نيل ارمسترونغ بانه قفزة عملاقة للانسانية, الا ان الولايات المتحدة التي غزت الفضاء وأعدت نفسها لحرب النجوم لم تنجح في تحقيق شيء من العدالة في تعاملها مع الشعوب المستضعفة.

ولم تشارك في الحفاظ على بيئة الكوكب العامر بسكانه ولا الحفاظ على سلامته او المشاركة في حل مشكلاته المستعصية خصوصا في مكافحة الامراض التي لا تزال تفتك بالشعب الامريكي مثل السرطان والايدز وانفلونزا الخنازير او معالجة ازمة السلم العالمي, ومكافحة الجوع والبطالة بنزاهة!!

الولايات المتحدة لا تزال تتطلع الى الاعلى, الى الفضاء تبحث عن جديد المعرفة, وربما انها آمنت بالحكمة التي قالها الفيلسوف نيتشه الذي قال: »طالما شعرت بان النجوم تعلوك فانت لا تزال تفتقر الى نظرة العارف«... ولكن هناك قوله الاخر.

»من يتطلع الى الاعلى دائما يسقط في اول حفرة تواجهه«..

فالولايات المتحدة التي حاولت احتلال القمر يجب ان تهتم بشؤون الحياة على الارض غير احتلالها بالسطوة والجبروت, يجب ان لا تصعد عاليا جدا لان العالم هو الاجمل.


Kawash.m@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات